د. وحيد عبد المجيد – اجتهادات غموض يزيد الاندفاع

د. وحيد عبد المجيد ٢٨-٣-٢٠٢٢م
سياسةُ صينيةُ غير مفهومة، أم أن الولايات المتحدة لا ترغبُ فى فهمها؟ سؤالُ مُجمعُ من فحوى تعليقاتٍ على الفكرة الأساسية فى اجتهاد 24 مارس الماضى (فرصة عظيمة لو يعلمون)، وهى أن الحرب فى أوكرانيا تُمثَّلُ فرصةً تاريخيةً للصين للتقدم خطوةً فى طريقها للمشاركة فى قمة النظام العالمى.
فإذا كانت هذه الفرصةُ موجودة، فهى تعنى أن الصين تستطيعُ الاستمرار فى موقفها الأقرب إلى عدم الانحياز فى الجولة الراهنة من الصراع الدولى. ويُمكنُها أيضًا الابتعاد أكثر عن روسيا لكى تتمكن من الضغط لتحقيق حلٍ سلمىٍ، وليس مجرد توسطٍ قد ينجحُ أو يفشل.
وإذا كان الأمرُ كذلك، يصبحُ السؤالُ عن الموقف الأمريكى منطقيًا. فلِمَ كل هذه الشكوك بشأن احتمال مساعدة الصين لروسيا فى مواجهة العقوبات المفروضة عليها، بما يعنى الاصطفاف معها، وليس الاحتفاظ بالمسافة التى يستلزمُها التحركُ بحريةٍ لوقف الحرب والتوصل إلى حلٍ سلمى؟ فهل يعنى هذا أن المؤسسات الأمريكية بكل ما لديها من إمكانات لا تفهمُ الصين، أم أن سياسة بكين غير مفهومةٍ فعلا.
الجوابُ بالطبع عند صانعى القرار الأمريكى. غير أن ما يبدو من متابعة تطورات الأسابيع الأخيرة هو أن الصين تُضفى شيئًا من الغموض على سياستها تجاه الحرب، وتكتفى بإعلان موقفها يومًا بيوم، مصحوبًا بالمبادئ العامة التى تلتزمُ بها فى العلاقات الدولية، ولا تُفصحُ عن الاتجاه الذى ستمضى فيه بشكلٍ تفصيلى.
وربما يمكن تفسير هذا المنهج بتفضيلها الاحتفاظ بمساحةٍ تُتيحُ لها المناورة، وإبقاء الأمريكيين فى حالة عدم يقين، ومن ثم قلق من احتمال حدوث تغير فى موقفها. وإذا صح هذا التفسير، نكونُ إزاء نوعٍ من الغموض المقصود لتوظيفه فى مباراةٍ جانبيةٍ مع الولايات المتحدة التى تلقى بثقلها من أجل محاصرة روسيا وإضعافها، وتخشى أن تعوق الصين جهودها فى هذا المجال.
وهذا بدوره يفسرُ ما يبدو اندفاعًا أمريكيًا للحيلولة دون حدوث هذا الذى تخشاه. لكن هذا الاندفاع يثير سؤالا آخر عما إذا كان الوعيدُ أفضل فى تحقيق هذا الغرض، أم الوعدُ الذى ربما تكونُ الصين فى انتظاره؟
 
 


