القدس

د. وصفي كيلاني يكتب -“أين يقع المسجد الأقصى؟” تفنيد مغالطات أسامة يماني كاتب صحيفة عكاظ

بقلم  د. وصفي كيلاني – 17/11/2020

نشر الكاتب السعودي أسامة يماني بتاريخ 13 تشرين ثاني 2020 في صحيفة عكاظ مقالاً أثار موجة استهجان وغضب عارمة في العالم الإسلامي يكرر أو يدعم في مقاله ادعاءات باحثين مستوطنين يهود “بأن المسجد الأقصى المبارك غير موجود في القدس، وأن القدس ليست مهمة للمسلمين إلا لأهداف سياسية. وأن المسجد الأقصى في القدس اختلاق أموي !!!”

أود في هذا المقال أن أشرح لليماني ورفاقه الذين خرجوا مؤخراً بمقالات تشكيك بثوابت الأمة الإسلامية وقيمة مقدساتها بأن هذه الإدعاءات لا تمرر على طفل فلسطيني مقدسي متابع للروايات التهويدية التي يخطها المتطرفون اليهود على الطرقات المؤدية للمسجد الأقصى، مثل مشاهدة قارمة كتب عليها “إلى مسجد أقصى” ظناً من العاملين في بلدية الاحتلال أن إلغاء أل التعريف قد يلغي اعتبار المسجد على أنه أحد أقدس ثلاثة أماكن في الإسلام ! أو أن أطفال القدس سيضلون الطريق إلى المسجد الأقصى المبارك وسيذهبون إلى “الجعرانة” ! والتي يعرفها الفلسطينيون فقط من مستوطن جامعة بار إيلان دكتور موشيه كيدار، كما يعرفون عنه بأنه خبير تشويه وتحريف في أصول الدين الإسلامي !!

• يقول اليماني مستغرباً: “إذا سألت عن موقع المسجد الأقصى، الجواب عند ملايين المسلمين أن المسجد الأقصى الذي جاء ذكره في القرآن في سورة الإسراء، يقع في فلسطين.” !!

نسأل اليماني: وهل ممكن أن ينطق ملايين المسلمين بموقع المسجد الأقصى على أنه في القدس الشريف في فلسطين عبثاً أو على عمى؟ نعم، سينطق كل مسلم ذو عقيدة صافية بان المسجد الأقصى في القدس الشريف، وأنه أحد أقدس ثلاثة أماكن في الإسلام، وأنه أولى القبلتين وذلك عن علم وعن عقيدة وعن فطرة متواترة وثابته لجميع المسلمين وكجزء من إيمانهم العقدي بوحدانية الله سبحانه وتعالى ونبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. نعم، سينطقون بهذا الجواب لأن حجارة المسجد الأقصى في القدس وقبور الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم مثلما هي عهدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومنبر صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنهم لا تزال جميعها شواهد حية على هذه الحقيقة على مدى 1400 سنة دون انقطاع.

وهل يريد اليماني أن يدعي أيضاً بأن عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي والسلطان سليمان القانوني والشريف الحسين بن علي وملايين علماء وحجاج المسلمين أضاعوا الطريق وأنهم ضحوا وجاهدوا من أجل الوصول لمكان المسجد الأقصى الخطأ!!!

أدناه بعض البراهين رداً على بقية إدعاءات اليماني ودليلاً على صحة عقيدة وفطرة إجماع المسلمين على أن المسجد الأقصى المبارك / الحرم الشريف في القدس الشريف:

• يقول اليماني: “غير معروف لدى كثيرين أن مدينة القدس لم يكن اسمها كذلك في زمن الرسول ولا في زمن الصحابة؛ فقد كانت في القديم تُعرف بمدينة إيلياء، حيث أن اسم إيلياء نسبة إلى إيلياء بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام…..والواقع أن أول اسم ثابت لمدينة القدس، هو «أوروسالم» أو «أوروشالم» (مدينة السلام).” و يشكك اليماني كما هم مصادره من المستوطنيين اليهود المتطرفين بأن المسجد الأقصى ليس قبلة المسلمين الأولى.

• نوضح لليماني: لقد أشارت آيات كثيرة في القرآن الكريم إلي القدس بعدة مسميات، وورد إسم بيت المقدس في معظم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تتحدث عن فضائل المسجد الأقصى المبارك.

القدس قبلة المسلمين الأولى وأحد أقدس ثلاثة أماكن في الإسلام

• المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، ومدينة القدس القديمة كاملة امتداداً له، هو ثالث الحرمين الشريفين، أي أنه واحد من أقدس ثلاثة أماكن في الإسلام. وهو لا يقل عن الحرمين الآخرين درجة أو أهمية، كما يتم الإدعاء في بعض الأحيان، بل إنه بكل بساطة واحد منهم. والقدس كانت قبلة الإسلام الأولى في بعض الروايات ستة عشر عاما قبل فرض الصلاة والراجح ستة عشر أو سبعة عشر شهراً من الدعوة الإسلامية بعد فرض الصلاة عندما كان سيدنا محمد في المدينة المنوّرة. وذلك ثابت في كلام الله في سورة البقرة:

(البقرة، 2: 142-143)

الإسراء والمعراج

• وإلى القدس أيضاً أُسْري بالرسول من مكّة، في معجزة الإسراء، إلى المسجد الأقصى المبارك. وهناك، تقدّم سيدنا محمد صفوف أنبياء الله جميعاً إماماً لهم في الصلاة، ومن ثم عرج به إلى السماوات السبع حيث أكرمه الله وفرض عليه الصلوات الخمس العظيمة، والتي فُرضت على جميع المسلمين منذ ذلك الحين. يقول : (الإسراء، 17: 1)

القدس في القرآن الكريم

• تتمّ الإشارة إلى القدس في العديد من المواضع في القرآن الكريم، ومنها الآيات التالية: (البقرة، 2: 58)

(البقرة، 2: 63)

(البقرة، 2: 93)

(النساء، 4: 154)

(المائدة، 5: 21)

(الإسراء، 17: 4-7)

(الإسراء، 17: 104)

(مريم، 19: 52)

(التين، 95: 1)

• إذاً، وفقاً لتفاسير القرآن الكريم، فإن “القرية” و”الأرض” و”الأرض المقدسة” و”الطور” و”المسجد” و”الزيتون” كلها تشير إلى القدس أو إلى أماكن في القدس.

القدس في الأحاديث النبوية الشريفة

• وقد ذكر الرسول القدس في عدد من الأحاديث الشريفة، مثل ما يلي:

“اعْدُدْ سِتًّاً بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ، مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطاً، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا”. (صحيح البخاري، كتاب الجزية)

“صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَساجِد إِلَّا الْمَسْجِدَ الأقصى”. (مسند الإمام أحمد)

وروي في مسند البزّار أنّ الرسول قال: “مَنْ ماتَ في بَيْتِ المَقْدِسِ فَكَأَنَّما ماتَ في السَّماء”.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: “تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلوات الله وسلامه عليه أيهما أفضل: أمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلى لله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو. وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه (أي مثل حبل فرسه) من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا وما فيها.”

“لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم. كالإناء بين الأكلة حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم كذلك. قلنا: يارسول الله وأين هم؟قال بأكناف بيت المقدس.” رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.

الحجّ الإسلامي إلى القدس

• ولذلك، وعلى مدى أكثر من 1,400 عام، جرت العادة أن يزور الحجّاج المسلمون القدس بعد أدائهم لفريضة الحجّ في مكّة وزيارتهم للمدينة المنوّرة فيما يعرف بـ”تقديس الحج”. وثبّت سيدنا محمد هذه الشعيرة، بقوله :

“لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ، مَسْجِدِ الْحَرَامِ [في مكّة]، ومَسْجِدِ الأَقْصَى [في القدس]، ومَسْجِدِي هَذَا [في المدينة المنوّرة]”. (صحيح البخاري، كتاب الصوم)

القدس والأنبياء

• والقدس تحمل أهمية لدى المسلمين بسبب ارتباطها بالأنبياء والرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، مثل ساداتنا آدم، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحق، ويعقوب، ويوشع، وداود، وسليمان، وزكريا، ويحيى، وسيدتنا مريم، وخاصة سيدنا عيسى، عليهم السلام. كل هؤلاء منزّهون عن الخطيئة في الإسلام، ومنهم سيدنا داود وسيدنا سليمان اللذان يعدّان من الأنبياء المنزّهين، وليسا مجرد ملكين حكيمين. لذا، فإن أسباب قدسية مدينة القدس في اليهودية والمسيحية هي أيضاً من أسباب قدسيتها لدى المسلمين. وينطبق هذا بشكل خاص على علاقة القدس مع سيدنا عيسى الذي يعترف المسلمون بأنّه المسيح، والذي قال عنه سيدنا محمد :

“مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ، أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأنّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأنّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ”‏‏. (صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء)

أقدس بقعة: قبة الصخرة المشرّفة

• تحتوي قبة الصخرة، والتي تقع ضمن حرم المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، على الصخرة المشرّفة التي تحمل أثر قدم الرسول . فمن هذه الصخرة عرج سيدنا محمد إلى السماوات العلى. أيّ أنّ قبة الصخرة هي أقدس بقعة في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، الذي يعدّ مقدساً ومباركاً بأكمله عند المسلمين.

• بعد كل هذه الأدلة وهي جزء يسير مما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص الأقصى وبيت المقدس، هل يريد الكاتب أسامة اليماني أدلة أخرى على علاقة المسجد الأقصى بالقدس وبيت المقدس أم يريد أن نقدم له مئات الأدلة على هذه التسميات من تفاسير التلمود والكتاب المقدس؟ وهل يريد اليماني أدلة حتى يقتنع بأن المقصود بقوله سبحانه وتعالى في سورة الصف “ومبشراً بنبي يأتي من بعدي اسمه أحمد.” بأن “أحمد” هو أحد أسماء سيد المرسلين “محمد” عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين؟

القدس والخلفاء الأمويين

• يستخف اليماني بعقل وجهد الخلفاء الأمويين بأنهم اختلقوا قصة المسجد الأقصى وبناءه لهدف سياسي وهو صرف أنظار المسلمين عن الكعبة المشرفة.

• هذا الإدعاء أيضاً دليل على عقيدة الأمويين و إدراكهم بأن قيمة المسجد الأقصى وبيت المقدس كمركز ديني وسياسي وحضاري للأمة الإسلامية لا تقل عن قيمة المسجد الحرام ومكة المكرمة في عقيدة المسلمين وإلا ما كان للأمويين أن يتخذوها محجاً للمسلمين وعاصمة دينية لخلافة أموية فتحت باسم الإسلام مشارق الأرض ومغاربها ، مثلما اتخذوا القدس مقراً لمبايعة الخلفاء المسلمين في رحاب الأقصى. فلو لم يعلموا أهمية المسجد الأقصى وبيت المقدس الدينية لكان أولى بالخلفاء الأمويين أن يكتفوا بما بنوه وشيدوه من قصور عظيمة ومساجد في بغداد وفي عاصمتهم الرئيسة دمشق، غير أن كلتا المدينتين تفتقدان للقداسة وللأهمية الدينية في عقول وقلوب المسلمين.

المسجد الأقصى في السماء!

• من الواضح أن أسامة اليماني، إذا حسنت نيته بأنه يريد أن يكشف عن منابع بحث جديد مثير لدهشة ومعارضة بعض القراء، فإنما هو يخدم نظرية يهودية استيطانية تريد تحويل عقيدة المسلمين ويقينهم بمكان الأقصى الحالي إلى مثار اختلاف ونقاش، وهي الحيلة التي تم بها احتلال ومصادرة معظم عقارات وأراضي لم يقدروا على نزع ملكيتها من الفلسطينيين بالشراء أو الإغتصاب: يقوم المحتل عادة بتحويل المكان إلى صفة “متنازع عليه” تمهيداً لاحتلاله (أنظر كتاب “القدس المتنازعة” لمناخيم كلاين حول القدس في المفاوضات.

• بخصوص المسجد الأقصى، فإن هذه النظرية الاحتلالية تقول ربما يستطيعوا استخدام إدعاء باطل آخر يقول بأن الأقصى موجود في السماء وليس على الأرض، وهي نظرية تلمودية وصهيونية-مسيحانية تدعي بان بيت المقدس رفع إلى السماء أو موجود في السماء الدنيا أو الرابعة وليس على الأرض. ويستحضر الدكتور حسام الدين عفانة من جامعة القدس أمثلة من الموسوعة الإسلامية التي كتبها اليهودي ” بوهل” تحت كلمة القدس: “أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ربما فهم منذ البداية أن المسجد المذكور في الآية الكريمة إنما هو مكان في السماء، وليس المسجد الذي بُني فيما بعد في مدينة بيت المقدس.” وهذا ما ذهبت إليه الباحثةُ اليهودية حوا لاتسروس يافه بأن “المسجد المذكور في آية الإسراء قد فُهم منذ البداية أنه مسجدٌ بعيدٌ قصيٌ سماوي”! “ولم يُقصد منه ذلك المسجد الذي في القدس إلا زمن الأمويين!”

المسجد الأقصى في الجعرانة !؟

• ينقل اليماني القصة التي يكثر من تناقلها وسردها من قبل المستشرقين اليهود مؤخراً، مستشهدين بما ذكره الواقدي: “من أن المسجد الأقصى يقع في الجعرانة بين مكة المكرمة والطائف ….وأن هذا المسجد يقع وراء الوادي بالعدوة القصوى ويعرف بالمسجد الأقصى ويوجد مسجد آخر بُني من قبل أحد المحسنين يعرف بالمسجد الأدنى….” إنتهى الإقتباس من اليماني.

• لقد أسهب العلماء بالرد على يوسف زيدان تلميذ موشيه كيدار عام 2015 حينما فجع العالم الإسلامي بهذا الإقتباس ظناً منه أن هذا الإنكار الفظ سيحل القضية الفلسطينية التي يعتبر المسجد الأقصى أهم ما فيها ليس للفلسطينيين فقط بل لكل العالم الإسلامي.

• معظم هذه التفاسير جاءت في كلام العياشي وفي البرهان في تفسير القرآن لهاشم البحراني وفي بحار الأنوار للمجلسي وفي الكافي للكليني، وغيرها من مراجع الشيعة التي بالغت في تفسير مكان المسجد الأقصى وتأويل مكانه ما بين وجوده في السماء الرابعة استنادا لإسرائيليات أو في الجعرانة اسناداً لمصادر لا شك أنها أقدمت على تكفير معظم ما قدسه الخلفاء الأمويون. وهذا لا ينطوي على معظم المذاهب الشيعية بما فيها المرجعيات الدينية الإيرانية الحديثة التي تولي القدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية أهمية كبيرة في أجندتها السياسية على الأقل.

• ويذكر الدكتور المقدسي حسام الدين عفانه أحد أبرز علماء السلفية وأصول الحديث الشريف في فلسطين أيضاً بأن الذين زعموا أن المسجد الأقصى في الجعرانة اعتمدوا على رواياتٍ ذكرها المؤرخون كالواقدي في كتابه المغازي والأزرقي في تاريخ مكة المكرمة وغيرهما، وقد أساؤوا فهمها إما عمداً أو جهلاً بلغة العرب وبالأمكنة التاريخية. وقال أبو الطيب المكي الحسني الفاسي:[ ونقل ابن خليل عن ابن جريج أن الرجل الذي بنى المسجد الأُدني هو عبد الله بن خالد الخزاعي.] شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام1/384. ومن المعلوم في السيرة النبوية أنه صلى الله عليه وسلم أحرم من الجعرانة عندما اعتمر، وفيها المسجد الذي صلّى فيه، وأحرم منه عند مرجعه من الطائف بعد فتح مكة، ويقع هذا المسجد وراء الوادي بالعدوة القصوى، ويُعرف بالمسجد الأقصى، لوجود مسجدٍ آخر بُني من قبل أحد المحسنين يعرف بالمسجد الأدنى. والمراد بالعدوة ضفة الوادي وشاطئه، والوادي له عدوتان قصوى ودنيا، كما قال الله تعالى في قصة غزوة بدر:

“إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى.” سورة الأنفال الآية 42

خلاصة القول

• بهذا يظهر لنا جلياً أن المسجد الأقصى بالجعرانة إنما سُمِّي كذلك من باب ما يقابله وهو المسجد الأدنى، ولا علاقة لذلك بالمسجد الأقصى المبارك بالقدس.

• إن ما ذكره كاتب صحيفة عكاظ أسامة اليماني عن مكان المسجد الأقصى ما هو إلا تكرارٌ لما قاله المستشرقون اليهود المتأخرين الذين ظنوا أن نشر الأباطيل حول مكان وجود المسجد الأقصى كقولهم إنه في الجعرانة أو في طور سيناء أو بالقرب من المدينة المنورة أو في السماء ستساعدهم على إخراج المسجد الأقصى المبارك من دائرة إهتمام العالم الإسلامي والمسلمين.

• ستستمر أفكار وأحلام المشككين وتستطيع هذا الهرطقات أن تنقل الأقصى لتشيلي أو للكونغو وزائير ونيوزلاند وغيرها مثلما فعلوا بتشكيكهم بصحة القرآن الكريم، وصحيح البخاري ومسلم وغيرها من أركان المصادر الإسلامية، ومن قال أن يهود لا يؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم سيؤمنون بقصة إسراءه ومعراجه !!

• لا شك أن مقولات أسامه اليماني تلاقي استحسانا كبيراً وانتصارا من قبل مروجي هذه الإدعاءات من الباحثين اليهود لأن طعن كتاب مسلمين في صحافة دولة مسلمة بقدسية الأقصى ومكانه أقوى تأثيراً من طعن باحثين يهود. فهذا الطعن إذا لم يقارب الحقيقة سيجلب الفتنة..”والفتنة أشد من القتل.”

• وسيستمر المسلمون باعتبار المسجد الأقصى عن يقين وعقيدة على أنه بنفس المكان في القدس وبنفس مكانة وأهمية الكعبة المشرفة وأنه قلب فلسطين ومركز قضيتها، ومن أجله استشهد آلاف الصحابة والتابعين ومن قاتلوا مع الناصر لدين الله صلاح الدين الأيوبي ومن أجل تحريره حدثت معارك أجنادين وحطين وعين جالوت ومعارك العصر الحديث من الثورة العربية الكبرى إلى ثورة عام 1936 ومعارك تحرير القدس وباب الواد 1948 ولا يزال نضال الفلسطينيين والمسلمين وسيبقى قائماً دفاعا عن الأقصى حتى يعود عزيزاً مكرماً محرراً من كل تدنيس واعتداء.

” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.” سورة الأنفال 30

“والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.” سورة يوسف 21

صدق الله العظيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى