روبين باركو : حكاية زعيم فاشل

اسرائيل اليوم – بقلم روبين باركو – 22/5/2018
يعمل المقربون من ابو مازن على اخفاء ملابسات ادخاله الى المستشفى. واذا ما انتعش الرئيس، يتوقع الكثيرون ان يعلن عن التبطل وينقل صلاحياته الى خلفائه كاستعداد لما سيأتي. صحيح أن عباس عمل في اجتماع المجلس الفلسطيني الاخير على تعيين محمود العالول كنائب له ولكن الكل كان يعرف بان هذا التعيين يشكل كابحا مؤقتا للصدمات، إذ ان النائب عديم الكاريزما والفيالق لا يمكنه أن يمنع السباق الاجرامي نحو الحكم.
تتوقع شخصيات فلسطينية بان معركة الخلافة، التي ستتطلع اسرائيل الى عدم التدخل فيها – ستتم بين الاشخاص الاقوياء والمنقسمين المقربين من صف المؤسسين، ولكن سيشارك فيه ايضا ابناء الجيل الشاب وفيه معارضة صقرية من فتح نفسها. وبين الاشخاص البارزين في هذه الاوساط يوجد محمد دحلان، جبريل الرجوب وماجد فرج الذي يتمتع بتأييد مخيمات اللاجئين وكذا تكنوقراطيين تعيينهم موضع شك.
بالنسبة لهم، فان خطر الفوضى يتصاعد، بسبب حقيقة انه ضمن الوضع العام المتفجر، يلعب ايضا مؤيدو دحلان الغزي (المشبوه بانه مرغوب فيه من اسرائيل) الممولون جيدا، وكذا منظمات معارضة كفاحية في داخل البيت الفلسطيني نفسه، مثل كتائب شهداء الاقصى لفتح بل وخارجها – مثل حماس التي تتطلع الى تحول في م.ت.ف والسيطرة على المنطقة.
لماذا يمتنع ابو مازن، وهو لا يزال على قيد الحياة عن ان يعين بشكل مرتب وعلني قيادة بديلة تأخذ دفة القيادة عندما يأتي يومه؟ الجواب يكمن في الطبيعة الاجرامية التاريخية لجمعية الارهاب التي ليس فيها اجراءات ديمقراطية واضحة وبالذات الناس المقربين من شأنهم ان يكونوا الاكثر تآمرا وخطورة على الرئيس. ولهذا فقد عين العالول الضعيف كنائب. آلية تصفية الخصوم تجد تعبيرها بطريقة عرفات: تشجيع وتمويل جماعات متخاصمة كي تقاتل الواحدة الاخرى بطريقتها كي يحافظ على ولائها وتعلقها به.
لا يزال الزعماء الشائخون يتمتعون بالحظوة (دم يهود “على الايدي”)، ولكن حتى ابناء الجيل الثاني، مثل البرغوثي، دحلان والشباب يتمتعون الان بهذه المكانة المفتخرة، وبعضهم (دحلان) يمولون مؤيديهم بالمال. والاخيرون يتمتعون ايضا بدعم جيل المؤسسين في اطار تحالفات تآمرية وفقا للانتماء التنظيمي، اماكنهم الاصلية (مخيمات اللاجئين، غزة، مدنيين وفلاحين) وطموحات شخصية ظلامية.
ومع ذلك تفقد م.ت.ف حظوتها بسبب اخفاقاتها السياسية في الساحة العالمية والعربية – وذروتها نقل السفارة الامريكية الى القدس – وبسبب الفساد، الامر الذي يؤدي الى تأييد متعاظم لحماس التي تعتبر “نظيفة (رغم هزيمتها في غزة). بالنسبة للكثير من الفلسطينيين – حتى لو كان لا يزال حيا فان “الرئيس” ومعه م.ت.ف والسلطة الفلسطينية ماتوا منذ زمن بعيد بسبب حقيقة أنه باستثناء اعترافهم باسرائيل لم يساهم “الفاسدون” في التقدم نحو الدولة الفلسطينية على الاطلاق.
يعتقد مثقفون فلسطينيون بان الفشل في خلق بديل سياسي متفق عليه باعث على الاستقرار، سيخلق فراغا سلطويا وسيعرض للخطر بشكل غير مسبوق ما تبقى من القضية الفلسطينية. في نظرهم ستؤدي الفوضى الى صراعات دموية داخلية وارهاب ضد اسرائيل، التي ستضطر الى التدخل وتصفية ما تبقى.
بالنسبة لهم، سيكون الاختبار في هذا المفترق التاريخي، مسألة اذا كان الفلسطينيون قد تبلوروا الى درجة شعب ذي قدرات وكفاءات سياسية اجتماعية وحزبية بحيث يتمكن من الانضمام الى اسرة الشعوب، أم انه لا يزال مجرد جمعية ارهابية فاسدة. حي أم لا – فان “مملكة” عباس قد ماتت.