أقلام وأراء

د. يوسف مخاطباً حماس : “لقد أخفقنا يا قوم فاعتبروا يا أولي الأبصار”

د. أحمد يوسف ٢١-٨-٢٠١٨م

ما أشبه حال شعبنا اليوم بأحوال قوم موسى منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة مضت، 

في الحكومة العاشرة، وخلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، جرت العادة أن يتم افتتاح الجلسة بأن يقرأ أحد الوزراء بضع آيات من الذكر الحكيم، وكأنهم يحرصون على اختيار آيات يمكن التعليق عليها، ولها اسقاطات مرتبطة بواقعنا، وما فيه من حالات التدافع التي تحمل بعض الإشارات، ولها إيحاءات ودلالات معينة.

ففي ذات يوم من تلك الأيام الخوالي من عام 2006، قرأ أحد الوزراء الآية التي تجرى كلماتها كشكوى من قوم موسى (عليه السلام) موجهة إليه: “قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا، وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا، ۚقَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ، وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ”. ودار النقاش حول عبارة “فينظر كيف تعملون؟”.

و توسعت الاجتهادات والتفسيرات إلى أن الناس أتعبها ظلم من سبق، ونحن بالنسبة لها اليوم بمثابة المُخلِّص وطوق النجاة، وأنهم ينتظرون منا أن نخرجهم مما هم فيه من حاجة وفاقة وكرب شديد، وأن سنوات وجودنا في الحكم هي اختبار لنا ولمبادئ دعوتنا ومنظومتنا القيمية.

والمطلوب هو أن نكون على مستوى هذا التحدي الرباني، وإن هذه الآية تخاطبنا نحن الجالسين اليوم في مشهد الحكم والسياسة، وأن قومنا بانتظار مشاهدة تطبيق كل ما وعدناهم بعمله خلال حملاتنا الانتخابية، والتي منحونا عليها ثقتهم وأصواتهم”.

مشاهد النشوة والحماس التي أصابت – يومذاك – الجميع؛ من رئيس الوزراء والوزراء والمستشارين وبعض الوكلاء، وأحاول قراءتها – اليوم – في سياق ما يتعرض له أهل قطاع غزة من جوع وألم ووجع ومعاناة وإذلال فاق الوصف، لا أملك معه إلا القول: إن كل ذلك بما كسبت أيدينا، وعدم تدبرنا للعواقب.

فلم نقدم النموذج الذي يسعفنا في الدفاع عن أنفسنا، وفشلنا بكل مستوياتنا القيادية أن نطرح أمثلة تربينا على الحب والاعجاب بها، فلم يظهر بيننا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والكثير من نماذج الصحابة التي أرهقنا خطباء المساجد بتذكيرنا بهم في كل وقت.

 عندما نسألهم أين نماذجنا من هؤلاء، ونحن في مشهد الحكم لأكثر من عشر سنوات؟!! يبدأ اللسان في التلعثم، وينشط في التبرير بأننا لم نأخذ فرصتنا، وأن هناك قوى تتآمر علينا، وتشدد بسياساتها العدوانية الحصار!!.

لقد أخفقنا يا قوم، وطاشت سهامنا؛ فلا حكمة ولا تدبير، ولا أهلية سياسية، ولا رؤية في فقه الواقع ولا دراية بمآلاته، واجتهاداتنا كحاطب ليل؛ خبط عشواء، وتهميش لأهل الرأي والمشورة، وما هو قادم ليس أكثر من سراب خادع، وهو لدى طهابيب السياسة عارض ممطرنا، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى