ترجمات عبرية

روغل الفر يكتب : وثيقة الاستقلال هي اشارة ميتة

بقلم: روغل الفر، هآرتس 29/7/2018

قانون القومية يخلق مجددا دولة اسرائيل. هو ليس ردا على سعي العرب لتقويضها أو سعي يساري ضد الهوية اليهودية للدولة. هو قبل كل شيء رد (حتى لو كان غير واعي جزئيا) من قبل الغالبية في اوساط الجمهور اليهودي، وبعد ذلك اليمين، للاعتراف بأن الضم الزاحف ليهودا والسامرة لا يمكن من مواصلة وجود اسرائيل كدولة “يهودية وديمقراطية”. للفلسطينيين لن تعطى مواطنة وهم لن يكون لهم الحق في الترشح والانتخاب للكنيست. بالعكس، في الاراضي السيادية لاسرائيل سيتوقف رسميا (فعليا توقف منذ زمن) أن يتواجد نظام ديمقراطي. من هنا تأتي الحاجة الى اختراع اسرائيل من جديد كدولة قومية للشعب اليهودي، بدلا من دولة يهودية وديمقراطية.

وثيقة الاستقلال صيغت في ظروف مختلفة تماما، حيث أن امكانية ضم المناطق لم تكن مطلقا موجودة على الاجندة. وبناء على ذلك فقد أكل الدهر عليها وشرب كوثيقة تحدد هوية اسرائيل. لكل من يستندون اليها يجب أن نقول إنه خلال الـ 19 سنة بعد التوقيع عليها كان المواطنون العرب موجودين تحت حكم عسكري. بحيث أن وثيقة الاستقلال بحد ذاتها لا تضمن مساواة لكل مواطني الدولة. القيم الاصيلة المكتوبة فيها تعبر عن الرؤية الانسانية لمؤسسي الدولة اكثر من تعبيرها عن الواقع.

بهذه الصورة أو تلك فانها لم تعد ذات صلة. واسرائيل أسست الآن كدولة قومية للشعب اليهودي. أي “… تطبيق حق تقرير المصير القومي لدولة اسرائيل هو خاص للشعب اليهودي”، مثلما جاء في البند 1، “العبرية هي لغة الدولة” و”الدولة ترى في تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وستعمل من اجل تشجيعه وترسيخه”. هذا هو، ليس هناك ذكر للمساواة لكل المواطنين، لأنه لا توجد نية لمنح المساواة لكل المواطنين. في حدود اسرائيل سيكون هناك حسب القانون تفوق للشعب اليهودي. وتفوقه سيسري ايضا في المناطق. هذا هو لب الموضوع.

من هنا فان السؤال الغريب “من اجل ماذا نحتاج قانون القومية في الوقت الذي فيه لدينا وثيقة استقلال؟ هذا السؤال يدل على عدم فهم نوايا المشرع. نحتاج الى قانون بالضبط لأنه توجد لدينا وثيقة استقلال. نحتاجه من اجل الغائها واختراع الدولة من جديد.

وبخصوص الديمقراطية. مرة اخرى على من يشتاقون للماضي الذين يستندون الى ماضي موهوم، فيه اسرائيل كانت دولة ليبرالية، أن يستيقظوا. ايضا في ال 29 سنة من سنوات الدولة الاولى وحتى العام 1977 اجريت هنا انتخابات، لكن تبادلا للحكم لم ينتج عنها. في حينه، مثلما في عهد نتنياهو، فان الانتخابات هدفت في الاساس الى أن تستخدم كمراسيم علنية للمصادقة على وتخليد الحكم. وايضا في حينه فان الجمهور وجد صعوبة في تخيل بديل للحكم القائم.

مع ذلك هناك فرق. الوضع ازداد خطورة. الآن يجد الجمهور صعوبة في تخيل بديل للشخص الوحيد الذي تتجسد فيه السلطة حتى عندما يكون هذا الشخص متهم بمخالفات جنائية. امكانية عبادة الشخصية وزيادة الاستبداد  واسكات وسائل الاعلام والانتقاد ازداد وفقا لذلك. بنيامين نتنياهو نجح في اقناع الجمهور بتبني رؤية تهكمية، بحسبها سلوكه السياسي ليس اشكاليا لسبب بسيط وهو أنه لا توجد اخلاق في العالم، الجميع يتصرفون هكذا. الرشوة هي اصلا الامر الطبيعي، لذلك يفضل فساده لأنه يمثلهم. بهذا فان نتنياهو يشبه بوتين وترامب. العبرية هي لغة، وهتكفا هو النشيد الوطني ونتنياهو هو النظام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى