رونين بيرغمن / القضية خطيرة، الضرر طفيف
يديعوت – بقلم رونين بيرغمن – 19/6/2018،
اذا كان بيان جهاز الامن العام “الشاباك” من يوم أمس صحيحا، ومثلما لمح فيه – مسنودا أيضا الى افادة غونين سيغف نفسه، بانه تجسس عن وعي في صالح الاستخبارات الايرانية – فان هذه هوة عميقة على نحو خاص تدهور اليها الوزير السابق، اعمق حتى من كل الحفر التي تمكن حتى الان من الوقوع فيها.
اذا كانت هذه الامور صحيحة – ومحامو سيغف، كما تجدر الاشارة، يقولون انه يوجد في ما نشرته المخابرات مبالغة كبيرة، الا انهم لا ينفونها – فالحديث يدور عن بائس الروح أبدى لامبالاة مطلقة تجاه كل معيار، قانون، اخلاق وولاء.
ومع ذلك، وبعد قول هذه الامور القاسية، من الصعب الافتراض بانه الحق ضررا ذا مغزى بأمن الدولة. فشخص ادين بتجارة المخدرات الخطيرة ويعتبره المجتمع، وليس فقط جهاز القانون، كمن تجاوز كل خط احمر، واصبح على الفور شخصية غير مرغوب فيها.
ليس صدفة ان غادر سيغف اسرائيل وعاش في الخارج. فقد كان يعرف بانه سيكون من الصعب عليه جدا، ولا سيما بعد أن سحبت منه رخصة العمل في الطب، العودة للانخراط في منصب ذي مغزى في دائرة العمل في اسرائيل. اما في نيجيريا فأحد لا يعرفه، وحتى لو كان يعرفه، فليس مؤكدا ان هذا سيمنعه من القيام بالاعمال التجارية.
لا نقول هذا للتخفيف من معنى أفعاله لان سيغف، حسب ما أفادت المخابرات ومن حديث مع مصادر مطلعة على القضية، اعترف في أنه عرف على مدى زمن طويل، سنوات على ما يبدو، بانه عمل في خدمة الايرانيين. بكلمات اخرى، لم تكن المخابرات هي التي أنارت عينيه وقالت له ان المحافل التي التقاها في السفارة الايرانية، وبعد ذلك الايرانيون الذين التقاهم في اماكن مختلفة من العالم بل وفي ايران اساسا، هم رجال استخبارات. من الصعب الافتراض بان سيغف كان بريئا لدرجة أنه صدق ما قيل عن أن هؤلاء العملاء هم رجال اعمال. ولكن حسب المخابرات فقد كان يعرف جيدا بانهم رجال استخبارات واذا لم يكن هذا بكاف، فانه مشبوه بانه حاول توريط رجال اعمال اسرائيليين آخرين في القضية حين عرضهم على الايرانيين، في الوقت الذي عرض الايرانيين كـ “رجال اعمال”.
بقدر معين يمكن أن نجد تماثل بين حالة سيغف وبين حالة العقيد شمعون لفنزون، الذي عمل في خدمة المخابرات، الموساد والجيش ولكن تنقل من منصب الى منصب عقب سلسلة حالات خلل وفي النهاية وصل الى الامم المتحدة، وفي 1983 عرض خدماته على جهاز المخابرات الروسية الـكي.جي.بي. وفي الحالتين كانت هذه حالة شخص محبط لم ينجح في ايجاد مكانه في اسرائيل وشعر بالمرارة الشديدة تجاه الدولة.
لفنزون الذي عين حين كان جاسوسا مسؤول الامن في ديوان رئيس الوزراء كانت لديه معلومات سرية كثيرة ليعرضها مما كان لسيغف، ولكن كان بوسع سيغف ان يرسم للايرانيين ما عرف به في عهده كوزير، وبشكل عام ما يعرفه عنه الدائرة الداخلية لاسرائيل الصغيرة، حيث الكل يعرف الكل. فمثلا، عن سياقات اتخاذ القرارات ومن صديق من.
يعمل جهازا استخبارات ايرانيان مركزيان ضد اسرائيل. الاول هو قوة القدس في الحرس الثوري، الوحدة الخاصة للحرس الثوري التي تعنى بمساعدة منظمات الارهاب في الشرق الاوسط مثل حزب الله في التخطيط والتنفيذ للعمليات.
اما الجهاز الثاني فهو وزارة الاستخبارات الايرانية، التي يمكن أن توازي الموساد بقدر ما. فالحديث يدور عن جهاز له فروع في كل العالم. هو الذي جند بعض من العملاء الذين عملوا في اسرائيل. كما كانت الوزارة هذه تعنى بنقل العقيد الحنان تننباوم، بعد أن اغري للوصول الى دبي لتجارة المخدرات، فخدر وارسل بالبريد الدبلوماسي الى زنزانة السجن لدى حزب الله في بيروت.
بين الجهازين توجد خصومة شديدة وتبادل للاتهامات القاسية. والمخابرات الاسرائيلية كانت تعرف منذ زمن امكانية أن يكون سيغف قد جند واستغلت فرصة أنه رفض دخوله الى غينيا واوقف على الحدود كي تستخدم شرطة اسرائيل لتجلبه الى معتقل في البلاد.
ان قضية تجنيد وتفعيل سيغف تظهر مرة اخرى بعض الاستنتاجات الهامة. الاول: الاستخبارات الايرانية تعمل على نطاق واسع بهدف العودة الى اسرائيل وجمع اوسع قدر من المعلومات عنها. ثانيا: “يطلق الايرانيون النار في كل الاتجاهات”، على حد قول المخابرات الاسرائيلية. وهم يقصدون بان الايرانيين يجندون من يقع في اليد – من اهداف نوعية مثل سيغف وحتى جهات فلسطينية صغيرة اكثر – على أمل ان يحصلوا على كل ذرة معلومات. ثالثا: الايرانيون، مثلنا، يرون أنفسهم في ذروة حرب ضد اسرائيل، ولهذا فانهم يستعدون لتصعيد محتمل من خلال جمع المعلومات الاستخبارية.
الاستنتاج الرابع: تشديد نشاط قسم احباط التجسس الايراني في المخابرات يثبت نفسه والجهاز ينجح في الكشف عن مؤامرات ايرانية عديدة. والخامس: انه فضلا عن قضية تننباوم، لم ينجح الايرانيون في تجنيد أي عميل ذي مغزى في اسرائيل. على الاقل حسب ما نشر حتى الان.