د.غادي حيتمن يكتب / ذخر وطني
معاريف – بقلم د.غادي حيتمن – محاضر في دائرة الشرق الاوسط والعلوم السياسية – في جامعة ارئيل وخبير في الساحة الفلسطينية – 5/6/2018
النكسة هي الاسم الذي اتخذه العرب ليعبروا به عن هزيمة الطرف العربي في حرب الايام الستة. جمال عبد الناصر، الرئيس المصري الذي قاد الدول العربية الى الفشل المدوي في تلك الحرب اياها، تبنى هذا التعبير كي يقلل من حجم فشله مقارنة بالنكبة، التعبير الذي يستخدمه العرب ليعبروا به عن اقامة دولة اسرائيل.
يحل يوم النكسة هذه السنة في توقيت تعيد فيه الساحة الفلسطينية حساب المسار في ضوء تحولات ذات مغزى تمر عليها وعلى الساحة الاقليمية. مصر والاردن، اللتان هزمتا في الحرب قبل 51 سنة، وقعتا منذ زمن بعيد على اتفاقات سلام مع اسرائيل، وعدد لا بأس به من الدول العربية تبنت في السنوات الاخيرة سياسة الاتصالات الهادئة مع اسرائيل في سلسلة طويلة من المجالات، دون تطبيع العلاقات معها بشكل رسمي.
اما الهزة الاقليمية التي المت بالشرق الاوسط فقد أجبرت جزءا من هذه الدول على تنفيذ تكيفات في سياستها الخارجية، بما في ذلك حيال اسرائيل. وكل هذا دون أن تأتي المشكلة الاساس للنزاع، القضية الفلسطينية، الى حلها.
كل هذا يحشر الساحة الفلسطينية في الزاوية وهي تحاول في السنة الاخيرة، في مر يأسها، ان تطلق صوت صرخة بالوان مختلفة. فرئيس السلطة الفلسطينية يشتم الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بينما حماس تمارس الارهاب كي تعيد القضية الفلسطينية الى جدول الاعمال الاقليمي والعالمي. غير أنه حتى الان على الاقل يجد الفلسطينيين صعوبة في ان يسجلوا لانفسهم نجاحات كبيرة في الساحة السياسية، وحتى موجة الاحتجاج والعنف التي بدأت في نهاية اذار (يوم الارض) لم تؤدي الى التغيير المنشود. وفي نظرة الى الامام: من يتابع سنوات طويلة الساحة الفلسطينية يمكنه أن يحدد عددا من المواضيع التي تكمن فيها امكانية للربط بين المعارك المختلفة. النكسة والنكبة، اللتان انتجتا ظاهرة اللاجئين هما احد هذه المواضيع. غير أنه مع مرور السنين تفككت الساحة الوطنية الفلسطينية واصبحت تتشكل من جماعات مختلفة تعمل كل واحدة منها حيال اسرائيل بطريقة مختلفة، هكذا بحيث أن امكانية الوحدة لا تتحقق.
كما أن هذا هو السبب المركزي الذي لم يجعلنا نرى في الاشهر الاخيرة تجندا حقيقيا من جانب الفلسطينيين ممن لا يسكنون في قطاع غزة لمساعدة اخوانهم الذين يعانون من أزمة حقيقية.
وعليه، فهذه السنة ايضا سيحل يوم النكسة في ظل الرغبة في الحفاظ على جمرة الكفاح بوسائل مختلفة وبابداعية يظهرها الفلسطينيون في كل مرة من جديد، مثل ارهاب الطائرات الورقية. هذا يوم ذكرى آخر اصبح ذخرا وطنيا، كي يذكر بان الكفاح في سبيل الوطن لم ينته وانه سيبقى جزءا من بنية المشهد لدى الفلسطينيين ولدينا، نحن الاسرائيليين، في المستقبل ايضا