ترجمات عبرية

زلمان شوفال – تهديد حقيقي ومتعاظم

معاريف – مقال – 28/11/2018

بقلم: زلمان شوفال

للرؤساء الامريكيين أحيانا ميول للاستباق والاعلان عن النصر حتى عندما لا يكون شيء كهذا. هكذا الرئيس جورج دبليو بوش حين ارتدى سترة الطيارين وأعلن عن أن “المهامة انتهت”، وذلك فقط كي يغرق في الغداة عميقا عميقا في الوحل العراقي، وهكذا الرئيس ترامب في خطابه للامة في كانون الثاني 2018 حين اعلن عن النصر على داعش.

نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الاعتباري في واشنطن، وهو مركز ابحاث لا يتماثل مع أي طرف في السياسة الامريكية، نشر هذه الايام بحثا يقول ان عدد الارهابيين السنة النشطاء في العالم اليوم، ولا سيما من داعش والقاعدة، اكبر اربعة اضعاف من عددهم عشية عمليات 11 ايلول 2001 ضد البرجين التوأمين.

وحسب البحث فان نحو 230 الف ارهابي جهاد يتوزعون في ارجاء مختلفة من العالم، معظمهم في افغانستان، في الباكستان، في سوريا وفي غرب افريقيا. وكدليل في السبت الماضي مثلا، وقعت في مالي معارك بين قوات الجيش الفرنسي ورجال القاعدة قتل فيها 30 ارهابيا. ومع أن المنطقة الجغرافية التي تقع تحت سيطرة هذه المنظمات ضاقت ولم يتبق من تنظيم الدولة الاسلامية الا بضع جزر قليلة، الا ان الغرب، أي الولايات المتحدة وحلفاءها، لم ينجح في ان يتصدى كما ينبغي للتحديات الايديولوجية والعملية التي تطرحها هذه التنظيمات عليه ولنجاحاتها في تجنيد المقدرات والمتطوعين الجدد الى صفوفها. كلما ضربت في ميدان المعركة في سوريا، في العراق وفي اماكن اخرى، ازداد عدد افرادها، وتكيفت اساليب عملها مع الواقع الجدي، واحدها هو امس بالمواطنين المطمئنين، بمن فيهم الامريكيون، سواء في الولايات المتحدة أم خارج حدودها.

فصل آخر في البحث يشير الى تقدم كبير حصل في استخدام الارهابيين للوسائل المساعدة التكنولوجية المتطورة، بما في ذلك الحوامات المسلحة، الحواسيب ووسائل الاتصال المشفرة ضد اساليب القتال العسكرية التقليدية للحلفاء. من هنا ينتقل البحث الى الاثار والاستنتاجات الاوسع، واضافة الى التوصية لتسريع وتحسين اعادة تأهيل المواطنين الذين تحرروا من حكم داعش في سوريا والعراق. ويحذر البحث من ان نية ادارة ترامب تقليص التواجد العسكري الامريكي في الشرق الاوسط وفي افريقيا تمنح تفوقا هاما للمنظمات الجهادية. من هذه الناحية، هناك تواز معين بين الرئيس اوباما الذي نقل مركز الثقل من الشرق اوسط الى جنوب شرق آسيا ممن سهل دخول روسيا وايران الى الشرق الاوسط – وبين ترامب الذي من شأن نيته تقليص التواجد العسكري في الشرق الاوسط ان تساعد على اعادة بناء قوة الارهاب.

المعهد المذكور ليس هيئة البحث الوحيدة التي عنيت مؤخرا بتهديد الارهاب الاسلامي، ومؤسسة بحثية مهنية اخرى توجد في نيويورك تقول انه رغم بعض النجاحات، فان نتائج الصراع ضد الارهاب مختلطة في اقصى الاحوال بل ان رئيس اركان الولايات المتحدة، الجنرال جوزيف دانفورد اعترف امام مؤتمر الامن الذي انعقد الاسبوع الماضي في كندا بان الصراع ضد منظمات الارهاب بعيد عن النهاية. وتركز البحوث آنفة الذكر على تهديد الارهاب الاسلامي السني مثل داعش، القاعدة وفروعهما، ولا تتناول الارهاب الشيعي بتوجيه وتعليمات من ايران – حتى وان كان هناك تضارب بين الطرفين من ناحية دينية وغيرها، فانهما يسعيان الى سيطرة الاسلام على العالم، كل في صيغته. وبالمناسبة، رغم التناقضات فيما بينهما، في موضوع غزة مثلا يتعاونان. والارهاب الشيعي بالذات سيكون أسهل القضاء عليه اذا ما قطع رأس الافعى في طهران، لانه اكثر تأطيرا ويعمل بقدر أقل في مبادرات واداءات مهنية من الارهاب السني.

لقد درج الرئيس السابق اوباما على الاستخفاف بخطر الارهاب بل وتحفظ من اسم “الحرب ضد الارهاب”، مشيرا الى قلة العمليات في امريكا. اما ترامب في المقابل، فيرى بالتأكيد في الارهاب تهديدا على نمط حياة مواطني الولايات  المتحدة، ولكنه لا يحرص احيانا بما يكفي على الحدود بين الموقف الموضوعي من الموضوع وجوانبه السياسية. يعمل هذا الامر في صالح الارهابيين، الذي تهديدهم حقيقي بالفعل ومتعاظم: كما اسلفنا، 230 الف جهادي ينتشرون في ارجال المعمورة هم حقيقة لا يمكن الاستخفاف بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى