#شؤون إسرائيلية

د. يوسف يونس يكتب حكومة “اللا تغيير” الاسرائيلية بعد شهرين من استلامها مهامها

د. يوسف يونس – باحث مختص في الشؤون السياسية، نائب رئيس مركز الناطور للدراسات – 10-8-2021م

الملخص

  • سنحاول استعراض التحديات التي واجهت هذه الحكومة ، سواء على صعيد الوضع الداخلي او الخارجي، لمحاولة رسم صورة اكثر وضوحا عن الاحتمالات المستقبلية لتعامل الحكومة مع ابرز التحديات، وسنقدم توقعاتنا لاحتمالات وقدرة هذا الائتلاف على البقاء في ضوء التناقضات بين اقطابه.
  • التركيبة السياسية للحكومة الاسرائيلية موزعة ما بين ثلاثة تيارات رئيسية : ثلاثة أحزاب يمينية (19 مقعداً)، حزب “يمينا” (6 مقاعد بعد انشقاق واحد)، حزب أمل جديد (6 مقاعد)، وإسرائيل بيتنا (7 مقاعد). حزبان يمثلان كتلة الوسط (25 مقعداً): يوجد مستقبل (17 مقعداً) وأزرق وأبيض (8 مقاعد). حزبان يمثلان اليسار (13 مقعداً): العمل (7 مقاعد) وميرتس (6 مقاعد).
  • لا تتعارض مواقف الحكومة الجديدة مع مواقف الحكومة السابقة بقيادة بنيامين نتنياهو في الشؤون الخارجية والأمنية، التي يوجد عليها توافق داخلي ، ومنها الملف النووي الايراني، والتواجد الايراني في سوريا والعراق، ومشروع حزب الله للصواريخ الدقيقة، والوضع السوري، والتهديد العسكري لحماس في غزة، وعلاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة والصين وروسيا، واتفاقيات التطبيع، ومكانة إسرائيل السياسية في العالم، ما جعلنا نطلق عليها اسم حكومة “الـ لا تغيير”.
  • ستكون الحكومة الجديدة عاجزة عن اجراء أي تغييرات سياسية ، بسبب المواقف المتباينة، ومن غير المتوقع ان تحمل الحكومة الاسرائيلية الجديدة أي تغيير، وستتبنى نفس السياسات التي رسمها نتنياهو، وخاصة فرض القانون الإسرائيلي على “مناطق ج” ، وحصر الكيان الفلسطيني في مناطق “أ” و “ب”، أي 38%، في بانتوستانات مقطعة الأوصال، وبقاء حدود هذا الكيان ومعابره بيد اسرائيل، ومنع الفلسطينيين من امتلاك أي قدرات عسكرية، وتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة، وإنشاء متروبولين القدس الذي يصل بالقدس إلى مشارف مدينة الخليل من الجنوب ، والى البحر الميت من الشرق ، ويطوق مدينة رام الله من الشمال بكتل استيطانية من جميع الجهات.
  • سيتم تجنّب التعامل السياسي مع الملف الفلسطيني، مع التركيز على تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية أمنية – اقتصادية، وفق تصور “السلام الاقتصادي”. وستفرض اسرائيل القضايا الإنسانية والاقتصادية، في الضفة الغربية حيث يتم طرح مطالب حياتية تحت عنوان “الشروط الفلسطينية لإجراءات بناء الثقة” من قبيل تخفيف الحواجز، وزيادة تصاريح العمل، وتطوير شبكات الهواتف الخلوية إلى الجيل الرابع، وإعادة الشرطة الفلسطينية إلى معبر الكرامة. وفي قطاع غزة، اصبح المطروح فقط مستقبل المنحة القطرية ومواد إعادة الإعمار، ومساحة الصيد البحري ، كلها لا تخاطب الهدف الرئيس للشعب الفلسطيني وهو إنهاء الاحتلال، بل إنها تساهم في تكريسه.
  • السلوك الإسرائيلي تجاه قطاع غزة، يسعى الى خلق قناعات بأن استخدام السلاح، لا يمكن أن يحقق لسكان القطاع سوى المزيد من المعاناة. وفي المقابل لا تملك الفصائل الفلسطينية تملك خيارات كثيرة، لمواجهة هذا الوضع فهي لا تستطيع تفجير الموقف، بينما يعاني السكان من أزمات كبيرة، وأفضل ما يمكن توقعه هو العودة لتفاهمات لا تصل إلى حد رفع الحصار، أو تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للسكان. حتى العودة لتنشيط الإرباك الليلي والبالونات الحارقة والمتفجرة، فإن ذلك يتم بحدود إرسال رسائل غضب ليس أكثر، وأيضاً حتى لا تغضب الوسطاء فضلاً عن أنها تستدرج قصفاً إسرائيلياً بالطيران الحربي. الفصائل أمامها خيار المصالحة والمبادرة لإعادة بناء الحالة الفلسطينية، لكن هذه تبدو صعبة إلى حد كبير ما لم تقدم تنازلات أساسية ذات أبعاد سياسية. وستسعى الحكومة الاسرائيلية الى ترسيخ ميزان ردع جديد في قطاع غزة ، يستند الى توجيه رد عسكري مناسب، دون اشعال مواجهة عسكرية واسعة، وهو ما من شأنه أن يحمل رسالة لحركة حماس بضرورة تجنب التوجه الى عملية عسكرية اخرى لن تخدم مصالح الحركة.
  • على الرغم من استبعاد التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية امكانية قيام الإدارة الأمريكية بعرض أفكاراً جديدة لدفع العملية التفاوضية مع الفلسطينيين وفق مبدأ حل الدولتين، ومجمل ما ستقوم به واشنطن هو “إدارة الأزمة”، وليس التقدم بأفكار لحلها، للحفاظ على الوضع الراهن. الا ان التحدي الأساسي أمام الحكومة الاسرائيلية سيتمثل في كيفية التعامل مع التوجهات الامريكية للتعامل مع هذا الملف، الذي قد يؤدي الى حدوث ازمات ائتلافية، بسبب تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية التي لن تتحمل أي مبادرات سياسية. ولذلك جرى اتفاق كبير بين قطبي الحكومة الاسرائيلية الجديدة لتجنب تلك الازمات المحتملة بالسعي الى تأجيل موضوع السلام مع الفلسطينيين، مع الابقاء على الهدوء، وصولا الى اقناع الإدارة الأمريكية بدعم “حوار ثنائي” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لتعزيز المكانة السياسية والاقتصادية للسلطة الفلسطينية، تجسيدا لما يسمى “السلام الاقتصادي”.
  • لا يزال موقف اسرائيل غير واضح فيما يتعلق بقرار التوجه الى الحرب لإحباط جهود حزب الله لتطوير الصواريخ الدقيقة. وتستبعد التقديرات الاستخبارية أن يتحول الصراع “المنخفض الشدة”، مع حزب الله إلى “الحرب الشاملة”، حيث تواجه العقيدة الدفاعية الاسرائيلية مشكلة عدم بناء الدفاعات الجوية الإسرائيلية متعددة الطبقات لتحمل القذائف بمعدل 2000 صاروخ يوميًا ، وهذا ما يفرض مناقشة البدائل الاستراتيجية، قبل اتخاذ قرار المواجهة او تحديد السياسات الممكنة على الجبهة الشمالية.
  • أغلبية الصوت الواحد ستبقي الحكومة الاسرائيلية هشة أمام أية أزمة قد يواجهها الائتلاف الحكومي ، فالتباينات بين أحزاب اليمين والوسط واليسار في الحكومة كبيرة جداً، خاصة في الشؤون السياسية. وفي ضوء ضعف وزراء الحكومة الحالي ، وقلّة خبرتهم القيادية، وعدم انسجام اطراف الائتلاف الحكومي، والتحديات الاستراتيجية المرتقبة ، فانه من المتوقع أن يكون للمؤسسة الأمنية الاسرائيلية دورا أكبر في صناعة القرار السياسي في اسرائيل المرحلة القادمة، حيث سيكون من الصعب على الحكومة اتخاذ قرارات في الشأن السياسي والأمني، وسيكون من الأسهل عليها ترحيل القرار إلى المؤسسة الأمنية للتخفيف من وطأة النقاشات الداخلية ومن نقد المعارضة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook 

الدراسة في الرابط التالي 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى