#شؤون إسرائيلية

د. يوسف يونس: انتخابات الكنيست الـ21 عودة الى الحائط الحديدي

د. يوسف يونس، مركز الناطور 4-5-2019: انتخابات الكنيست الـ21 عودة الى الحائط الحديدي

  • نتائج انتخابات الكنيست الـ21 ، تثبت مرة أخرى أن المجتمع الاسرائيلي يتجه نحو اليمين المتطرف. والجمهور الإسرائيلي اتجه إلى اليمين بأشكاله المختلفة، سواء اليمين المتطرف او اليمين التقليدي، وهذا ما يعكس أن أكثر من ثلثي الكنيست الحالي من معسكر اليمين.
  • فان المشهد السياسي الاسرائيلي التقليدي ما بين اليمين واليسار لم يعد قائما وفق برامج الاحزاب الاسرائيلية ، التي تبنى غالبيتها مواقف متشددة تجاه الفلسطينيين ، وجاءت نتائج الانتخابات لتنهي حالة التوازن القائمة بين معسكري اليمين واليسار ، لنجد ان اليمين ومواقفه السياسية باتت تهيمن على المشهد السياسي الاسرائيلي. وتنامت قوّته بفضل المنجزات الّتي حققها نتنياهو في بعض القضايا على مستوى السّياسة والاقتصاد، وهي القضايا ذاتها الّتي طغت على حملته الانتخابية وهي تحويل إسرائيل إلى قوة اقتصادية، لها علاقات مع مختلف دول العالم بما فيها دول عربية، وعلاقاته القوية مع الولايات المتحدة وروسيا ، وإعلان القدس عاصمةً لإسرائيل؛ والسيادة على الجولان، وحصار إيران، بالإضافة إلى تثبيت قوة الرّدع على كل الجبهات والحفاظ على أمن إسرائيل.

أ – اسرائيليا

  • سيحاول نتنياهو تشكيل حكومة “يمينية”، متوافقة سياسيًّا أكثر من سابقتها متجاوزاً في ذلك بعض الشخصيات والعقبات، وسيمنح بعض الأحزاب الصغيرة حقائب وزارية كبيرة، ولكنه سيواجه تحديات يتعلق بعضها بتكوين ائتلاف من أحزاب اليمين والذى قد يبدو مهدداً حال انسحاب أحد أحزابه فى حين ترتبط الأخرى بالاشكاليات الاستراتيجية والأمنية  .
  • وسيسعى للسيطرة على التوتر مع “ليبرمان” ، والذي يشكل عقبة مهمة أمام ”نتنياهو”،  لكن  “ليبرمان” قد يضطر إلى القبول  بمنصب وزير الخارجية حال إصرار “نتنياهو” على الاحتفاظ  بحقيبة الدفاع. و لن يسعى على الأرجح  لتحدي “نتنياهو” “، ولا سيما وأن انسحابه الأخير من الحكومة الائتلافية لم يؤثر على نتائج الانتخابات، بل أفضى إلى فقدان حزبه مقعدًا من مقاعده في الكنيست السابق
  • وسيعمد حزب كولانو بقيادة موشيه كحلون” إلى الاحتفاظ  بحقيبة المالية والتى تولاها فى الحكومة السابقة ، وسيتمسك حزب شاس بحقيبة الأمن الداخلى وقد لا تجد تحالف أحزاب اليمين مشكلة كبرى في انتزاع حقيبتي التعليم والعدل، وسيحاول “نتنياهو” الاحتفاظ بعدة وزارات لصالح الليكود تجنباً لأى مناورة أو ضغوط  قد يقوم بها أحد الأحزاب عقب  تكوين  الائتلاف، بغية  تحقيق  بعض المكاسب مقابل عدم الانسحاب من الائتلاف وتقويضه، وهو النهج المعتاد من بعض الأحزاب مثل “شاس” الذي سيتمكن بمقاعده الثمانية من أن يمنع تفكك الائتلاف في حالة انسحاب أحزاب أصغر مثل “كولانو” إذا لم يندمج مع الليكود، ولكن في مقابل ذلك سيضغط “شاس” لمنع الأحزاب العلمانية من تمرير قانون “تجنيد أبناء الحريدية” الذي تم تأجيل تطبيقه عدة مرات.
  • وبينما تشكل ملفات الفساد المتورط فيها نتنياهو نقطة ضعف محورية قد تسفر عن تفتيت كتلة اليمين، حال إدانة القضاء الإسرائيلي لنتنياهو خاصة مع ارتباط الكتلة بشخص رئيس الوزراء , لذلك تعد حقيبة القضاء أكثر الحقائب الوزارية حساسية لنتنياهو في هذا السياق، وسط تقارير تؤكد أن أبرز المرشحين لتولي هذه الحقيبة هما: القيادي في حزب الـ”ليكود”، ياريف ليفين، أو المرشح الثاني في قائمة “اتحاد أحزاب اليمين” بتسالئيل سموتريتش. وسيضغط نتنياهو للاحتفاظ بوزارة العدل للـ”ليكود”، وسيحاول أن يقنع سموتريتش بالقبول بوزارة الأمن الداخلي، والمعنية كذلك بتطبيق وإنفاذ سلطة القانون.
  • سيحاول نتنياهو نتنياهو تفتيت المعارضة مع التركيز على تحالف ازرق ابيض الذي لا يمكن التعويل على تماسكه على المدى الطويل ، وكذلك استبعاد امكانية ان يشكل معارضة قوية في الكنيست بسبب تبيان مواقف زعمائها و تشرذم كتلتها بين أحزاب يسارية هامشية مثل “ميرتس” التي لا تتواءم أيديولوجيتها كحركة مع مواقف أحزاب الوسط ويمين الوسط .

ب – فلسطينيا :

  • يتوقع ان يتبنى نتنياهو سياسات أكثر تطرفا ضد الفلسطينيين، خاصة بعد أن حصلت الأحزاب اليمينية على أعلى نسبة تصويت داخل إسرائيل، ما يعزز عند نتنياهو بذل المزيد من التطرف واتخاذ خطوات أشد ضراوة تستهدف الحق الفلسطيني.
  • اليمين الإسرائيلي سيسعى للاعلان عن ضم الجزء الأكبر من الضفة الغربية تحت قانون “فرض القانون المدني الإسرائيلي على المواطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية”، حيث تبلغ مساحته حوالي 61% من مساحة الضفة الغربية، وهي المساحة التي تضم شبكة المستوطنات ومحيطها في الضفة، والمناطق المصنفة عسكرية، بالإضافة إلى غور الأردن الذي يشكل حوالي 28% من مساحة الضفة الغربية الإجمالية، اضافة الى مستوطنات القدس والتي تتعامل معها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة انها اراضي اسرائيلية.
  • ستكون توجهات نتنياهو في مواجهة تحديات خارجية أكثر تعقيدا في مقدمتّها خطة السلام التي سيطرحها ترمب، والتى قد يصعب على أحزاب اليمين تقبلها، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى أزمة ائتلافية. يضاف إلى ذلك التحديات الامنية التي سيخلقها ضم مستوطنات الضفة الغربية. وهناك عائق آخر يقف في طريق نتنياهو يتمثل مساعي إيران للتمركز فى سوريا , حيث تمكنت الحكومة الإسرائيلية السابقة من  تحجيم نوعى لطهران لكنها اليوم تجد نفسها مضطرة إلى إيجاد آلية تسمح لها بالمحافظة على حرية نشاطها العملياتي , وفى الوقت ذاته تلافى أى تعقيدات محتملة مع الجانب الروسي, وفى ظل الشكوك المتزايدة حول نجاح إسرائيل بإبعاد إيران تماماً عن الجبهة الشمالية، والذي سيظل التحدي الأكبر في المستقبل.
  • وستكون مخططات نتنياهو الاستراتيجية لاختراق المحيط العربي في مأزق في ظل الرفض الفلسطيني، والذي لا يمكن تجاوزه. فعلى الرغم من المأزق الذي تواجهه السلطة الفلسطنيية الا انها قادرة على نقل المشكلة الى الجانب الاسرائيلي من خلال الاصرار على رفض الصفقة الامريكية والقيام بتحركات دبلوماسية لحشد الدعم للموقف الفلسطيني وعقد تحالفات عربية والتلويح بقرارات المجلس المركزي والتي تبدو الخيار الاخير للسلطة الفلسطينية.
  • وبصرف النظر عن شكل الحكومة المقبلة، فإنه من المؤكد ان تحوّل المجتمع الاسرايئلي نحو اليمين المتطرف، ستكون له تداعيات خطيرة على علاقة اسرائيل، ليس بالقضية الفلسطينية فقط ، وإنما أيضاً بالحيط العربي، ما يتطلب مقاربة جديدة في التعامل مع المخاطرة المحتملة لذلك ويفرض على السلطة الفلسطينية التفكير جديا في بدائل استراتيجية لمواجهة تلك التوجهات اليمينية المتطرفة المحتملة من الحكومة الاسرائيلية المقبلة.

 ج – استراتيجيا:

  • هيمنة اليمين على المشهد السياسي الإسرائيلي، بالتزامن مع التلاشي التدريجي لليسار الإسرائيلي، سيكون لها انعكاسات هامة على الصعيد السياسي الإسرائيلي الداخلي، وكذلك على القضية الفلسطينية، والعلاقة مع الدول العربية. وعلى الرغم من ان الكنيست الـ21 سيحمل توجهات يمينية الا انه في المقابل سيحمل الكثير من العقبات والمشاكل لنتنياهو ، على عكس ما يتوقع، فالاستحقاقات الدولية المطلوبة من الحكومة الاسرائيلية المقبلة ، ستكون بمثابة حقل الغام قد ينفجر وينهي تحالفات نتنياهو اليمينية. فالمشهد الاقليمي واعادة ترتيب التحالفات الاقليمية برعاية الولايات المتحدة وادارة الرئيس ترامب الساعية الى اقامة تحالف عربي اسرائيلي في مواجهة ايران ، تتطلب من اسرائيل تقديم بعض التنازلات على صعيد القضية الفلسطينية ، وهو الامر الذي سيتعارض مع توجهات نتنياهو وحلفاءه من اليمين الاسرائيلي.

بينما تشهد المنطقة تغييرات جيواستراتيجية متسارعة واعادة رسم تحالفاتها واعادة ترتيب سياساتها باتجاه اكثر انفتاحا على العالم واندماجا في تلك التطورات فاننا نشهد موقفا اسرائيليا متعارضا مع هذه التغييرات منكفأ على التوجهات اليمينية المتطرفة والمزاج اليميني الحاد الاخذ في التطرف في اسرائيل، دافعا باستمرار وديمومة “الحائط الحديدي” الذي احاط دائما بدولة الكيان الاسرائيلي، بالرغم من محاولات اخراجه من هذه العزلة، التي كانت احدى اهم مقومات تأسيسه ، ويبدو انه استمرت كذلك ولن تفلح معها كافة محاولات الاندماج ، بالرغم من تسرع الكثير من الاطراف العربية بهذا الاتجاه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى