رفيف دروكر / عندما ارتدى باراك بدلة الرياضة – وهرب من وزيرة الخارجية
هآرتس – بقلم رفيف دروكر – 25/6/2018
انتظرنا 18 سنة حتى يقص اهود باراك القصة الكاملة لخطواته في المفاوضات التي اجراها مع الفلسطينيين. منذ مؤتمر كامب ديفيد الفاشل في تموز 2000، فان رئيس الحكومة السابق التصق بورقة الرسائل وأعطى عظمة هنا وعظمة هناك، لكن فقط الآن ينشر سيرته الذاتية التي لم تترجم بعد للغة العبرية “بلادي، حياتي”.
الحقائق الاساسية معروفة: لقد اقترح على ياسر عرفات دولة على 92 في المئة من اراضي الضفة الغربية (بما في ذلك تبادل مناطق)، عاصمة فلسطينية في الاحياء الخارجية لشرقي القدس، جزء من البلدة القديمة، ونموذج خاص لسيادة مشتركة في الحرم. ذلك كان اقتراح شجاع. لأنه سبق بكثير وجهات النظر التي سادت في حينه في اوساط الجمهور الاسرائيلي. ولكن كما علم باراك، لم يكن في ذلك ما يكفي من ناحية الفلسطينيين. وقد رفض عرفات أن يرى في ذلك حتى “اساس للمفاوضات”.
في القمة نفسها قام باراك بعدة خطوات غامضة. في بداية المؤتمر اعلن للامريكيين بأنه “سيتحرك” فقط يوم الخميس. لماذا؟ هكذا. في كتابه نسي التطرق لهذه الاقوال. في يوم الاثنين وضع الامريكيون على الطاولة وثيقة جسر، وثيقة باهتة ومتواضعة وليست الامر الحقيقي. باراك غضب وجعل بيل كلينتون يسحب الوثيقة. هذه الخطوة الصغيرة شوشت كل الخطة الامريكية. الفلسطينيون نظروا بحيرة الى قدرة باراك على السيطرة على كلينتون وفقدوا تقريبا بشكل نهائي ثقتهم بالوساطة الامريكية. باراك وجد صعوبة في شرح غضبه الكبير في كتابه: كان ذلك مبكر جدا، كان يجب عليه التشاور معنا، لقد تفاجأت من قرار كلينتون، اعتقدت أنه فقط سيغير الصياغة.
باراك ايضا لا ينجح في شرح قراره المحير، عدم اجراء مفاوضات مباشرة مع عرفات. وكتب أنه اجرى معه ذات مرة محادثة مجاملة وفهم منها أنه لا جدوى من اجراء مفاوضات مباشرة. وهو لا يشرح لماذا اختار المس باحترام عرفات. في احدى المرات جلس الى جانبه على وجبة عشاء، لكنه فضل اجراء محادثة مطولة مع من جلس على الطرف الآخر من الطاولة، تشلسي كلينتون. عند انتهاء الوجبة، اعترف باراك، سأله المستشار الامريكي للامن القومي لماذا اختار التحدث مع تشلسي وتجاهل عرفات. باراك اجاب “من كان سيختار غير ذلك؟”.
إن ما مر حقا على باراك في كامب ديفيد يمكن وصفه بمفهوم دراما انسانية. الرجل الذي اعتاد على اخضاع الواقع من اجل حاجاته شعر بأن كل شيء يتهاوى: الحكم، المفاوضات، والاسوأ من ذلك – عرفات ضلله. باراك انغلق في الكوخ على مدى ثلاثة ايام وعندما قررت وزيرة الخارجية زيارته فجأة، ارتدى على عجل بدلة الرياضة وهرب ليركض. من الواضح ما هي الحالة النفسية لمن يتصرف بهذا الشكل. ولكن باراك يفعل لذلك كعادته منطق. هو لم يرغب بالمس بالوزيرة، لم تكن جدوى من اجراء مفاوضات في الوقت الذي فيه كلينتون غير موجود، لقد فضل القيام بالتفكير.
ربما من المبالغ فيه توقع أن من ما زال يحلم بالعودة الى النظام السياسي سيحلل بأمانة اخطاءه. ولكن من تموز الى تشرين الاول 2000 دمر باراك امكانية التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، دمار لم يتم اصلاحه حتى الآن. باراك قادنا الى انتفاضة فظيعة، متسلحين برواية كاذبة تقول “لقد اقترحنا عليهم السلام وردوا علينا بالانتفاضة”. هو لم يفعل ذلك بصورة متعمدة، بل العكس. لقد انتحر سياسيا كي لا يحدث هذا، لكنه فشل. فعرفات كان زعيم اشكالي جدا، لعب بسلاح الارهاب، ومن المشكوك فيه اذا كان مستعدا لاتفاق دائم. ولكن كتاب باراك كان يمكن أن يكون فرصة جيدة للاعتراف بأن اقتراحه في كامب ديفيد كان سيتم رفضه من أي زعيم فلسطيني، وأنه هو نفسه فهم ذلك، وحسنه بصورة كبيرة بعد بضعة اشهر من ذلك.
من قراءة الكتاب يتولد الانطباع أن باراك مستعد لقول أي شيء عنه باستثناء الادعاء بأنه لم يتوقع ما سيحدث. لقد كان دائما لديه شك بخصوص عرفات، واعتقد أن اجراء المفاوضات معه بعد القمة سيفشل. وطوال الوقت استعد لانتفاضة. لقد سبق وقيل إن السيرة الذاتية لا تكشف أي شيء جديد اشكالي عن كاتبها باستثناء ذكرى سيئة.