ترجمات عبرية

روني شكيد – 25 سنة على اتفاق اوسلو – الاحتلال بات مريحا أكثر

بقلم: روني شكيد، يديعوت – مقال – 5/9/2018

في ميزان الربح والخسارة، في منظور 25 سنة منذ اتفاق اوسلو و 50 سنة منذ الاحتلال، وفي اسرائيل حكم اليمين، يمكن ان نحيي موقع اتفاق اوسلو على الواقع الراهن في المناطق، المريح جدا لاسرائيل. وليس بسبب التوقيع على الاتفاق، بل بسبب التوقف عن تنفيذه لاسباب في معظمها بذنب الارهاب الفلسطيني، ولكن  لاسرائيل ايضا نصيب في فشله.

اتفاق اوسلو لم يمت، فهو حي يرزق. صحيح أن بنوده الاولى فقط نفذت، ولكن الواقع الذي خلقه خدم اسرائيل: احتلال المناطق اصبح مريحا أكثر بكثير. اقامة الكيان الفلسطيني السياسي اعفى حكومات اسرائيل من عبء الصيانة الجارية للمناطق، وليس فقط من الجانب الاقتصادي – التعليم، الصحة، التشغيل، البنى التحتية، الرعاية والرفاه الاجتماعي – بل اساسا من العبء الامني الهائل، الذي  فقط من كان يعرف نابلس، جنين والخليل قبل اوسلو يعرف ما هو معناه. التعاون الامني الذي وضعت مبادئه في اوسلو يتم بنجاح في الـ 15 سنة الاخيرة بما يرضي اسرائيل، فيما ان السلطة الفلسطينية مجردة من السلاح عمليا. فليس لها دبابات وطائرات، بل فقط بنادق ومسدسات.

اوسلو المقلص لم يمس بالقدس، التي بقيت موحدة؛ حق العودة لم ينفذ؛ لم تتقرر حدود في شرقي الدولة؛ مناطق السيطرة الفلسطينية ليست في تواصل موحد بل كجيوب. وكما اسلفنا، اعفى الاتفاق اسرائيل من النفقات والاستثمارات الهائلة في سكان المناطق، ناهيك  عن الحكم المدني والعسكري الذي كان سيزيد فقط الاحتكاك السلبي مع السكان ويفاقم الارهاب.

من ناحية اليمين لم يمنع الاتفاق المشروع الاستيطاني. واذا كانت تأخيرات في البناء في المناطق، فقد كان هذا بسبب الموقف الدولي، وللدقة الامريكي. اما الحقيقة فهي انه منذ اوسلو طرأ ارتفاع بنحو ارقعة اضعاف تقريبا في عدد المستوطنين: عند التوقيع على الاتفاق كان يسكن في المناطق نحو 115 الف مستوطن، اما اليوم فنحو 450 الف. ولم ينبع اعتراف اليمين على اوسلو من الارهاب بل من الخوف من تسليم مناطق بلاد اسرائيل الى الفلسطينيين. بل انه استغل الارهاب لبناء المستوطنات كـ  “رد صهيوني مناسب”.

للفلسطينيين ايضا قدم اوسلو فضائل معينة. فقد أدى الاتفاق الى شق الطريق لفكرة الدولة الفلسطينية. الكيان الفلسطيني يتصرف كدولة بكل معنى الكلمة، مع علم، نشيد قومي، قوات حفظ النظام وجيش واجهزة حكومية. وكل هذا لا يكلف دافع الضرائب الاسرائيلي اي قرش. لا تقل  اهمية للفلسطينيين الشرعية الدولية التي حصل عليها بفضل اوسلو، وغرس فكرة حل “الدولتين”، التي حظيت باجماع دولي، بما في ذلك في الدول العربية. ومع ذلك، لما كانت المراحل التالية من الاتفاق لم تنفذ لم يحقق الفلسطينيون امانهم الوطنية. وهم اليوم خائبو الامل، محبطون، بلا امل، ينتظرون المجهول.

لقد خلق  اوسلو في المناطق واقعا نقيا: دولة فلسطينية في مناطق أ، تضم 17.2 في المئة من اراضي الضفة (972 كيلو متر مربع فقط)؛ مناطق ج، بسيطرة اسرائيلية هامة، في 59 في المئة من اراضي الضفة (3.334كيلو متر مربع)، تدير فيها اسرائيل سياسة ضم زاحف؛ والمنطقة ب، بسيطرة اسرائيلية – فلسطينية، في 24 في المئة من اراضي الضفة الغربية (نحو 1.344 كيلو متر مربع). العلاقات مع الفلسطينيين في الضفة تتضمن علاقات اقتصادية والبنى التحتية للمياه والكهرباء.

غير أن هذه وردة وفيها شوك. الواقع الذي خلقته اتفاقات اوسلو، المريح لليمين في اسرائيل، يدهور الشعبين الى دولة ثنائية القومية بحكم الامر الواقع – وصفة مؤكدة لاستمرار العنف وسفك الدماء والمس باسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية وصهيونية. واذا تسلينا للحظة بـ “لو”، وكان اتفاق اوسلو تحقق مثلما قصد مهندسوه، لكانت اسرائيل اليوم دولة مع اغلبية يهودية لا تحتاج الى قانون القومية، مع حدود معترف بها وعلاقات مفتوحة مع العالم العربي، وبلا وصمة الاحتلال على جبينها. كلمة “السلام” كانت جزء من خطابنا اليومي. خسارة.

21

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى