ترجمات عبرية

رون بن يشاي / روسيا إلى جانب إسرائيل؟

يديعوت احرونوت – بقلم رون بن يشاي – 29/5/2018

التدخل العسكري في سوريا هو المشروع الأهم والأنجح للرئيس فلاديمير بوتين على الساحة الدولية في العقد الحالي، روسيا ارتقت درجة في موقفها كقوة عالمية عظمى رائدة في الشرق الأوسط، وأزاحت الولايات المتحدة من موقف النفوذ الاستثنائي الذي تمتلكه في المنطقة.

الآن، يريد بوتين أن يبلغ الحد الأقصى في إنجازاته من خلال تحقيق مزايا اقتصادية من إعمار سوريا التي دمّرت في الحرب الأهلية، كما يريد أن يخرج قسمًا كبيرًا من قواته لكي يقلل من النفقات، لكن ولكي يحقق هذا كله فإن روسيا بحاجة إلى أمرين: جعل الأسد يسيطر على كل الأراضي السورية بشكل عسكري وإداري، والتوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الحرب الأهلية ويسمح بتطوير المشاريع الاقتصادية وترميم جيش النظام. إذا نجح سيحظى بوتين بإنجاز دولي، وبهيبة استثنائية ربما تغطي على الإنجاز الأمريكي الذي حدث عند الشروع بالمفاوضات مع كوريا الشمالية.

هذا كله مهم من أجل فهم “لماذا تبدو روسيا معنية الآن بمنع وقوع المواجهة بين إسرائيل وإيران ونظام الأسد وحزب الله على أرض سوريا”، وأيضًا “لماذا يبدو ان روسيا تقف في ظاهر الأمر إلى جانب إسرائيل في طلبها بأن تخرج القوات الأجنبية من سوريا؟”، بوتين لا يقوم بذلك حبًا في نتنياهو، وليس حبًا في إسرائيل؛ وإنما لأن إيران الآن تزعجه في تصميم الأوضاع في سوريا، وتحاول منافسته في المشاريع الاقتصادية ومشاريع النفط والغاز والفوسفات، والتي تأمل روسيا أن تجني منها المليارات (مشاريع ينافسه فيها نظام الأسد أيضًا).

لكن عدا عن المنافسة الاقتصادية الإيرانية للروس، فإن المواجهة بين الجيش الإسرائيلي وبين الحرس الثوري الذي يحاول التمركز في سوريا وتدشين جبهة ضد إسرائيل فيها تهدد أي اتفاق محتمل في سوريا. وأكثر من ذلك: المواجهة على الأرض السورية من شأنها أن تؤدي إلى انهيار نظام الأسد، الذي اضطر لأن يقدم غطاءً للإيرانيين في قواعده العسكرية وأجزته الأمنية، في الوقت الذي ينجح فيه الأسد – بمساعدة من الروس – في السيطرة وبنمط سريع على قطع أخرى من بلاده.

الروس معنيون بالدرجة الأولى بالحفاظ على نظام الأسد، لأنه يوفر الشرعية لاستمرار تدخلهم العميق في جميع مناحي الحياة في سوريا. بفضل الأسد، الروس هم “المدراء” في سوريا، ولديهم إمكانية الوصول إلى الحوض الشرقي من البحر المتوسط، مع ذلك فالأسد لا يستطيع ان يقول “لا” للإيرانيين المتمسكين به ويطلبون منه أن يحوّل أرضه إلى منصة لإطلاق الصواريخ والارهاب ضد إسرائيل، وقاعدة لوجستية لحزب الله في لبنان، الإيرانيون يطلبون من الأسد امتيازات اقتصادية هو والروس غير مستعدين لأن يعطوها لهم.

تجدر الإشارة إلى انه بفضل المساعدة الجوية الروسية، وبفضل التدخل الروسي في تحقيق اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية والإقليمية؛ يسيطر الأسد الآن على حوالي 70% من سوريا. بوتين الآن ليس بحاجة إلى الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية، وهو يحتاج بشكل أقل إلى حزب الله من أجل تنفيذ هجمات برية على الأرض.

الجيش السوري الذي سلحه الروس وعززوا قوته يتدبر أمره الآن بشكل أفضل، وهذا سبب آخر لأن يفضل بوتين الجانب الأقوى (إسرائيل) في حال اضطر إلى الاختيار بين التمركز الإيراني وبين المواجهة مع إسرائيل، الجيش الإسرائيلي أثبت منذ بداية 2018 أنه هو فتوة الحي الأقوى، والآن الإيرانيون غير قادرين على مواجهته بنجاح. إضافة إلى ذلك، الجيش الإسرائيلي متردد في المساس بالأسد في القواعد التي يعطيها للإيرانيين، وإذا حاولت المنظومات الدفاعية السورية المساس بطائرات سلاح الجو فإنه سيتكبد خسائر كبيرة، نصف منظومة بطاريات اعتراض الطائرات والصواريخ السورية الآن غير موجودة، وإذا استمرت المواجهة بين إسرائيل وإيران على الأرض السورية فقد يفقد الأسد السيطرة على أجزاء من أرضه والقدرة على السيطرة على أجزاء أخرى؛ لذلك فالروس يطالبون بخروج القوات الأجنبية من سوريا، بما في ذلك القوات التركية التي اقتصت منطقة واسعة في شمال شرق سوريا من الدولة السورية من أجل محاربة الأكراد.

روسيا أرادت أن يسيطر الأسد على سوريا، وإيران والميليشيات وحزب الله يزعجونها؛ لذلك فهم يطالبون الإيرانيين بالخروج من سوريا وتمكين الأسد من جني الثمار، لكن الروس يريدون أيضًا ان يستغلون العلاقة الجيدة التي أوجدت مع إسرائيل من أجل تمكين الأسد من احتلال هضبة الجولان السورية من دون معارضة، وكذلك جنوب سوريا، بما في ذلك بلدة درعا على الحدود الأردنية؛ هذا هو السبب الذي من أجله دعا وزير الدفاع الروسي وزير الأمن أفيغدور ليبرمان لكي يعرض عليه صفقة: نحن لن نسمح للإيرانيين بالتقدم على مسافة عدة كيلو مترات من الجدار الحدودي مع إسرائيل، وأنتم لن تعترضوا جيش الأسد في السيطرة على الجولان السوري وعلى جنوب سوريا.

إسرائيل غير مستعدة لهذه الصفقة، هي غير مستعدة للتواجد الإيراني أو تواجد وكلائها على أي شبر من الأرض السورية، لأنه في أي منطقة تواجدوا فيها ستدشن قاعدة للعمل وسينتج سلاح دقيق ضد إسرائيل. موقف إسرائيل هذا حظي أيضًا بدعم من الولايات المتحدة، والروس الان غير معنيين بمواجهة مع أمريكا، وزير الخارجية الأمريكي بومبيو قال بين الـ 12 نقطة التي أشار فيها إلى ان إيران يجب ان تتوقف عن تدخلها في سوريا وتدخل وكلائها، وأثبت الأمريكيون مؤخرًا أنهم يساندون مطالب إسرائيل بهذا الشأن دبلوماسيًا، وبالمجالات الأخرى أيضًا.

غدًا في موسكو، سيضطر الوزير ليبرمان لأن يوضح لنظيره الروسي ان إسرائيل لا تكتفي بمجرد ان روسيا تريد ان ترميها في الجولان، وإنما تطلب ان تطبق روسيا ما يقوله مسؤولوها: جميع الأجانب يجب ان يخرجوا من سوريا؛ حينها فقط لن تكون لإسرائيل أي معارضة على ان يستمر الأسد في السيطرة هناك كما يريد الكرملين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى