د. غادي حيتمان – حسم أم احتواء ؟
بقلم، د. غادي حيتمان * ، معاريف ١٥-١٠-٢٠١٨
سطحيا، فان ساحة مواجهة مثل ساحة اسرائيل وقطاع غزة تتضمن كل المتغيرات اللازمة لمواجهة عسكرية واسعة النطاق واحدة كل بضع سنوات. والدليل هو أنه منذ سيطرت حماس على القطاع في حزيران 2007 سجل الطرفان ثلاث جولات طويلة كانت الجرف الصامد، آخرها، هي اطولها. وفي الوسط كان عدد لا حصر له من تبادل الرسائل مثل النار الصاروخية والغارات الجوية للجيش الاسرائيلي، والتي لم تؤد الى اختراق في الوضع في الجبهة الجنوبية.
ما الذي تغير هذه المرة؟ اللغة. اسرائيل ترى، وعن حق، استخدام الطائرات الورقية لهدف الاحراق، ارهابا. ولا سبيل آخر حقا لرؤية الامور حسب القانون الدولي. أما حماس، بالمقابل، فترى فيها احتجاجا شعبيا. وهنا بالضبط نشأ منذ شهر آذار الماضي تضارب مصالح جوهري بين الطرفين، اللذين يلعبان ليس فقط بحياة الانسان (ولا سيما الفلسطينيون الذين يقتلون كل جمعة)، بل لعبة تبال للكرة دون حسم. وحقيقة أن حماس تملي وتيرة النشاط الشعبي – الارهابي، تجبر اسرائيل على خلق معادلة رد ناجعة.
الحقيقة هي أن الطرفين لا يريدان الحرب. في كل ما يتعلق بحماس، هناك ثلاثة اسباب لذلك: الاول، الاعتراف بالتفوق العسكري الهائل لاسرائيل بالنسبة لقدرات استخدام القوة لدى الحركة. والثاني هو رغبة حماس في اعادة بناء منظوماتها العسكرية دون أن تفرغ المخازن. والحل زهيد الثمن، الناجع والأليم، من ناحية اسرائيل هو ارهاب الطائرات الورقية. أما السبب الثالث فهو عدم الرغبة البارزة للتدهور أكثر من ذلك بوضع السكان في القطاع. هؤلاء السكان، الذين لم يتمكنوا حتى اليوم، سواء خوفا أم لأي سبب آخر، من أن ينموا زعامة بديلة لزعامة حماس. وبالتالي، يقول يحيى السنوار إنه لا يريد حروبا اخرى، ولكنه لا يتعهد ألا يقاتل بعد اليوم، لأنه لم يتنازل عن رؤيا فلسطين اسلامية.
في الطرف الاسرائيلي، الوضع ليس افضل بكثير. سطحيا، فان القرار لتقليص مجال الصيد ووقف ادخال الوقود والغاز الى القطاع هو رد مناسب وجدير لمسرحيات العنف الفلسطينية على الجدار. ولكن الحقيقة هي أن طيف الامكانيات المعقول لا يسمح بأكثر من ذلك. فالمسؤولية عن التدهور الانساني في القطاع ستلقى على اسرائيل، التي تتحكم بالمعابر. والانجرار الى معركة عسكرية طويلة قد يستوجب اقتحاما بريا للجيش الاسرائيلي، هو واع ليس خيارا مفضلا في سنة انتخابات.
ولنفترض أنه سيكون تصعيد في القطاع، فماذا ستكون نهايته؟ ستحصى ضحايا اخرى، وسيكون دمار آخر، وسيتحقق هدوء لفترة زمنية أحد لا يمكنه أن يتنبأ بها، حتى الجولة التالية، إذ أن الحقيقة هي أنه حيال القطاع لا يوجد سوى بديلين – إما الحسم أو الاحتواء. ويفضل ساعة قبل ذلك، من أجل أمننا.
* محاضر في دائرة الشرق الاوسط في جامعة اريئيل – وخبير بالساحة الفلسطينية