ترجمات أجنبية

ذا أراب ويكلي – الفلسطينيون يواجهون خطر نسيان قضيتهم

ذا أراب ويكلي – كلود صالحاني 4/11/2018

هل خطر في بالك أن تتساءل، أثناء مشاهدتك الأخبار، لماذا يحمل المحتجون في كل مكان –بغض النظر عن جنسياتهم، وموقعهم الجغرافي، وانتمائهم اللغوي أو ميلهم السياسي- يافطات مكتوبة باللغة الإنجليزية؟

سواء كانوا من أفغانستان، أو روسيا البيضاء، أو العراق، أو إيران أو المناطق الفلسطينية وكل مكان آخر، سوف يكون هناك حتماً أناس في الحشد يحملون الشاخصات واليافطات التي تتحدث عن سبب احتجاجاتهم، وستكون الكثير من هذه اليافطات مكتوبة بالإنجليزية. وتحتوي البعض منها على أخطاء إملائية ونحوية، لكنها تُكتب بالإنجليزية. لماذا؟

الجواب بسيط: إنهم يعرضونها لفائدة وسائل الإعلام الدولية -كاميرات “سي. إن. إن”؛ صحفيي “بي. بي. سي”، ومراسلي “فرانس 24”. وقد تعلَّم المحتجون بمرور السنوات أنهم سيحظون بفرصة أكبر بكثير لاجتذاب عدسات الكاميرات إليهم، حتى لو لبضع ثوان، عندما يرفعون يافطات بالإنجليزية ربما يوصلون رسالتهم من خلالها. وهم يأملون بأن إقناع ما يكفي من المؤيدين في العواصم الغربية الرئيسية، مثل واشنطن ولندن وباريس وروما، يمكن أن يضع الضغط في نهاية المطاف على صانعي القرار للتدخل إلى جانب قضيتهم.

يشعر المحتجون في كل أنحاء العالم بالحاجة إلى إيصال محنتهم إلى المجتمع الدولي. وسواء كانوا يحتجون على قطع الأشجار في غابات الأمازون أو على احتلال أراضيهم، كما في حالة الأراضي الفلسطينية، فإن كسب دعم المجتمع الدولي يمنحهم ميزة.

إنه شيء يمنح المحتجين إحساساً بأنهم ربما لا يكونون وحيدين في العالم، وبأن هناك في مكان ما أناسا يدعمون قضيتهم.

يمكن أن يكون ليافطة محتج موضوعة في مكان مناسب، أو صورة إخبارية معروضة جيداً، آثار مهمة للغاية. وعلى سبيل المثال، خلال الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، واصل الأنصار المتعاطفون مع المعاناة الفلسطينية في الغرب تذكير الناس بالكارثة التي تحل بالمنطقة. أضف إلى ذلك صورة بسيطة لطفل رضيع لبناني أصيب بجراح بليغة خلال غارة شنتها الطائرات الإسرائيلية، والتي نشرتها صحيفة “الواشنطن بوست”، من بين أخريات. وقد شاهدَت الصورة نانسي ريغان، التي كانت سيدة أميركا الأولى في ذلك الحين. وأثرت فيها قوة تلك الصورة حتى أنها اندفعت إلى المكتب البيضاوي وهي تحملها في يدها، وطلبت من زوجها، الرئيس الأميركي رونالد ريغان، وقف الحرب.

حدث أن وزير الخارجية الإسرائيلي، إسحق شامير، كان يقوم بزيارة إلى واشنطن في ذلك الوقت، ليدق الطبول ويحشد الدعم لإسرائيل بينما تستعر الحرب في لبنان. وقد اتصل ريغان هاتفياً بشامير، و”وبخه بقوة وأعرب عن عدم موافقته”، كما قالت التقارير في ذلك الحين.

وعندئذٍ، اتصل شامير برئيس وزراء إسرائيل، مناحيم بيغن، ونقل إليه سلسلة الأحداث. وقد أصر ريغان على وقف لإطلاق النار، والذي تم التوصل إليه في نهاية المطاف، ولو أنه كان وجيزاً. ومع ذلك، أتاحت الهدنة لبيروت ومحيطها ساعات قليلة ثمينة من الراحة من موجات القصف المدفعي والبحري والجوي الإسرائيلي المتواصل.

ولكن، يبدو أن محنة الفلسطينيين فقدت قوتها بمرور السنين، سواء كانت اليافطات الاحتجاجية مكتوبة بالإنجليزية أو بغيرها. وقد شهدت الأوقات الأخيرة انفجاراً للعنف بين الفلسطينيين في غزة وبين الإسرائيليين. وأطلق الإسلاميون الفلسطينيون الذين يسيطرون على القطاع المضطرب الصواريخ على إسرائيل، فيما كان على ما يبدو رداً على شيء فعلته القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

وكما هو متوقع، رد الإسرائيليون بغارات وضربات جوية ضد عدة مواقع في غزة، والتي زعمت أنها معاقل لمجموعة حماس المتشددة.

لكن المدهش في هذا السياق هو أنه ليس هناك أي اهتمام على ما يبدو، خارج إطار الجانبين المعنيّين، بالأحداث التي تجري في المناطق الفلسطينية.

اعتاد قصف المنازل الفلسطينية أن يصنع أخباراً للصفحة الأولى في الماضي غير البعيد كثيراً. واليوم، أصبح مثل هذا الحدث يمر من دون أن يُلحظ، بينما وصلت هذه اللعبة من العين بالعين والقط والفأر التي يلعبها الفلسطينيون والإسرائيليون على مدى 70 عاماً تقريباً بعد تأسيس دولة إسرائيل إلى نقطة التشبع.

بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، وخاصة أولئك القادة قصيري النظر مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن هذا الجمود في عملية صنع السلام ربما يُنظر إليه على أنه ضوء إيجابي، والذي يسمح لهم باتخاذ موقف أكثر حزماً وقسنة في التعامل مع الفلسطينيين.

وفي المنطقة، هناك إشارات على الإجهاد أيضاً. وعلى سبيل المثال، لم تستدرج زيارة نتنياهو الأخيرة إلى سلطنة عمان ذلك الشجب المعتاد للتطبيع مع إسرائيل.

وبالنسبة للفلسطينيين، يشكل هذا الوضع سابقة خطيرة؛ حيث قد يتجاهل المجتمع الدولي محنهم ويهملها بالتدريج.

ربما تكون هناك القليل من اليافطات المتبقية، المكتوبة باللغة الإنجليزية في التظاهرة المقبلة في أوسلو أو ستوكهولم أو روما دعماً للفلسطينيين، ولكن لا تتوقعوا الكثير أبعد من ذلك.

يجب أن ينتبه الفلسطينيون إلى التغييرات الجارية في العالم. وعليهم شق طريقهم بعيداً عن الديماغوجية وإغراء الخطابة المتطرفة والتهديدات الفارغة.

لقد أصبح الغضب الذي تضخمه العاطفة قابلاً للتوقع تماماً، ناهيك عما يعنيه لخطر احتمال نسيان القضية الفلسطينية جملة وتفصيلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى