رفيق خوري يكتب – أكثر من سيناريو حول “مفاجأة أكتوبر” قد يعلن ترمب انسحاب أميركا من حلف “الناتو” ما يشكل صدمة كبيرة للعالم
رفيق خوري – 21/9/2020
القاعدة الثابتة في الانتخابات الرئاسية الأميركية هي، أنت ما تكره، لا ما أنت عليه. باراك أوباما ربح المعركة ضد المرشحين الجمهوريين مرتين، لأنه “ليس جورج بوش الابن”. ودونالد ترمب ربح ضد هيلاري كلينتون لأنه “ليس أوباما”. وأقوى سلاح يخدم جو بايدن هو أنه “ليس ترمب”. ومن تقاليد الانتخابات الرئاسية المحدد إجراؤها أول ثلاثاء من نوفمبر (تشرين الثاني) انتظار ما تسمى “مفاجأة أكتوبر”. وهي ليست مفاجأة بمقدار كونها خطة لعبة يلجأ إليها المرشح المحشور، الذي يتقدم عليه منافسه في استطلاعات الرأي. وليم كيسي فعلها لمصلحة رونالد ريغان في المعركة ضد الرئيس جيمي كارتر، عبر التفاهم مع ملالي إيران على إبقاء الدبلوماسيين الأميركيين الرهائن في السفارة في طهران خلال أكتوبر (تشرين الأول)، لئلا يستفيد كارتر من إطلاقهم، ثم إطلاقهم بعد الانتخابات. والانطباع السائد حالياً هو أن ترمب مرشح لأن يفعلها. جو بايدن يتقدم عليه بنقاط عدة في استطلاعات الرأي. جيفري غولدبيرغ رئيس تحرير مجلة “أتلانتيك” كشف أن ترمب رفض خلال زيارته باريس عام 2018، زيارة مقبرة لجنود أميركيين قُتلوا في الحرب العالمية الأولى، وقال، هؤلاء “خاسرون ومغفلون” لأنهم ذهبوا إلى الحرب. وبوب وودوارد في كتابه الجديد “غضب”، سجل حديثاً لترمب، يعترف فيه يوم السابع من فبراير (شباط) بأن كورونا “خطير وقاتل وقابل للانتقال في الهواء”، لكنه قلل من خطره أمام الجمهور في العلن بادعاء أنه لم يشأ دب الرعب في النفوس، مع أنه يدبر معركته بسلاح الخوف ويرى أن “الخوف هو القوة”.
وأكثر من ذلك، فإن إصرار ترمب على خلق قصة عنه يومياً في الإعلام، هو في رأي الاستراتيجي الجمهوري المخضرم مايك مورفي “هدية لبايدن، لا بل أعظم هدية يقدمها من هو في الوراء إلى من هو في الطليعة”. أما ما يراه ستيف شميث وهو استراتيجي جمهوري مخضرم أيضاً، فإن “الشخص الذي تكون الانتخابات في الأسابيع الأخيرة استفتاء عليه هو عادة من يخسر”. فضلاً عن أن ظاهرة “ديمقراطيي ريغان” في الثمانينيات، تتكرر بشكل معاكس حالياً، حيث الأحاديث عن “جمهوريي بايدن”، أي أن شخصيات مهمة في الحزب الجمهوري انحازت للمرشح الديمقراطي. فضلاً عن مهاجمة ترمب لكبار الضباط بالقول، إنهم “يريدون حرباً لكي تكون سعيدة تلك الشركات التي تصنع القنابل وتبني الطائرات والدبابات”. وهذا ما دفع الجنرال المتقاعد أنطوني زيني إلى القول إن “ترمب فقد الحق والسلطة ليكون القائد الأعلى للقوات المسلحة”.
ومن يعرف ترمب الذي لا يفكر في ما بعد اللحظة الراهنة، يتصور أن إغراء “مفاجأة أكتوبر” كبير بالنسبة إليه. فما الذي يمكن أن يفعله في هذا الباب؟ واحد من السيناريوهات المفترضة هو أن يعلن الرئيس الحالي في أكتوبر انسحاب أميركا من حلف “الناتو”، وهي صدمة كبيرة للعالم، لكنها خطوة شعبية في الداخل لدى الناخب العادي، الذي يرى أن أوروبا كانت ولا تزال تقوم بـ”رحلة مجانية” على ظهر أميركا. وفي كتاب “الغرفة” كما في حديث مع صحيفة إسبانية، قال مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون إن “ترمب كرر أمامنا الرغبة في مغادرة الناتو، وقد يكون القرار مفاجأة أكتوبر”. وينقل مايكل سميث في كتاب جديد عن الجنرال جون كيلي كبير الموظفين في البيت الابيض سابقاً، قوله “أصعب مهمة واجهتها مع ترمب هي السعي لمنعه من الانسحاب من الناتو”. وأقل ما يقوله الإستراتيجي الجمهوري إد رولنز هو “إذا أنفقتَ 800 مليون دولار في الحملة وبقيتَ وراء خصمك بعشر نقاط، فعليك تقديم جواب عن سؤال، ما هي خطة اللعبة”؟. ومن السيناريوهات أيضاً إعطاء ترمب جائزة نوبل للسلام على أساس ما فعله لتوقيع معاهدة سلام بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية والبحرين، كما بين صربيا وكوسوفو. ومن المفارقات ما يقال عن تسجيلات ترمب في كتاب “غضب”، إنه أول مرشح صنع مفاجأة أكتوبر ضد نفسه، كما لو أن نيكسون سلم شرائط التسجيل إلى وودوارد الذي كشف “ووتر غيت”.
المؤكد أن الاتكال على “فلتات لسان” بايدن والضغط عليه في المناظرات المباشرة، يحتاج إلى أسلحة أخرى. ومن الصعب تجاهل العامل المتعاظم دوره في الانتخابات، وهو وجود 60 مليون مواطن (من أصول لاتينية)، مؤهل للتصويت منهم 32 مليوناً، بحيث يقول جورج راموس في “النيويورك تايمس” إنه “لا طريق إلى البيت الأبيض من دون تأييد اللاتينيين”. لكن من الوهم الاستخفاف بقدرة ترمب على تجييش الناس وخوض الحملات وتغيير التوقعات.