ترجمات أجنبية

ذا اتلانتيك – مايك جيجلو – هذه الحقيقة المزعجة عن مصير الدولة الإسلامية

ذا اتلانتيك –  مايك جيجلو –  15/2/2020

فقد تنظيم “الدولة الإسلامية” كل أراضيه؛ وقتل عشرات الآلاف من مقاتليه أو سجنوا؛ كما قُتل زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي”. لكن قائدًا كرديًا شهد صعود وسقوط التنظيم يحذر من أن “الدولة الإسلامية” تستجمع نفسها ويؤكد حقيقة مزعجة مفادهما أن “الدولة الإسلامية” الآن أكبر مما كانت عليه قبل 6 سنوات، عندما أعلنت نفسها كخلافة.

“الدولة الإسلامية” لم تنته

حرصًا من الرئيس “دونالد ترامب” على المضي قدمًا؛ أعلن النصر على “الدولة الإسلامية”. ومع ذلك، فإن الصراع مستمر، لدرجة أن المرشحين الديمقراطيين للرئاسة يذكرون الصراع، تعبيرًا عن رغبتهم في سحب القوات.

إلا أن الواقع يوحي بأن وضع حد نهائي للصراع لا يزال بعيد المنال. فحتى بعد أن أنفقت أمريكا مليارات الدولارات خلال فترتين رئاسيتين لهزيمة التنظيم، ونشرت قوات في جميع أنحاء العراق وسوريا، وأسقطت الآلاف من القنابل، لا تزال “الدولة الإسلامية” قائمة.

وإذا كان هذا يدل على شئ، فهو أنها على استعداد لاستغلال نفاد صبر “ترامب” لإنهاء حروب أمريكا الأبدية وتحويله تركيز بلاده إلى مواجهة إيران.

وقال رئيس وزراء كردستان العراق “مسرور بارزاني” في مقابلة مع مجلة “ذا أتلانتيك”: “ما زالت الدولة الإسلامية سليمة إلى حد كبير. نعم، لقد فقدوا الكثير من قياداتهم ورجالهم. لكنهم نجحوا أيضًا في اكتساب المزيد من الخبرة وتجنيد المزيد من الأشخاص من حولهم. لذلك لا ينبغي الاستخفاف بهم”.

ويعتبر “بارزاني” في وضع يسمح له بمعرفة الواقع، لأنه كان في الصف الأمامي في الحرب ضد “الدولة الإسلامية” منذ البداية.

فقبل أن يصبح رئيسًا للوزراء في يونيو/حزيران، كان “بارزاني” شريكًا مؤثرًا للولايات المتحدة في الحرب ضد “الدولة الإسلامية” في المنطقة الكردية بالعراق، والتي تتمتع بشبه استقلالية عن الحكومة المركزية في بغداد.

دافع المقاتلون الأكراد، الذين يطلق عليهم البيشمركة، عن أراضيهم من هجوم “الدولة الإسلامية” في عام 2014 حتى عندما فرت فرق بأكملها من قوات الأمن العراقية التي دربتها الولايات المتحدة.

لم يثبت فقط أنهم أكثر الحلفاء العسكريين لأمريكا فعالية في البلاد، لكن جواسيسهم قاموا بتغذية المعلومات الاستخباراتية للأمريكيين، وساهم مسؤولوهم في تنسيق الضربات الجوية الأمريكية، كما عملت وحدات مكافحة الإرهاب الخاصة بهم جنبًا إلى جنب مع القائمين على العمليات الأمريكية الخاصة، وقُتل وجُرح الآلاف من البيشمركة في الحملة ضد “الدولة الإسلامية”.

تكتيكات “ترامب” تغذي التنظيم

راقب “بارزاني” بقلق تردد “ترامب” بخصوص وجود القوات الأمريكية التي كانت تدعم الأكراد السوريين في قتالهم ضد “الدولة الإسلامية”، ثم تصعيد “ترامب” لحدة المواجهة مع إيران، فيما بدا مستقبل المهمة الأمريكية في العراق غامضا.

بعد أن أمر “ترامب” بقتل الجنرال الإيراني “قاسم سليماني” في بغداد في يناير/كانون الثاني، تعهد السياسيون العراقيون بطرد القوات الأمريكية البالغ عددها 5000 جندي والمتمركزة في البلاد تحت مظلة الحرب ضد “الدولة الإسلامية”.

لم ينتقد “بارزاني”، الذي تعتمد حكومته بشدة على دعم الولايات المتحدة، “ترامب” بشكل مباشر على مقتل “سليماني”، قائلاً إنه فوجئ به. ولكنه دعا إلى تخفيف حدة التوترات الإقليمية.

في غضون ذلك، أخبر “بارزاني” مجلة “ذا أتلانتيك” أنه بعد مرور أكثر من 5 سنوات على الحرب التي قادتها الولايات المتحدة – وبعد العديد من التصريحات التي أدلى بها “ترامب” والتي تبشر بهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لا يزال لدى الجماعة نحو 20 ألف مقاتل في جميع أنحاء العراق وسوريا (حدد تقرير صادر عن البنتاجون الصيف الماضي عدد مقاتلي التنظيم بين 14 ألفا و 18 ألفا، وتشير تقديرات المحللين والمسؤولين الأمريكيين إلى أن عددهم كان يبلغ حوالي 10 آلاف عندما أعلنوا أنفسهم خلافة في صيف عام 2014).

ولا يزال التنظيم قادرًا على تنفيذ 60 هجومًا في الشهر في العراق وحدها، حيث يعيد التجمع حول نواة من المقاتلين المتمرسين.

لم يتوقف المسؤولون العسكريون الأمريكيون والسياسيون الغربيون والإقليميون عن التحذير من قدرة التنظيم على تجنيد المقاتلين وشن هجمات.

وعندما أمر “ترامب” بسحب القوات الأمريكية من سوريا في أكتوبر/تشرين الأول، واجه مقاومة من الحزبين من المشرعين الذين قالوا إن المهمة لم تنجز بعد.

لكن ما يلفت النظر في وصف “بارزاني”هو اعتبار أن التنظيم ليس مستمرا فحسب بل يزدهر، وهذا يعاكس الخط الرسمي للبيت الابيض.

عوامل نهوض التنظيم مستمرة

ولكن ذلك يتسق مع التحذيرات الأخيرة من المفتش العام في البنتاجون، الذي قال في تقرير الأسبوع الماضي أن مقتل “البغدادي” لم يعرقل هيكل قيادة “الدولة الإسلامية” أو عملياتها؛ وكذلك تحذيرات الأمم المتحدة، التي قالت في تقرير الشهر الماضي أن التنظيم لا يزال لديه 100 مليون دولار على الأقل في احتياطياته وبدأ في إعادة هيكلة نفسه في العراق وسوريا.

ومما يعيق إنقاذ الوضع تركيز الإدارة الأمريكية على معاقبة النظام الإيراني. لقد توج اغتيال “سليماني” شهورًا من التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تضمنت الهجمات المرتبطة بإيران على مصالح الشحن والنفط في الخليج والهجمات الصاروخية التي تشنها الميليشيات التي تدعمها إيران ضد القوات الأمريكية في العراق؛ وبعد مقتل “سليماني”، استخدمت إيران صواريخ لقصف قواعد تضم قوات أمريكية في البلاد.

وقال “بارزاني”: “بالتأكيد سيكون لهذه المواجهة تأثير سلبي على الحرب ضد الإرهاب والدولة الإسلامية، والتي يجب أن تكون الأولوية بالنسبة لنا جميعًا”.

لكن السبب الرئيسي وراء عودة “الدولة الإسلامية” هو استمرار نفس الظروف التي سمحت لها بالصعود في المقام الأول، وفق ما يقوله “بارزاني”.

فسوريا لا تزال في حالة من الفوضى. وفي العراق، فشل القادة الأمريكيون والعراقيون على حد سواء، منذ ما يقرب من عقدين، في حل مشكلات مثل الفساد وسوء الحكم والطائفية والشعور بالضيق الاقتصادي.

ولا تزال معظم المناطق ذات الغالبية السنية التي كانت معاقل “الدولة الإسلامية” قابعة في الدمار، الذي حدث معظمه بسبب الضربات الجوية الأمريكية، وبعضها الآن تحت سيطرة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، التي أغضبت الكثير من السكان بأساليبها الطائفية.

وقد دفعت الولايات المتحدة الدول الأخرى إلى المساهمة بأموال في إعادة إعمار المناطق الممزقة، لكنها لم تحدد أولويات هذه الجهود، التي تعرضت للعرقلة وسوء الإدارة.

لم يبذل القادة في بغداد سوى القليل من الجهد في المصالحة السياسية، وما يزال العديد من السكان في مخيمات المشردين.

وقال “بارزاني”: “إذا كان الناس عاطلين عن العمل، وإذا كان الناس يائسين، وإذا لم يكن لدى الناس أمن، وإذا لم تتح لهم الفرصة، وإذا لم يكن هناك استقرار سياسي، فمن السهل دائمًا على المنظمات الإرهابية التلاعب بالسكان المحليين”.

وأضاف: “إن الدولة الإسلامية منتج ثانوي. وطالما لا تزال هذه العوامل قائمة، سيكون هناك دائمًا إما الدولة الإسلامية أو شيء مشابه لها”.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى