«ذي أتلانتك»: الحرب السورية تزرع ثلاثة نزاعات أكثر – .. تعرف عليها
مستقبل قاتم بعد داعش
ذي أتلانتك – بقلم كريشناديف كالامور – 13/2/2018
قسم الترجمة – 17/2/2018
عندما تحطمت طائرة إسرائيلية بعد إسقاطها فوق الأراضي السورية الأسبوع الماضي مثّل الأمر تصعيدًا خطيرًا في الحرب الأهلية السورية، ولكنه يعكس أيضًا حقيقة مستمرة، وهي حقيقة تزداد خطورة: فالحرب السورية تشمل ثلاثة صراعات دولية أخرى على الأقل، كل منها تتصاعد وتيرته حدة، وفق ما نشر تقرير لمجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية.
في الأسابيع القليلة الماضية وحدها، اشتبكت تركيا مع الأكراد السوريين، وهددت المدينة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في سوريا، وتعرضت طائرة مقاتلة إسرائيلية، كانت واحدة من سرب طائرات إسرائيلية، انطلقت ردًا على غارة قامت بها طائرة استطلاع إيرانية، انطلقت من سوريا نيران المدفعية السورية المضادة للطائرات؛ مما أجبر طياريها على الهبوط بالمظلة فوق الأراضي الإسرائيلية. وصدت القوات الأمريكية هجومًا شنه مقاتلون روس؛ مما أسفر عن مقتل عدد غير معروف منهم، تشير التقارير إلى أنه قد يكون بالمئات.
وإذا أخذنا كلًا من هذه المصادمات بشكل فردي، فإنها يمكن أن تتحول إلى شيء أكثر خطورة. وإذا ما نظرنا إليها بشكل جماعي، فإنهم يشيرون إلى الأسباب التي تجعل من الصعب حتى بعد هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)»، على سوريا أن تأمل في عودة الاستقرار قريبًا، ولماذا يمكن أن يكون الفصل التالي أسوأ من ذلك.
ونقل التقرير عن ريان كروكر، السفير الأمريكي السابق في سوريا، قوله: «كانت هناك قضايا: التوترات الكردية التركية – الأمريكية، التوتر بين إيران وسوريا وإسرائيل، لكننا وصلنا إلى مستوى لم يتم التوصل إليه من قبل، والأمر كله يأتي في آن واحد».
وقد بدأت هذه الانفجارات مؤخرًا فجأة، ولكن الظروف التي ترتبط بها كانت قد تهيأت بعد وقت قصير من اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الأسد في سوريا، وهي الاحتجاجات التي تحولت إلى حرب أهلية شاملة منذ سبع سنوات تقريبًا. وسرعان ما جذب الصراع بلدان أخرى. دخلت إيران النزاع في عام 2011 للمساعدة في دعم نظام الأسد في مواجهة الاحتجاجات المتنامية في جميع أنحاء البلاد.
وقد انضم حزب الله، وهي المليشيات اللبنانية التي تعمل وكيلًا إيرانيًا بعد فترة وجيزة، عندما بدا النظام في خطر السقوط؛ مما ساعد الأسد على إبعاد قوات المعارضة من تلقي بعضهم دعمًا أمريكيًا سريًا. بدأت الولايات المتحدة في قصف مواقع (داعش) و«القاعدة» في سوريا في عام 2014. ثم في عام 2015 عندما بدا أن قبضة الأسد على السلطة في خطر مرة أخرى، تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نيابة عنه.
مصالح متعارضة
وقالت إلينا بولياكوفا، وهي زميلة في برنامج السياسة الخارجية لمؤسسة بروكينجز، في رسالة بالبريد الإلكتروني نقلها التقرير: «إن هدف بوتين الأول في سوريا هو تثبيت نظام الأسد ودعمه، بما في ذلك عودة الأراضي التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة سابقًا، أو (داعش) لسيطرة النظام. بينما يتمثل الهدف الاستراتيجى لبوتين في توطين روسيا كوسيط قوى في الشرق الأوسط».
وقال التقرير إنه وخلال هذه الفترة نفسها، وبينما كان الأمريكيون يدعمون جماعات معارضة مختلفة، برز الأكراد بين القوات القتالية الأكثر قدرة في الصراع، لكنهم ظلوا مصدرًا للقلق بالنسبة لتركيا، التي قاتلت تمردًا كرديًا منذ عقود من جانبها على الحدود السورية. وترى تركيا أن الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة إرهابيين، حتى في الوقت الذي تعارض فيه نظام الأسد. ومن ثم دعمت تركيا جماعات معارضة أخرى، بما فيها الجماعات الإسلامية، التي تقاتل الرئيس السوري.
ثم كان هناك تنظيم (داعش)، الذي احتل في عام 2014 أجزاء كبيرة من سوريا والعراق. وحتمية هزيمة هذا التنظيم جعلت من الصراعات الأخرى أولوية أقل بالنسبة للعديد من الجهات الفاعلة المعنية. الولايات المتحدة وحلفاؤها وخصومها وجهوا الكثير من قوتهم النارية إلى تنظيم (داعش).
لكن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هُزم تنظيم (داعش) إلى حد كبير في سوريا، وظل الأسد في السلطة مع سيطرته الكاملة على البلاد، وبدأت أطراف الصراع تدعو إلى حل سياسي جديد في سوريا. إلا أنه لم يتم استبعاد أي من الظروف التي تسببت في الحرب الأهلية في المقام الأول، أو الخصومات التي ساعدت على استمراريتها.
ونقل التقرير عن منى يعقوبيان، المختصة في شئون سوريا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد السلام الأمريكي، قولها: «مع دخول سوريا مرحلة خطيرة وأكثر تقلبًا، ستتميز هذه المرحلة بأصحاب المصلحة الرئيسيين الذين يسعون إلى السيطرة على أرضهم، وضمان حماية مصالحهم».
تفادي التصعيد
وفقًا للتقرير، يبدو أن العديد من هذه المصالح المتعارضة بشكل أساسي تضمن مزيدًا من الصراع. سيسعى الأسد إلى توطيد وتوسيع سلطته على البلاد. وستحاول تركيا منع إقامة منطقة شبه مستقلة على حدودها. وسيكافح الأكراد لحماية الأراضي التي اكتسبوها. وستسعى إيران إلى جني مكاسب استثماراتها في سوريا والأسد.
وتعارض إسرائيل بشدة وجود عسكري دائم لإيران وحزب الله على حدودها في جنوب سوريا. وترغب الولايات المتحدة في ضمان عدم عودة داعش إلى الظهور. وتريد روسيا الحفاظ على الأسد في السلطة، وعلى مكانتها كوسيط في الشرق الأوسط.
وقال ريان كروكر، السفير الأمريكي السابق في سوريا: «إنها ليست فوضى كاملة بأية وسيلة، ولكن كل شيء خطير للغاية؛ لأنك لا تعرف ما سيحدث. في هذه المرحلة بالذات، لا يريد الأتراك، ولا الأمريكيون، ولا الأكراد، ولا إيران، ولا حزب الله، ولا روسيا، ولا النظام السوري، ولا أي طرف، أن يشهد حربًا شاملة».
ولا يمنع ذلك المتورطين في الصراع من رؤية ما يمكنهم أن يفعلوه ضد منافسيهم، وقد أظهر القتال الذي دار مؤخرًا بين تركيا والأكراد وإيران وإسرائيل والروس والولايات المتحدة ذلك. وفي كل حالة من هذه الحالات حتى الآن جرى تفادي تصعيد محتمل. في حالة تركيا والأكراد، قد تكون التهديدات الأمريكية قد ردعت تركيا عن هجوم أكثر خطورة.
وفي حالة إيران وإسرائيل، أشار أحد المصادر إلى أن مكالمة هاتفية غاضبة من روسيا حالت دون هجوم إسرائيلي أكبر على وكلاء إيرانيين في سوريا. وفي حالة روسيا والولايات المتحدة، كان أحد العوامل الرئيسة هو الإنكار المعقول: تزعم موسكو أن المقاتلين الروس الذين واجهوا القوات الأمريكية في سوريا كانوا ينتمون إلى شركات مقاولات خاصة كانت هناك، دون معرفة الحكومة.
مترجم عن
Syria’s War Is Fueling Three More Conflicts
للكاتب KRISHNADEV CALAMUR