ترجمات عبرية

زلمان شوفال / قبل الصفقة

معاريف – بقلم  زلمان شوفال (سفير اسرائيل الأسبق في واشنطن)- 29/5/2018

ثمة من يسألون، منهم من يسأل بقلق وآخرون من يسأل بشماتة – اذا كان من المتوقع بعد الجزرة التي تلقتها اسرائيل مع نقل السفارة الامريكية الى القدس ان نضرب الان بعصا غليظة في الموضوع الفلسطيني؟ الجواب هو لا هذا ولا ذاك – بمعنى، لا ينبغي أن نرى في نقل السفارة جزرة سياسية هدفها تهيئة التربة لايقاع اجراءات سياسية على اسرائيل لا تروق لها، مثاب المقدمة للعصا التي على الطريق.

ترامب والناطقون بلسانه وان كانوا اجتهدوا للاقناع بان نقل السفارة سيدفع الى الامام باحتمالات السلام الاسرائيلي – الفلسطيني وربما يؤمنون بذلك حقا، بينما جوقة الرافضين العادية لمعارضيه الفلسطينيين، الاتحاد الاوروبي، وبالطبع الناطقون الفلسطينيون المختلفون، ولا ننسى محب السلام المعروف، اردوغان، وصفوا ذلك بانه ضربة قاضية للسلام. اما الحقيقة البسيطة فهي انه بفعل نقل السفارة من تل ابيب الى مبنى القنصلية الامريكية، الذي كان من قبل في المكان في غربي القدس، فلا توجد أي صلة، لا ايجابا ولا سلبا، بموضوع السلام العالق وسيبقى عالقا؛ في الوضع الذي لا يكون فيه الفلسطينيون مستعدين او قادرين على التخلي عن حق العودة، الذي يعني تحققه قرار اعدام لاسرائيل، او الاعتراف الايديولوجي او حتى التصريحي بحق الشعب اليهودي في دولة في أي قسم من “فلسطين” (ولا حتى بمجرد وجود شعب يهودي) – على أي حال لا توجد الشروط الاكثر اساسية للسلام.

في وسائل الاعلام انتشرت مؤخرا انباء اخرى عن صفقة القرن للرئيس ترامب والتي يزعم انها ستعرض على الطرفين في نهاية فترة رمضان وان من يعملون على اعدادها “بدأوا منذ الان يتحدثون عنها مع حلفاء الولايات المتحدة”. حاليا لم تتسرب تفاصيل اخرى، ولكن ينبغي الافتراض بانه لن يمر وقت طويل قبل أن تكون كهذه. ولكن حتى دون أن نعرف التفاصيل، فلن يكون رهانا متطرفا التخمين بان حتى هذه الخطة، مثل سابقاتها منذ 1937، والتي كانت كلها تقوم على هذا الشكل او ذاك من الحل الوسط بين الطرفين، سيرفضها هذه المرة ايضا الزعماء الفلسطينيين، ولذات الاسباب التي ذكرت اعلاه. حتى المتفرغون الفلسطينيون يفهمون هذا، وكي لا يعلقوا في جدالات زائدة ومطالبات بحلول وسط فانهم يتخذون تكتيك الحرد والانقطاع المطلق عن واشنطن، ونقل السفارة الامريكية الى القدس يستخدموه كذخيرة وقعت في ايديهم لتوها من هذه الناحية.

كما أن الهجمة الارهابية قرب جدار الفصل في غزة، رغم الخصومة بين السلطة الفلسطينية وحماس، تخدم الهدف من هذه الناحية: فليس فقط نداء المعركة للمهاجمين على الجدار كان “مسيرة العودة”، الشعار الذي يناسب اهداف السلطة الفلسطينية، بل ان الاحداث هنا التي جاءت في موعد نقل السفارة اعادت الموضوع الفلسطيني الى بؤرة الاهتمام الاعلامي والسياسي، وعنوان “مذبحة السفارة” في وسائل الاعلام العالمية هو دليل على ذلك. ليس هنا البحث في ضعف الاعلام الاسرائيلي، ولكن هذه المسألة تستوجب بحثا عاجلا.

ولكن اذا عدنا الى خطة السلام المقتربة (ربما) فان السياسة الاسرائيلية التي سجلت في الاونة الاخيرة لنفسها انجازات هامة، سيتعين عليها أن تكون جاهزة لكل احتمال خوف من أن تتحقق النبوءة في أن نقل السفارة الامريكية لم يكن سوى جزرة تمهد للعصي التي على الطريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى