أقلام وأراء

د. محمد المصري يكتب – لو كنت فتحاوياً

د. محمد المصري * – 17/3/2021

تحارب حركة فتح الآن على جبهات كثيرة، فهي تقاتل من أجل وحدتها ومن أجل جماهيرها ومن أجل حاضرها ومستقبلها وهذه هي فتح الكبيرة، وهي بسبب أنها حملت وتحملت أعباء السلطة الوطنية وإن شئت أخطائها، فإن حركة فتح عادة ما تشهد أزمات وانسدادات تتعلق بإدارة العناصر وترتيب المواقع والتنسيق بين القواعد وتنقية الظروف والاجواء بين قمة الهرم وقاعدته، ويجب الاعتراف أنها أزمات لها تاريخ، فهي ليست بنت يومها أو وليدة لحظتها، ولأن فتح كبيرة، تعطي اعضائها حق الاختلاف داخلها، وبعض الأحيان يخرج الأمر عن السيطرة، فلا بد من علاج.

حركة فتح التي تحملت القرار ودفعت ثمنه كاملا، تتعرض دائما للنقد الذي يصل في بعض الأحيان للتجريح وأكثر، ولكن الحزب أو الحركة أو القيادة التي تتحمل وتختار أن تقود شعبها في لحظة تاريخية صعبة وضيقة،ستخطئ في بعض الأحيان، وقد تختار البديل الأقل إمكانية أو نجاحاً، وهذا طبيعي في تاريخ معقد وهوامش ضيقة وصراع دولي يزداد ويتعمق في منطقة خالية لا تستطيع الدفاع عن نفسها.

لهذا السبب، فإن حركة فتح التي تناضل الآن من أجل أن تقدم النموذج وأن تعود الى المشهد بأقوى ما يكون وأنصع ما يكون، تواجه اندفاعات وربما منازعات هنا وهناك، وتواجه تنافسات وتفلتات، وتواجه ضغوطات من الخارج، ومطالبات من الإقليم، وتهديدات من المحتل، فتح تواجه كل ذلك بصلابة مألوفة ورباطة جأش معهودة عن قيادتها، وهنا يبرز دور رئيس حركتها الرئيس أبو مازن، الذي يمتاز بالحكمة وقوة الارادة، ولهذا، وفي مثل هذه اللحظة الصعبة وكثيرة الاحتمالات، فإنني شخصياً، ولو كنت فتحاوياً واتشرف أن اكون، لفعلت ما يلي:

أولا: يجب أن نعترف أن حلول المشاكل المزمنة لا يمكن أن يكون سحرياً أو آنياً، فلا بد من الاعتراف أولا، من أجل وضع الخطة للحل، وتحديد الأطراف المشاركة أو المحتملة للمشاركة في الحل، وأقصد هنا المرجعيات التنظيمية: اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، ويمكن إشراك المجلس الاستشاري. الاعتراف بالمشكلة أو بالخطأ ممر إجباري للتغلب عليه.

ثانياً: ممارسه مبدا المشاركة على قاعده الندية والمساواة والاعتراف بالوجود والموقف والامتياز. فقد تغير الجمهور وتغيرت الأمكنة وتغيرت التحالفات وتغيرت السقوف، وكل ذلك يدفع حركه فتح ان تغير من خطابها واسلوب معالجاتها والاطراف التي تتحالف معها، لذا نرى هذا الحراك الكبير داخلها، وهي “أي الحركة” مركز حديث الجمهور الفلسطيني، لأن الرهان يقع على عاتقها، وهي الحامية للوطنية الفلسطينية.

ثالثا: لابد من وضع مسافة واضحة بين حركه فتح/ وبين السلطة الوطنية. ان هذه المسافة الواضحة تسمح لحركه فتح من التمايز ومن حريه الحركة ومن المرونة في اتخاذ المواقف، ويكفي ما تحملته حركة فتح من قصور السلطة وعجزها في كثير من المحطات.

رابعا: يجب التفريق بين التعددية داخل الحركة وبين الانفلاش. يمكن تقنين التعددية وترشيدها من خلال الاستيعاب والتفاهم والحوار والضبط التنظيمي، فيما الانفلاش هو كسر لظهر الحركة، والفرق ما بين التعددية وتباين المواقف وبين الانفلاش فرق واضح، وهذا لن تسمح به القيادة المؤتمنة، لأن فتح ليست ملكاً لأحد، بل هي ملك الشعب الفلسطيني، ورائدة كفاحه.

خامسا: العودة الى ادبيات الحركة وارثها الفكري والادبي والنضالي. هذه حركه مجتمعيه بلورت هويه وطنيه، وليست مجرد اسماء كبيره اضاءت سماء وتاريخ البلاد. لا بد من العودة الى لغة فتحاويه تجمع وتملا عقل وقلب العضو قبل الضمير. الاحزاب والحركات بحاجه دائما الى خطاب فكري وعاطفي وجداني.

سادسا: اعاده الصلة وتعميقها مع كل مكونات الشعب الفلسطيني، من خلال العمل الميداني ومن خلال الصلة اليومية المباشرة التي تترجم امام المواطن العادي من خلال المساعدة والتغطية والحماية والتنظيم، فتح عظيمة بشعبها، وهي أم الجماهير كما يقولون، لذا يجب أن تتحمل النقد من محبيها وجمهورها وأيضا شعبها.

* رئيس المركز الفلسطيني  للبحوث والدراسات الاستراتيجية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى