روبين باركو يكتب – الصبر على وقاحة غزة مجد

اسرائيل اليوم – مقال – 21/11/2018
بقلم: روبين باركو
في سورة يوسف يروي القرآن بان “في نفس يعقوب” (أبينا) كانت أجوبة على سؤال كيف سيدخل ابناؤه مصر بأمان. وأصبح “في نفس يعقوب” تعبير بالعربية يدل على خطة سرية. فحماس تحاول ان تحل لغز نوايا اسرائيل، وتخاف من ان تكون المهامة الجريئة التي تمت في خانيونس هي جزء من اعداد استخباري لضربة فتاكة ستأتي عليها.
عندنا ايضا يوغلون في لغز “نفس يعقوب”. فاحدى التحليلات الشائعة لـ “وجه الجيل كوجه الكلب” في التلمود هي انه بدلا من أن ينظر قادة الشعب الى الامام وان يقودوا – فانهم سيتصرفون كالكلب الذي يصير امام صاحبه ولكنه ينظر الى الوراء، كي يعرف نيته في الحركة. ففي حالة “التسوية” مع غزة طرح السؤال من هو الزعيم؟ بالفعل، الزعيم الحقيقي هو ذاك الذي يكون مستعدا – باسف، ان يفقد تأييد مصوتيه، بل وان يعرض للخطر ستقرار حكمه، على أن يفعل ما يلزم شعبه.
غير أن عندنا حتى الغرب كان سيتشوش: اذا كانت اسرائيل تهاجم في غزة، فان “محبي السلام” يشكون من التضحية بجنودنا في “جولة اخرى متسرعة من سفك الدماء عبثا” ويشكون من غياب “التوازن” الانساني والرفض السخيف للحديث مع “المعتدلين”. اما اذا كانت اسرائيل تمتنع عن الهجوم – بسبب اعتبارات امنية، مقبولة من الجيش والمخابرات ايضا – فانهم يشكون من “الوهن”، الانهزامية والتردد. وللمفارقة، في مثل هذه الحالات بالذات كان متحدثو اليسار يطالبون بحقنة الدم، ونهايتهم أن يفترس الواحد أخيه من أجل الفريسة (الحكم) التي لم يصطادوها على الاطلاق.
تشبه حماس الوحش في القفص: فهو لن يروض ولن يرضى. فليس في مذهبها ذكر للانسانية أو الاعتدال. إرثها الديني مبني على دمار اسرائيل، قتل مواطنيها، اغتصاب نسائها ونهب املاكها. حماس تتعاطى مع الشرك الاخلاقي الذي فرضناه على انفسنا كقميص مجانين، كدليل على غبائنا وكنقطة ضعف. فقلق دولة اسرائيل على صورتها بين الامم يسمح لها بالابتزاز وبنباح التبجح. وكخطوة خداع، عرضت حماس “ميثاق جديد” وادعت أنها قطعت علاقاتها مع الاخوان المسلمين، ولكن مسؤوليها يفضلون فقدان عيونهم على أن تفقد اسرائيل عينا. ومثل “المسافر الثامن”، تنمي حماس ثقافات على صورتها، مبرمجة لتصفيتنا.
صحيح، يتميز القلب غضبا والاصبع على الزناد يتجمد في ضوء التجلد في الجنوب، ولكن لا ينبغي ان نسرع. فنحن نعرف بان “الصبر طيب” و “كل كلب يأتي يومه”. في هذه الاثناء ينكب العالم الغربي على اجراءات الاحباط تجاه الجيوب الاسلامية في “الداخل” ويلاحقها في الشرق الاوسط ايضا. نهاية حماس ان تعتبر في العالم كجريرة اسلامية تفترض المصلحة العالمية لجمها.
في هذه الاثناء، “خير” مرض عضال معروف كحماس، من ورم خبيث مثل داعش. وبالتالي، فان بقاء حماس ضعيفة، ملتزمة تجاه سكانها، افضل لنا ايضا ولا يجب ايجاد بدائل لها. ولما كانت حماس، مثل الهايدرا الاسطورية، تنبت رؤوسا جديدة، فاننا ملزمون احيانا “بقطع الرؤوس التي اينعت” عندها، على نمط الحجاج حاكم العراق.
ان فكرة تتويج ابو مازن ورجاله على غزة، بعد ان طردوا او فروا منها للنجاة بارواحهم، هي فكرة غبية. فالسلطة الفلسطينية، مثل حماس، تؤمن بخطة “المراحل”، الكفاح المسلح، “العودة” والقدس. ان الانفصام ثنائي الرأس الذي يخلقه حماس يؤدي بالذات الى وضع ما قبل “الاحتلال”: السامرة ويهودا تتجه الى الاردن، وغزة الى مصر.
يجب استغلال تفوقنا التكنولوجي وعدم ادخال الجنود الى غزة. يجب الغاء عمليات “انقر السطح”، فخسارة على المال وعلى القذائف. من جهة اخرى، يجب نشر “ثمن للساكن الغزي”، كمؤشر عقاري تنظيمي، عقارات مليارديريين وبعدها الاحياء التي تلامس الحدود. وانتقال الجماهير من المنطقة المضروبة سيتعب حماس، الغارقة على أي حال في المجاري وفي الخرائب.
عندما يكون الردع لا حاجة لتسوية تسمح لحماس بالتسلح. مبدأ التوازن يلائم الازدواجية الاخلاقية لخطاب السلامة السياسية. فالغرب مزدوج الاخلاق يعرف من تجربته ان الضرب غير المتوازن وحده يحقق الحسم. وبينما تنبح الكلاب تمر القافلة الاسرائيلية. فالصبر مجد.