أقلام وأراء

رؤية إسرائيل للدولة الفلسطينية الجديدة بالشرق الأوسط

د. إسلام البياري 2/11/2021

من الصعب الوقوف على أهمية الزلازل التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط، وهذه الزلازل متعددة الأوجه وسيكون لها انعكاسات على عدة أصعدة متعددة على القضية الفلسطينية، مند السبعينيات القرن الماضي وإسرائيل تعيش على تصدير الأزمات الداخلية إلى دول الجوار وجعل الفلسطينيين تحت دائرة الدوران حول أنفسهم دون الخروج من ذلك، لا أحد يستطيع منا أن ينكر أن سياسية إسرائيل تغيرت بالشرق الأوسط و تحديدا مع القضية الفلسطينية، فإسرائيل اليوم تتمرس في إدارة القضية الفلسطينية و ليس وضع حد لاحتلالها!!! و الاضطرابات التي شهدتها المنطقة جعلت فلسطين ليس بالزخم السياسي التي كانت عليه قبلالزلازل السياسية التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل نجحت بإبعاد التعاطف الدولي والسياسي حول حقوق الشعب الفلسطيني وجعلت الفلسطينيين مشغولين في حل مشاكهم الداخلية على رأسها الانقسام الفلسطيني ، ربما الآن بعض السياسيين يفكروا بصوت عالي الآن هل إسرائيل ماضية بتقويض حلم ولادة الدولية الفلسطينية، لماذا لا تخشي إسرائيل أن تعاد الانتفاضة الشعبية الكبرى لعام 1987؟!!!!

فإسرائيل لا يوجد على جدول أعملها بند ينص على إقامة الدولة الفلسطينية حتى لوكان باتفاق، و الضغوط الخارجية و اتباع خطوات أحادية الجانب ربما هدفها قتل ولادة أي دولة ممكن أن يحلم بها الفلسطينيين، إدارة الصراع دون وجود رؤية يمكن أن تجد طريق صحيح لوضع النقاط على الحروف و إنهاء الاحتلال للشعب الفلسطيني.

من الواضح اليوم أن عدم تبنى استراتيجية إقليمية على افتراض أن إقامة دولة فلسطينية يساهم استقرار المنطقة بأكملها، ظاهريا بدأ الطرف الإسرائيلي ليسه لدية أي قرار أو أفكار يتعلق بالفلسطينيين حتى نظرية الدولة القابلة للحياة و الحكم الذاتي ألغيت من اجندتهم على أرض الواقع، القادة الإسرائيليين يعرفون جيدا أن حتى إن كان الشارع الإسرائيلي يريد الدولة الفلسطينية هم لا يريدون ولادتها على أرض الواقع، حتى السيد دان شيفتان نائب رئيس مركز دراسات الامن القومي في جامعة حيفا في مقاله له حول جدول الأعمال في اسرائيل (واقع منذ عقد تحت الاحتلال الفلسطيني) يقول عندما كانت اسرائيل تنتظر نتائج المسرحية الفلسطينية المضحكة للسلام من اجل تحديد حدودها وبلورة صورتها، كانت تضع جدول اعمالها طوعا تحت الاحتلال. وعندما قررت الاخذ بزمام الامور وحسم كل هذه الامور في صورة احادية، استطاعت استرجاع استقلالها. وعندما ادرك التيار الاساسي في اسرائيل ان الفلسطينيين لا يسعون نحو تسوية تاريخية وانما نحو العدل التاريخي الذي ينقض شرعية دولة الشعب اليهودي، بات في الامكان اعادة تنظيم جدول الاعمال الوطني وتدمير مشروع الدولة الفلسطينية.

فالإسرائيليين يعرفون أن الحل و السلام يعني ارجاع اللاجئينلعام 1948م، وإزله كل المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، التنازل عن الأغوار و مدينة القدس، حتى لفرضية المطالب الأمنية الإسرائيلية الإستراتيجية من أجل الموافقة على قيام الدولة الفلسطينية هي بالواقع تريد قتلها قبل ولادتها فالسيطرة التي تطرحها إسرائيل على الأجواء الفلسطينية و الرقابة الفعالة على بقاء الدولة الفلسطينية خالية من السلاح ، هي أيضا لا تريد هذه الدولة ولا أساسا سياسيا راسخا لها، حتى لو توفرت أجواء إيجابية في المفاوضات التمهيدية و إمكانية التوصل لحل حول هذه المواضيع، حتى لو تبلورت اتفاقيات مركزية في المطالب الأمنية الإسرائيلية أشك أنها ستنجح في الامتحان الدائم، عندما يتضح ثمنها العام ، بمصطلحات قيود شديدة على سيادة الدولة الفلسطينية ، في أفضل الأحوال ستؤسس اتفاقيات وفق ليس قيام دولة إنما كيف يمكن للفلسطينيين إدارة أنفسهم بنفسهم!!

إسرائيل تريد القضاء أيضا على الحركات الوطنية الفلسطينية التي لها تاريخ لدى الشعب الفلسطيني، بنظر الإسرائيليين أن تقويض هذه الحركات التحررية هو جزء أصيل من تقويض قيام الدولة الفلسطينية.

القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني نجحت بإسقاط صفقة القرن من أجندات الرئيس الأمريكي السابق ترامب و لكن على ارض الواقع نفذ الاحتلال جزء كبير منها، ربما القيادة الفلسطينية اتعبت سياسية حشر الشيطان في محله بالذهاب للوحدة الوطنية الفلسطينية و جعل المسار السياسي الذي بدا كانه ملتهب جدا، ومواجه نزوات الإدارة الامريكية السابقة و نتنياهو.

ربما السكون الحالي للإدارة الامريكية الحالية و التزام إدارة الصراع عن بعد، هو إلا إعطاء الضوء الخضر لإسرائيل المضي قدما بتقويض الدولة الفلسطينية، ولو الإدارة الحالية جادة في تمرير عملية سلمية كان بإمكان بايدن هو تقديم اقتراح مساريين للمفاوضات على الطرفين ، الأول أجراء مفاوضات بنية حسنه تكون مستندة على قرارات الشرعية الدولية رغم أشك بتقيد إسرائيل بها ، و الثاني إلى جانب المفاوضات السير ربما بمسار تدريجي و أحادي الجانب يكون أساسه نقل أراضي الدولة الفلسطينية ( يستطيع الامريكان تفكيك الاحتلال) في إطار السياق الثاني تنقل إسرائيل أراضي من منطقة (c) الخاضعة لسلطتها الكاملة لمناطق (B) و إعطائها و اخضاعها بشكل كامل للسلطة الفلسطينية من اجل تقوية الدولة الفلسطينية و قيامها على أرض الواقع.

ولكن الواقع الحقيقي لو كان هناك رؤية لولادة الدولة الفلسطينية وموافقة إسرائيل على قيامها بجانب إسرائيل ، لكان شاهدنا الخطوات الأحادية الجانب من قبل إسرائيل توقفت و عادت إلى ادراجها و لكن سياسية إسرائيل مستمرة دون رقيب و لا حسيب ، كل التوقعات بالسلام و الاتفاق ليست موجودة في المرحلة الحالية على الأقل، بل هي تمنيات فقط، و المسالة المطروحة الآن كيف سيتم تقسيم الضفة الغربية في المرحلة القادمة و تقويض الحركات الوطنية الفلسطينية، تعزيز الانقسام الفلسطيني و خلق الأزمات الداخلية للشعب الفلسطيني على الشق الاقتصادي و السياسي.

* الدكتور إسلام البياري أستاذ القانون الدولي والقانون الدولي الجنائي بجامعة الاستقلال ورئيس المركز الإفريقي للأبحاث والدراسات العلمية .

قائمة المراجع  :

1- د. صائب عريقات ، دبلوماسية الحصار، مركز الاستقلال ، الطبعة الأولى لعام 2018م.

2- دان شيفتان ، مقال حول الأعمال في اسرائيل (واقع منذ عقد تحت الاحتلال الفلسطيني)، لعام 2006م، https://www.voltairenet.org/article138597.html

3- عليان الهندي، يوسف غنيم، الثورات العربية و القضية الفلسطينية، مركز الأبحاث الإسرائيلية، الطبعة الأولى لعام 2011م.

4- المؤتمر السنوي الثالث حول بناء الدولة ، فلسطين، جامعة الاستقلال  2011م.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى