رون بروشاور يكتب – الحقيقة المؤلمة
بقلم: رون بروشاور *، معاريف 4/10/2018
أهلا وسهلا بك في اسرائيل، أيتها المستشارة ميركل. منذ انتخبت لمنصبك قبل 13 سنة اثبت المرة تلو الاخرى بأنك الصديقة الاكبر لاسرائيل في المانيا ومن عظماء المؤيدين لها في اوروبا. زياراتك المتواترة الى اسرائيل شهدت على ارتباطك بالشعب اليهودي ودولته. وكلنا أمل في أن نحظى بمزيد من زياراتك كمستشارة.
إن مبادرتك لعقد لقاءات دائمة بين حكومتي المانيا واسرائيل هي دليل على التزامك بتعميق العلاقات والتعاون بين الدولتين، وتحت قيادتك وصل مزيد من اصدقاء اسرائيل الى مواقع عليا في دولتك، بمن فيهم الرئيس فرانك وولتر شتاينماير ووزير الخرجية هايكو ماس.
شبكة علاقات وثيقة جدا تستوجب من الاصدقاء أن يقولوا الحقيقة الواحد للآخر، مهما كانت قاسية. أنتم في المانيا تستخدمون هذه الذريعة حين تزورون اسرائيل. كصديق لالمانيا، هذا واجبي. وبالتالي، أن اعرض عليك مشاعر العديد من الاسرائيليين بالنسبة لسياسة المانيا تجاه اسرائيل. والحقيقة المؤلمة هي أن مرات كثيرة جدا في الآونة الاخيرة تميل السياسة الالمانية لأن تتناقض مع المصالح القومية والامنية لاسرائيل، التي توجد في معظمها في قلب الاجماع الاسرائيلي.
نحن نرى هذا حين تتمسك المانيا بالاتفاق النووي مع ايران، دولة يدعو زعماؤها لابادة الدولة اليهودية وتعرض للخطر أمنها في عدة جبهات – من حزب الله في الشمال وحتى حماس في الجنوب. نحن نرى هذا حين ترفض المانيا وضع حد للفصل المصطنع بين الذراع “السياسي” والذراع “العسكري” لحزب الله والاعلان عنه كله كمنظمة ارهابية. رأينا هذا حين صوتت المانيا مع شجب قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل.
نحن نرى هذا حين تعلن المانيا بأنها ستزيد التمويل للاونروا، الوكالة التي تنشر الكراهية والتحريض ضد اسرائيل في جهازها التعليمي، في الوقت الذي تخلد فيه “حلم العودة”. الامر الذي يخرب على محاولات الوصول الى سلام. نحن نرى هذا حين تضع المانيا حدا لتطلعات اسرائيل لأن تحظى لاول مرة في تاريخها بمقعد في مجلس الامن في الامم المتحدة (حتى لو كانت احتمالات ذلك متدنية منذ البداية).
نحن نرى هذا حين تنضم المانيا الى تصويتات مناهضة لاسرائيل في محافل دولية، مثل القرار في منظمة الصحة العالمية الذي لم يشجب إلا اسرائيل، والتي خدماتها الصحية هي نموذج للاقتداء، على “المس” المزعوم بالخدمات الصحية الجسدية والنفسية في مناطق السلطة الفلسطينية وهضبة الجولان، المنطقة التي تمنح فيها اسرائيل علاجا طبيا يوميا للاجئين من المذبحة التي يرتكبها نظام الاسد بحق أبناء شعبه.
واذا لم تكن هذه الخطوات كافية، فنحن نرى المانيا تختبيء غير مرة خلف “الاجماع الاوروبي” حين يعمل الاتحاد ضد اسرائيل. فالدولة التي تدعي أنها تقود الاتحاد، ولا سيما بعد انسحاب بريطانيا، تختار “القيادة من الخلف” بدلا من الوقوف الى جانب اسرائيل، الدولة التي يفترض أن تتمتع بـ “علاقات خاصة” مع المانيا.
المثال الاخير على ذلك هو الاستئناف على قرار المحكمة العليا لاسرائيل، الذي اتخذ بعد تسع سنوات من الاجراءات القضائية، لاخلاء البلدة غير القانونية، الخان الاحمر، التي توجد في المنطقة ج وبسيطرة اسرائيلية كاملة. مجرد الاستئناف على قرار العليا مثله كمثل التحدي من جانب المانيا لأساسات الديمقراطية الاسرائيلية. فالامر يشبه عملية اسرائيلية ضد قرارات المحكمة الدستورية الالمانية. البرلمان الاوروبي بالغ حتى فوصف هذه الخطوة بشكل عبثي بأنها “جريمة حرب”. في هذه الحالات مريح لالمانيا التخلي عن مكانة القيادة وعن العلاقات الخاصة مع اسرائيل، والاختباء خلف “الغطاء” الاوروبي.
مع كل نواقصها، اسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. أمنها وسلامة مواطنيها يقفان امام تحديات يومية، بما في ذلك الارهاب من جانب جيرانها، ممن كما تعرفين، لا يستجيبون بالضبط لتعريف “الديمقراطيات الجيفرسونية”. اسرائيل هي ايضا ذخر لالمانيا وللدول ذات القيم المشتركة في اوروبا، ونحن نتوقع من “الاصدقاء الخاصين” أن يحافظوا على “العلاقات الخاصة” التي معناها الوقوف الى جانب حلفائك بالضبط في الاوقات الصعبة.
* سفير اسرائيل السابق في الامم المتحدة، رئيس معهد آبا ايبان للدبلوماسية في المركز متعدد المجالات في هرتسليا