رونين بيرغمن يكتب – صورة المقاتلين : شكرا لعدم نشركم لها
يديعوت – مقال – 29/11/2018
بقلم: رونين بيرغمن
في الاسبوع الماضي، جزئيا بالسر وجزئيا بالطبول، تجري حرب دراماتيكية ومشوقة بين حماس من جهة واسرة الاستخبارات والرقابة العسكرية من جهة اخرى. وتجري هذه الحرب في ساحة السايبر ولم تطلق فيها أي رصاصة، ولكن نتائجها يمكن ان تكون لها آثار بعيدة المدى، حتى على منظومات كاملة من الاستخبارات العسكرية أمان والجيش الاسرائيلي، بل على حياة الانسان. في مركز المعركة: الحرب على نشر صور المقاتلين الذين تدعي حماس بانهم شاركوا في العملية الفاشلة في غزة وكل تفاصيلهم التي تعرف الناس بهم.
يوم الخميس الماضي نشرت حماس الصور. وفي الغداة كتبت في “يديعوت احرونوت” بان محاولة الرقابة العسكرية منع النشر في وسائل الاعلام الاسرائيلية مثله كمثل مزارع يغلق باب الاسطب بعد أن تكون الجياد قد فرت، وان مجرد الانشغال العلني بالحدث يمنح حماس ختم الخبرة والانجاز في الوعي.
المدون اليساري الامريكي اليهودي ريتشارد سلبرستاين استخدام اقوالي تأكيد لرأيه ضد فرض الرقابة بشكل عام. وللتوضيح: اذا كان ثمة موضوع يبرر استخدام الرقابة، برأيي، فانه بالضبط من نوع هذه العمليات (بشكل عام اعتقد انه يجب نقل الرقابة العسكرية الى وزارة العدل، واستخدامها كهيئة استشارات بالاساس، وعلى رأسها قاض). كما اني واثق من ان رجال الرقابة يؤمنون بقلب كامل بان هذا هو الفعل الصحيح عمله من أجل المساعدة في الموضوع الذي هو حرج لامن الدولة. لقد كان السؤال هل استخدام الرقابة في هذه الحالة سيضيف أم ينقص من تلك المصلحة الامنية السرية التي ينبغي حمايتها.
منذ يوم الجمعة يخوض الطرفان صراعا عنيدا. فقد طلبت حماس مساعدة الجمهور في الحصول على تفاصيل اخرى عن الاشخاص الذين في الصور. اما الرقابة فطلبت من الجمهور أن يتحلى بالمسؤولية الوطنية والا يدلي باي معلومات في الشبكات الاجتماعية، وفرضت على وسائل الاعلام اوامر متشددة في هذا الامر. استخدمت حماس شخصيات وهمية لنشر الصور. اما اسرائيل فحرصت على ان تمنع عن سكانها (ليس لديها امكانية لعمل ذلك تجاه الخارج) مواقع وحسابات الانترنت لحماس. وردا على ذلك، بدأت حماس بطرح صور ومزيد من التفاصيل تعتقد انها تتعلق بالعملية، بعد بوستات وتغريدات لاشخاص هامين ومعروفين في اسرائيل (نتنياهو، لفني وصحافيين بارزين).
هدف الرقابة هو منع كل معلومات اضافية يمكن ان تساعد حماس في تشخيص الجنود الذين عملوا في غزة. فتشخيصهم من شأنه ان يعرض للخطر حياة اولئك الاشخاص ويؤثر على قدرة اسرائيل على القيام بعمليات كهذه في ارجاء الشرق الاوسط. والخوف هو أن من شأن توزيع الصور ان يخلق نقاشا فيها في الشبكة وعندها فان الناس سيشخصون أب لطفلة تدرس في المدرسة مع الاطفال أو ذاك الذي كنا معه في الجيش وكان شابا رائعا ولكنه فجأة اختفى لنا.
في نظرة أوسع، فان في اساس هذا الصراع يقبع السؤال هل يمكن المنع عن الجمهور معلومات باتت موجودة في الشبكات الاجتماعية، واذا كانت موجودة منذ الان، فالتقليص الشديد لانتشارها من أجل التقليص قدر الامكان الانشغال بها.
لقد نجحت اسرائيل في مثل هذا التحدي: فقد نشرت شرطة دبي في 2010 صور الاشخاص الذين ادعت بانهم شاركوا في تصفية المبحوح، المنسوبة للموساد، في كانون الثاني من تلك السنة. في حينه ايضا أمل ضاحي الخلفان، قائد الشرطة في أن يحقق له النشر مزيدا من التفاصيل. ولكن رغم ان الرقابة لم تتدخل في النشر في حينه، وبفضل مسؤولية الجمهور الاسرائيلي – فقد خاب أمله تماما. حتى الان، لم يعرف في الجمهور، او لشرطة دبي، تفاصيل اخرى عن اولئك الاشخاص، دون صلة بمسألة اذا كان الموساد ضالعا في العملية على الاطلاق.
حتى الان يمكن ان نرى انجازات لاجراءات الرقابة: فوسائل الاعلام في اسرائيل وفي العالم امتنعت عن نشر الصور، الجمهور لم يشارك، لم يثر نقاش في الشبكات الاجتماعية عن هوية المشاركين في العملية، وحماس لم تحصل على تفاصيل اخرى. وحتى لو حصلت على تفاصيل، يمكن لاسرة الاستخبارات ان تدعي بان الحرب على النشر منعت ضررا أكبر بكثير. السؤال هو ماذا سيحصل في المرحلة التالية، واي أرانب أخرى توجد في قبعة حماس.
اعتقد ان التوجه الواضح للجمهور الاسرائيلي بعدم اضافة تفاصيل كان كافيا. مهما يكن من أمر، في صالح المقاتلين وفي صالح العمليات القادمة ينبغي الامل انه رغم قدرات التحقيق والسايبر المثيرة للانطباع التي اظهرتها حماس في هذا الحدث، فانها لن تصل الى معلومات اخرى غير تلك التي حصلت عليها. كما ينبغي الامل بان اسرة الاستخبارات ستستخلص من الحالة ومن الاضرار التي وقعت الدروس اللازمة.