#شؤون اقليمية

د. عوض سليمية: الغموض الاستراتيجي في العلاقات الامريكيةالايرانية: القضايا الخلافية والمصالح المشتركة في منطقة الشرق الاوسط

د. عوض سليمية 3-11-2024: الغموض الاستراتيجي في العلاقات الامريكيةالايرانية: القضايا الخلافية والمصالح المشتركة في منطقة الشرق الاوسط 

الملخص

د. عوض سليمية

تهدف هذه الدراسة للمساهمة في النقاش الدائر حول جدلية العلاقة الامريكية-الايرانية منذ اعوام. حاول الباحث الاجابة على السؤال التالي، هل العلاقة بين طهران وواشنطن علاقة عدائية متجذرة ام ان ما يجري خلف الكواليس شيئاً مختلفاً تماماً؟. وخلصت الدراسة الى عدة نتائج ابرزها، اولاً: ان الصراع القائم بين طهران وواشنطن في جوهره هو صراع على النفوذ “الجيوسياسي” في منطقة الشرق الاوسط. ثانياً: تلتزم كل من طهران وواشنطن بقواعد الاشتباك المنضبط بما يضمن عدم الذهاب لحرب مفتوحة، لتعظيم المكاسب وتعزيز النفوذ لكليهما بتكلفة صفرية.

الكلمات المفتاحية: الغموض الاستراتيجي، السياسة الخارجية لايران، الولايات المتحدة، اسرائيل، اذرع ايران العسكرية، المصالح المشتركة ونقاط الخلاف.

1:1 المقدمـــــــــــــة

بصفتها مقرًا للإمبراطورية الفارسية التي كانت ذات يوم مهيبة، يتميز إرث إيران بتاريخ يمتد لآلاف السنين، وإنطلاقا من هذه الرؤيا يعتقد قادة طهران انه لا يمكن أن ينافسهم في ارثهم الا عدد قليل من الدول في الاقليم. وان هذه الهوية التاريخية الفريدة لا تزرع الشعور بالفخر الوطني فحسب، بل تغذي أيضًا تطلعاتهم لإعادة تأكيد الهيمنة على الساحة الجيوسياسية المعاصرة[1]. ومع ذلك، بدلاً من الاعتماد فقط على أمجاد الماضي، تسعى ايران الى إدارة تقلبات العلاقة مع الادارة الامريكية بحذر شديد للحفاظ على استراتيجياتها وطموحاتها الحالية. في هذا السياق، تخضع إيران لعقوبات اقتصادية تفرضها الولايات المتحدة منذ 40 عامًا. كانت الولايات المتحدة تهدد إيران بالحرب و «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» منذ عقود. كما حرضت الولايات المتحدة على عدم الاستقرار داخل إيران ودعمت الهجمات الخارجية من قبل الجماعات المسلحة المعارضة مثل مجاهدي خلق.[2]

تهدف هذه الدراسة للمساهمة في النقاش الدائر حول طبيعة العلاقة الامريكية-الايرانية، من خلال تسليط مزيداً من الضوء للكشف عن طبيعة هذه العلاقة. وسط توترات شديدة بين الطرفين، وصلت ذروتها بعد احداث 7 اكتوبر2023 تخللها ضربات متبادلة بين ايران واسرائيل الحليف الاوثق لواشنطن. من خلال الاجابة على السؤال الرئيسي: هل العلاقة بين طهران وواشنطن علاقة عدائية متجذرة ام ان ما يجري خلف الكواليس شيئاً مختلف تماماً عن ما نراه ونسمعه؟.

2:1 الجدل القائم في العلاقة الامريكية-الايرانية

في إطار المناقشات الحثيثة حول الدور الايراني، يجادل فريق ان طهران ومن خلال سعيها الى تحقيق الحد الاقصى لمصالحها الاقليمية فإن سياساتها تخدم في كثير من الاحيان المصالح الامريكية في المنطقة، وان لم تتطابق معها بشكل كلي، ويؤمن اصحاب هذا الرأي بنظرية المؤامرة وان كل ما يحصل داخل البيت العربي الواحد هو نتاج اتفاق تكتيكي مسبق بين واشنطن وطهران[3]. ويورد هذا الفريق العديد من الحجج من بينها، مساعدة امريكا لايران خلال حربها مع العراق 1980-1988، التعاون الامريكي الايراني ضد طالبان في افغانستان، قيام أمريكا برفع العقوبات عن إيران في الوقت الذي تشكل فيه تحالف عربي لمحاربة المشروع الإيراني في اليمن (الحوثيون) وهو دليل اضافي على أن أمريكا سارعت الى إنقاذ طهران وحماية مشروعها في الوطن العربي، وان هذا السلوك من وجهة نظر انصار هذا الرأي، يدعم الفرضية القائلة بان (القضاء على المشروع الإيراني هو قضاء على المشروع الأمريكي)، وأن الاخيرة /واشنطن هي أكبر من يتضرر في حال تم القضاء على مشروع إيران في بلاد العرب. ويجادل هذا الفريق ايضاً، بأن توسع إيران على حساب الارض العربية لا يمكن ان يكون الا بدعم أمريكا، فإحتلال العراق من قبل أمريكا وتسليمه لإيران لاحقاً، واغتيال الحريري وسيطرة حلفاء إيران (حزب الله) على لبنان، والتحالف السوري الإيراني جميعها شواهد تؤكد ان ذلك ما كان ليكون الا بمباركة ودعم أمريكي[4].

بالاضافة الى ذلك، يرى انصار هذا الفريق بأن سياسة الرئيس بايدن المتراخية مع ايران ادت الى ان تكون اكثر قوة وخطورة وهي الآن على وشك الحصول على ترسانة نووية تسمح لوكلائها بالعمل تحت مظلة إيران النووية.[5]  ويزعم [6]Perliger ان توسيع حكومة إيران من نفوذها الإقليمي عبر التمويل والدعم العسكري للمنظمات المسلحة بالوكالة في الدول المجاورة ادى الى زعزعة استقرار هذه الدول ومهاجمة اصولها، وأن هذا السلوك ادى الى تحويل ايران الى دولة عظمى اقليمياً.

شهدت هجمات 11 سبتمبر 2001 التي نفذتها القاعدة ما لا يمكن تصوره في تطور العلاقة بين “الشيطان الاكبر” و”الراعي الاكبر للارهاب في العالم” في الوصف المتبادل بين الطرفين، بعد قيام مجموعة من المسؤولين الإيرانيين الاصلاحيين بتقديم تعازيهم القلبية للشعب الأمريكي، وحتى العناصر الأكثر تشددًا في القيادة الإيرانية نددت بالقاعدة وصنفت هجماتها بانها ارهابية. لاحقاً، قدمت طهران مساعدة لوجستية حاسمة للحملة الأمريكية ضد حركة طالبان وتعاونت بشكل وثيق مع واشنطن في تشكيل حكومة أفغانية جديدة. لفترة وجيزة، بدا لأول مرة على مرمى البصر طريق لحل القطيعة المريرة بين البلدين[7]. لكن سرعان ما تبين ان ما ظهر من تضامن انساني كان مجرد حدث عابر وليس نقطة تحول تارخي في العلاقات.

بالمقابل، يرى فريق آخر ان السياسة الخارجية لواشنطن غالباً ما تكون موجهة ضد مصالح طهران الاقليمية والدولية، وان من تطلق عليهم واشنطن “نظام الملالي” في طهران هم بمثابة نظام قائم على الايديوجيا الدينية ويشكل خطراً على مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة[8]. من ناحية، تدفع واشنطن اسرائيل لمهاجمة الاصول الايرانية داخل وخارج حدودها، بما فيها التهديد بشن هجمات لتدمير قدرات إيران النووية، بالاضافة الى العديد من الهجمات الإلكترونية التي طالت المنشآت النووية بما فيها نطنز وبوشهر. ويُشتبه أيضًا بقيام إسرائيل بتنفيذ اغتيالات ضد علماء نوويين إيرانيين في السنوات الأخيرة[9]. كما وتتهم واشنطن طهران بتنفيذ هجمات الكترونية للتأثير في مسار ونتائج الانتخابات الرئاسية القادمة يوم 5 نوفمبر 2024، بحجة أن النتيجة ستؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران[10]. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قد صرح بأن “السياسة الأمريكية تجاه إيران عدائية بطبيعتها، وأن على واشنطن التخلي عن سياستها العدائية تجاه إيران من أجل إحداث تغييرات نوعية في العلاقات الثنائية، لذلك فإن طهران لا تهتم كثيرا بنتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر.[11]

على الجناح الامريكي الآخر، تنامى التأييد القوي الذي يحظى به “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” وركيزتهم “مجاهدي خلق”، داخل اروقة الكونغرس الأميركي وفي برلمانات الدول الأوروبية، وإزدادت الدعوات التي تطلقها الجهات المعارضة لتغيير النظام في ايران بمساعدة الدول الغربية وفقاً لتقرير معهد واشنطن للسياسات[12]. بعد فشل الجهود الدبلوماسية لاعادة إحياء الاتفاقية النووية، وما تبعها من احداث 7 اكتوبر2023، ارتفعت حالة اللايقين الى مستويات عالية من المخاطرة بين الطرفين. ومع توجيه ايران ضربات صاروخية لاسرائيل ردا على ضربات الاخيرة للاصول الايرانية داخل وخارج اراضيها.

ويرى مراقبون ان طهران عززت من تواجدها على الارض العربية على مدار عدة عقود، وانشأت جماعات مسلحة تابعة لها، واقامت قواعد عسكرية على حدود إسرائيل الشمالية، وتتباهى بقدرة صواريخها على الوصول إلى قلب المدن الإسرائيلية، في وقت لم تعد فيه أي دولة عربية تفكر في مواجهة اسرائيل.[13]

في كتابه “حلف المصالح المشتركة التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، 2008″، يرى ترينا بارزي – الخبير في السياسة الخارجية الامريكية، ان “الشرق الأوسط الجديد الذي راح يبرز في أعقاب زوال الاتحاد السوفياتي، باعد بين المصالح الايرانية والاسرائيلية التي كانت سائدة، وأن إيران وإسرائيل لم تعودا شريكان محتملان في موضوع الأمن، بل متنافسان في تحديد التوازن في الشرق الأوسط، إنطلاقاً من هذا الرأي يرى بارزي ان إيران تحولت فعلياً خصماً فاعلاً لإسرائيل. بالمقابل، سعت اسرائيل الى معارضة أي تقارب بين واشنطن وطهران، إضافة الى الجهود التي تبذلها إسرائيل وإيران لإجهاض السياسات الأميركية في المنطقة باعتبار أنها قد تندرج في مصلحة إسرائيل على حساب إيران أو العكس. يستدل الكاتب على ذلك بالقول أن طهران سعت الى إفشال عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين لمنع واشنطن من تشكيل شرق أوسط يتمحور حول إسرائيل ويعتمد على إحكام عزلة مطوّلة على إيران ويستكمل الكاتب شرح هذه الرؤية بالقول أن إسرائيل عارضت المحادثات التي كانت تجري بين واشنطن وطهران مخافة ان تهمل واشنطن المصالح الامنية الاسرائيلية، ويتوصل الكاتب الى نتيجة مفادها ان الخلاف بين ايران واسرائيل هو خلاف جيوسياسي وليس خلافاً ايديولوجياً[14].

كان الاعتقاد السائد، أنه وبعد إحتلال العراق عام 2003، ان تكون ايران الهدف الثاني، لو أُعيد انتخاب جورج دبليو بوش لفترة رئاسية ثانية، ولا يرى صناع السياسة في واشنطن، وكتاب الاعمدة في الصحف الامريكية الاكثر تداولاً، هذا أمراً محرماً أو تدخلاً في شؤون داخلية لدولة مستقلة، يقول &Gerecht  Takeyhمن مؤسسة الدفاع عن الحريات، في صحيفة الواشنطن بوست، بتاريخ 25 مايو 2020، انه من العدل السعي الى تغيير نظام دكتاتوري مستبد ومغتصب لحقوق شعبه، وتحريض الجماهير بشكل دوري للخروج بمظاهرات للمطالبة بحقوقهم، الى جانب الطموحات “الامبريالية” التي يتميز بها هذا النظام لتوسيع حدوده على حساب جيرانه ويعرضهم للخطر[15]. على ضوء ذلك، نظمت جماعات معارضة للنظام الايراني سلسلة من التظاهرات في واشنطن خلال العام 2019، للمطالبة بتغيير النظام في إيران وشجب “الفظائع الممارسة تجاه الشعب”، وحمل بعض المتظاهرين صور مريم رجوي، زعيمة مجاهدي خلق[16].

 ومع ذلك، فإن لصانع القرار في البيت الابيض موقفاً مغايراً أحياناً، على الرغم من إظهار رغبتهم في تغيير هذا النظام، إلا أن عبارة تغيير النظام يرونها عبارة مسمومة، فهي تذكرهم بمستنقع العراق والفوضى التي تلت اسقاط النظام، يجادل Edelman & Takeyh، بأن المتهمين دائماً بالسعي لتغيير النظام الايراني سراً، لا يريدون تغيير النظام، إنهم يريدون فقط ان يُغير رجال الدين في الجمهورية الاسلامية سلوكهم[17]. في هذا السياق، يرى Tarock ان من بين السيناريوهات المتوفرة لدى واشنطن لتغيير النظام في طهران، هو إثارة حالة عدم الاستقرار ودعم الجماعات المنشقة، ومن ثم قصف منشآت الطاقة النووية الإيرانية ( أو السماح لإسرائيل بالقيام بذلك)، ودفع مجلس الأمن لفرض مزيد من العقوبات ضد طهران.[18]

3:1 القضايا الخلافية

عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، يبدو أنه كلما تغيرت الأمور، بقيت الخلافات على حالها دون حل. على الرغم من سعي الطرفان لتقليص الفجوة إلا ان الازمة مع واشنطن ما زالت قائمة، وعادة ما تكون النتيجة تبادلًا محبطًا للفرص الضائعة والإهانات المتصورة، فضلاً عن استمرار وتكثيف نفس السياسات الإيرانية التي ترغب أمريكا في إحباطها في بعض المجالات الرئيسية.[19] تدعي كل من اسرائيل وواشنطن ان لدى إيران العديد من الوكلاء المسلحين في جميع أنحاء الشرق الأوسط بما في ذلك. حزب الله في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن، من ناحيتها لا تنكر طهران صلاتها بهذه المجموعات. في هذا السياق، يمكن حصر الملفات الخلافية بين الولايات المتحدة وايران في القضايا التالية.

3:1:1 الملف النووي الايراني

بدأت الدبلوماسية الامريكية مع دخول الرئيس بايدن البيت الابيض مطلع العام 2021 محاولاتها في خفض التوتر القائم مع ايران من خلال العودة الى مسار اتفاقية العمل الشاملة المشتركة الموقعة عام 2015 المعروفة بإسم (الاتفاقية النووية) والتي اعلن الرئيس السابق ترامب إنسحابه منها من طرف واحد في مايو/ايار 2018[20]. في ذلك الوقت، اصبحت قضية الملف النووي الايراني تحتل حيزاً عالياً في سجلات الاخبار، الى جانب الحضور المكثف في الخطاب السياسي للقادة الامريكيون.

وعلى الرغم من اعلان القيادتين النية الجادة بإعادة إحياء الاتفاقية النووية على مدار أكثر من عام من المفاوضات، وعشرات جلسات النقاش الجاد في فينا، الان ان الفريقان قد غرقا أكثر في الخلافات، وعادت نبرة التهديد تعلو المشهد من جديد، وفي أكثر من مناسبة حذرت واشنطن من أنها مستعدة لاستخدام جميع عناصر القوة لضمان ان ايران لن تمتلك السلاح النووي ابداً[21]. من ناحيته، أدلى المرشد الأعلى خامنئي بتصريحاتٍ تعتبر الأكثر تفصيلاً منذ سنوات حول المسار النووي الإيراني، ودعا المسؤولين الإيرانيين إلى اتباع قانون صادر عام 2020 والذي أمر باتخاذ خطوات سريعة لتكثيف البرنامج النووي وتقليل المراقبة الدولية، وقال: “يعتقد البعض أن هذا القانون يسبب مشاكل للبلاد. هم مخطئون. هذا القانون قانون جيد… ويجب اتباعه”[22].

مع وجود تباين في وجهات النظر بين سياسات بايدن وسلفه ترامب، من ناحية فشل ممارسة سياسة الضغط الاقصى الموجهة نحو ايران، بسبب تمكن ايران من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية، إلا أن غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحه لسياسة بايدن حول آليات احياء الاتفاقية النووية كانت حاضرة وبقوة في إدارة الملف، تجادل Davenport & Masterson- من رابطة منع انتشار الاسلحة، أن الرئيس بايدن فشل في ارسال إشارات مبكرة تُعبر عن نوايا حسنة تجاه طهران، وعن مدى جديته بشأن نهجه المعلن القائل “الامتثال مقابل الامتثال” لاستعادة الاتفاق النووي، أو فيما إذا كان ينوي إعادة التفاوض على بنود الاتفاقية نفسها. ونتيجة لضعف الرؤيا، واجه بايدن ضغوطًا من صانعي السياسة، ولا سيما معارضي خطة العمل الشاملة المشتركة في الكونجرس، الامر الذي عزز الشكوك من جانب طهران بشأن نوايا بايدن لاعادة إحياء الصفقة[23]. واستمر الجمهوريون في قيادة حملات مناهضة ضد النظام في طهران وشرح مخاطره على المصالح الحيوية الامريكية في المنطقة. وكان احدث تصريح للرئيس السابق ترامب دعوته اسرائيل لضرب المفاعلات النووية الايرانية رداً على القصف الصاروخي الاخير الذي تعرضت له، يقول ترامب “يجب على اسرائيل ان تقصف المفاعلات النووية الايرانية اولاً… ثم تنشغل بباقي التفاصيل لاحقاً”[24].

في الواقع، تتفق النخب السياسية (على طرفي الطيف السياسي الايراني) تمامًا على الجانب الاستراتيجي للبرنامج العسكري لبلادهم – بما في ذلك امتلاكهم للقدرات النووية والباليستية[25]. بغض النظر عن وجهات نظرهم المختلفة، إلا انهم يشتركون في ذاكرة جماعية عن معاناتهم من العزلة شبه الكاملة خلال ثماني سنوات من الحرب ضد العراق، ورؤية برنامج عسكري يرمز إلى عظمة أمتهم. ضمن هذا التوجه، قال المتحدث باسم المرشد الأعلى، «بمجرد أن نتقن دورة الوقود، سيستخلص جميع جيراننا الاستنتاجات المناسبة». لم يعترض البراغماتيون الليبراليون على هذا الهدف.[26]

تحرك الرئيس بايدن في حلقات مفرغة ولم يحرز أي تقدم في إعادة إحياء الاتفاق الذي اغرقه سلفه ترامب. على الأقل نقطة الخلاف السائدة بين بايدن ونتنياهو تم وضعها في مخزن بارد. وعلى الرغم من قناعة الادارة الامريكية وحلفائها الغربيون بمخاطر برنامج ايران النووي وتعهدها بمنع طهران من امتلاك القوة النووية بكل الوسائل، الا ان الرئيس بايدن حرص على منع اسرائيل من استغلال هجمات طهران الاخيرة والرد بمهاجمة المنشآت النووية الايرانية[27].

3:1:2 صناعة الحلفاء في المنطقة

يكشف تقرير اعده مركز الدراسات الاستراتيجية والدوليةCenter for Strategic & International Studies بتاريخ 11 اذار/ مارس 2019، بأن هناك نشاط إيراني متزايد في الشرق الأوسط على الرغم من جهود الولايات المتحدة وحلفائها لإضعاف الاقتصاد الإيراني وعزل طهران سياسياً، وهناك زيادة في حجم وقدرات الميليشيات المدعومة من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي في العراق وسوريا ولبنان واليمن بشكل جماعي، كما تعمل إيران أيضًا على إنشاء جسر بري في جميع أنحاء المنطقة.[28] في هذا السياق يمكن رصد النفوذ الايراني النشط في المناطق التالية. 

اولاً: الجماعات المسلحة في العراق وسوريا

تردد صدى الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة بعد السابع من اكتوبر 2023، عبر خطوط الصدع الجيوسياسية في المنطقة من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر، وصولاً إلى بغداد. وهو بمثابة تحالف يوفر غطاءً أيديولوجيًا للفصائل المسلحة التي تتحدى الجيش الأمريكي من العراق إلى البحر الأحمر في منطقة وصفها مستشار الأمن القومي سوليفان ذات يوم بأنها «أكثر هدوءًا اليوم مما كانت عليه منذ عقدين»، وهنا تجد القوات الأمريكية المنتشرة إلى الأمام نفسها عالقة في المنتصف[29]. وسط فشل التدابير الامريكية في السيطرة على الحريق المشتعل بفعل سياسات اليمين الاسرائيلي المتطرف الدافعة نحو حرب شاملة.

يظهر المشهد المتدهور ان الافعال تتحدث بصوت أعلى من الأقوال، وينسب عسكريون امريكيون الى طهران مسؤوليتها عن تكثيف هجمات جماعاتها المسلحة على قواعد تضم عسكريين أمريكيين في كل من العراق وسوريا، وان هذه الهجمات آخذة في الازدياد منذ العام 2021، بما فيها هجمات صاروخية متكررة على المنطقة الخضراء حيث مبنى السفارة الامريكية في بغداد،[30] الى جانب تكرار حوادث الاحتكاك بين بحرية الطرفين الايراني والامريكي في مياه الخليج العربي، وهو ما أشار اليه الرئيس بايدن في رسالته إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بتاريخ 25 تموز/يوليو 2022، يقول الرئيس: ” إنه أمر بتنفيذ الضربات لأهدافًا مرتبطة بإيران في سوريا ونُفذت لحماية الأفراد الأمريكيين والدفاع عنهم في الداخل والخارج[31].

بالمقابل، ترد طهران بمزيد من استعراض القوة والتحدي للجيش الامريكي، واجرت إختباراً لصاروخ يحمل قمرًا صناعيًا في شهر حزيران/ يونيو 2022، كرسائل موجهة للطرف الامريكي بأن برنامجها الصاروخي الباليستي في حالة تقدم. وخلال شهر آب/ اغسطس من العام نفسه، كشفت طهران النقاب عن طائرات بدون طيار مسلحة جاثمة على سفنها الحربية في الخليج العربي أثناء قيام الرئيس بايدن بجولة في المنطقة[32].

بعد احداث 7 اكتوبر2023، ارتفعت وتيرة الهجمات التي تنفذها الجماعات المسلحة المدعومة من إيران على القواعد الامريكية في كل من العراق وسوريا[33]. وسجل البنتاغون ما لا يقل عن 134 هجومًا على المصالح الأمريكية في العراق وسوريا في الربع الأخير من عام 2023[34]. وردا على هذه الهجمات، يشن الجيش الامريكي غارات جوية كبيرة على اهداف لهذه الجماعات المسلحة[35]. في كلمته التي ألقاها في جامعة الدفاع الوطني في العاصمة الأمريكية واشنطن، اشار مستشار الامن القومي الامريكي جاك سوليفان الى المخاطر التي يتعرض لها الجيش الامريكي في كل من العراق وسوريا بسبب هذه الهجمات، وقال “ما يجب علينا فعله هو بناء استراتيجية لمواجهة أنشطة طهران الخبيثة وسلوكها في المنطقة[36]. من وجهة نظر Kube& Lee  فإن إدارة ترامب وضعت خطاً احمراً لايران وأوضحت أنها سترد عسكرياً إذا أصيب أو قُتل أمريكيون في أي هجوم، لكن إدارة بايدن فشلت في رسم خطاً أحمراً مماثلا للانتقام.[37]

ثانياً: حزب الله في لبنان

في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، تعتبر العلاقة بين إيران وحزب الله رمزًا لتعقيدات ديناميكيات القوة الإقليمية. متجذرًا في أيديولوجية مشتركة، ازدهر هذا التحالف في شراكة هائلة، حيث سخرت إيران ببراعة حزب الله في لبنان كامتداد لمصالحها الاستراتيجية، ودفعت نفوذها إلى ما وراء حدودها دون اشتباكات عسكرية مباشرة[38]. تجادل Mireille Rebeiz  -الخبيرة في شؤون الحزب من جامعة ديكينسن، بأن حزب الله هو في الأساس ميليشيا مسلحة تم تأسيسه لخدمة النظام الإيراني وتوسيع أيديولوجيته في المنطقة، على النحو المنصوص عليه في بيان الجماعة لعام 1985، وفي عام 2009 أصدر حزب الله بيانًا جديدًا أكد فيه التزامه بالمقاومة الإسلامية الشيعية بقيادة طهران.[39] على هذا النحو، اصبح حزب الله يتمتع بسلطة كبيرة في لبنان، حيث يعمل كحزب سياسي شيعي وجماعة متشددة تعارض بشدة إسرائيل والقوى الغربية العاملة في الشرق الأوسط، وتعمل كوكيل لإيران، أكبر متبرع لها.[40] تفتخر المجموعة بقوة عسكرية تتراوح بين 40 ألفًا و50 ألف مقاتل بدوام كامل[41]، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الاحتياطيين، وتشتهر وحدة رضوان النخبوية التي تأسست بمساعدة فيلق القدس الإيراني بشكل خاص بكفاءتها القتالية وأهميتها الاستراتيجية في الصراعات في جميع أنحاء المنطقة.[42]

في سياق هذه العلاقة المتجذرة، تتهم اسرائيل إيران بتمويل وإصدار اوامر الى حزب الله بشن هجمات على اسرائيل، يقول المتحدث العسكري الاسرائيلي هجاري إن «حزب الله نفذ عددا من هجمات إطلاق النار من أجل صرف الانتباه عن جهودنا الحربية في الجنوب (غزة) وبتوجيهات إيرانية وبدعم إيراني[43]». لاحقاً، صعدت اسرائيل من هجماتها على حزب الله بشكل مفاجئ واقدمت بتاريخ 17 ايلول/سبتمبر، بتفجير قرابة 5000 جهاز استدعاء “بيجرز” في جميع أنحاء لبنان يستخدمه اعضاء في حزب الله، كانت العملية خرقًا أمنيًا غير مسبوقاً للحزب، وأسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة ما يقرب من 3000 آخرين، من بينهم مقاتلو الجماعة وسفير إيران في بيروت[44].

مع تفاقم الاوضاع على الحدود الشمالية بالتزامن مع زيادة الهجمات الاسرائيلية على الاصول اللبنانية المدنية والعسكرية التابعة لحزب الله وارتفاع وتيرة الاغتيالات في صفوف قادة الحزب، تعهدت واشنطن بحماية اسرائيل من أي هجمات قد تتعرض لها عقب تنفيذها لعملية اغتيال طالت الامين العام لحزب الله وعدداً من القيادات السياسية والعسكرية للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. بتاريخ 27 ايلول/سبتمبر 2024، قال مسؤولون أمريكيون لمجلة Air & Space Forces Magazine إن الجيش الأمريكي أمر بمقاتلات إضافية تابعة للقوات الجوية الأمريكية إلى الشرق الأوسط .[45] لكن هذا الاجراء لم يمنع طهران من توجيه ضربة صاروخية لاسرائيل يوم 1 تشرين اول/ اكتوبر 2024[46].

في سياق متصل، أمر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حاملة الطائرات روزفلت بتمديد انتشارها والبقاء في المنطقة مع تحريك شقيقتها أبراهام لينكولن للوصول إلى المنطقة بشكل أسرع للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل من الهجمات المحتملة من قبل إيران ووكلائها الى جانب حماية القوات الأمريكية.[47] في هذا السياق، صرح بلينكن في خطابه أمام جلسة استثنائية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن الولايات المتحدة لا تبحث عن مواجهة مع إيران، لكنه أضاف أنه إذا استمرت الجمهورية الإسلامية ووكلائها في مهاجمة الأصول الأمريكية، فإن الإدارة ستتصرف “بسرعة وحسم[48]“.

ثالثاً: الحوثيون في اليمن

تجسد جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران واحدة من أقوى الجهات الفاعلة غير الحكومية في الشرق الأوسط مع احتدام حرب إسرائيل في قطاع غزة. وتثير قدرة الجماعة على مواصلة الضربات في البحر الأحمر تساؤلات جديدة حول مدى علاقاتها مع إيران.[49] يرى فريق من المراقبين ان العلاقة معقدة بين إيران والحوثيين، استخدمت الجماعة صواريخ إيرانية وطائرات بدون طيار وأسلحة أخرى من أصل إيراني.  ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت العلاقة هي علاقة تبعية أم شراكة. على الرغم من أن المصالح المماثلة تجمعهم معًا، إلا أن عوامل أخرى توضح طبيعة العلاقة، التي بدأت قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء وتصاعدت بعد أن أطلق التحالف العربي بقيادة السعودية عملية عاصفة الحزم في مارس 2015.[50]

يقول مسؤولون امريكيون إن إيران تساعد الحوثيين في اليمن على استهداف طائرات مسيرة أمريكية من طراز Reaper والتي تُستخدم لجمع المعلومات الاستخباراتية والضربات الجوية، مما مكنهم من إسقاط أو إتلاف العديد من الطائرات الضخمة بدون طيار، وان طهران تدعم الحوثيين بالفعل بالمال والتدريب والمعدات، وساعدتهم في الأشهر الأخيرة في إيقاف MQ-9 Reapers عبر تزويدهم بصواريخ Hellfire والقنابل الموجهة بالليزر.[51]

مع اعلان اسرائيل حربها الانتقامية على قطاع غزة بعد احداث 7 اكتوبر2023، اعلنت الجماعة المسلحة مساندتها للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة[52]. وتعهدت بضرب الملاحة في البحر الاحمر الى حين وقف العدوان، وأعلن الحوثيون استهداف 193 سفينة مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا إسناداً خلال الفترة من نوفمبر 2023 –6 اكتوبر 2024[53].  بالتوازي، تواصل الجماعة هجمات على اهداف عسكرية اسرائيلية باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية، ردا على حرب الابادة الجماعية التي تشنها اسرائيل وفقا لبيانات الجماعة.[54]

بالمقابل، ترد إسرائيل على هجمات الحوثي بموجات متقطعة من الغارات الجوية شملت ميناء الحديدة ومنشآت الوقود ومحطات الطاقة والأرصفة في مينائي رأس عيسى والحديدة[55]. بالمثل، اعلنت القوات الامريكية المرابطة في المنطقة ان الجيش الأمريكي شن ضربات على جماعة الحوثي في اليمن، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها تستخدم الطائرات والسفن الحربية لشن الهجمات من أجل «حماية حرية الملاحة»[56].

رابعاً: حماس والجهاد الاسلامي

قد لا تكون إيران وراء هجمات 7 أكتوبر 2023 مباشرة لكنها عملت منذ فترة طويلة على تعزيز جماعات مثل حماس والجهاد الإسلامي، يجادل [57]Erik Skare- من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية، بان الديناميكيات الأوسع داخل الشرق الأوسط حدت من خيارات هذه المجموعات، مما دفعها إلى التوجه نحو إيران للحصول على الدعم. في حالة الصراع القائم الان، يقول الخبراء، كلما كان الرد الإسرائيلي أقوى، كلما زاد رد الفعل السلبي من قبل أعداء إسرائيل الشيعة والسنة في المنطقة، كان ذلك أفضل لإيران.[58] إنها استراتيجية يعود تاريخها إلى ما قبل الثورة الإسلامية عام 1979، وفقًا للخبراء، ولكن تم شحذها وإعادة تسميتها بإسم (محور المقاومة) من قبل فيلق القدس، الذراع الخارجية لنخبة للحرس الثوري الإيراني (IRGC).

بينما تتهم واشنطن، إيران بتقديم دعما مكثفا لحماس ولجماعة مسلحة أخرى ملتزمة بالمقاومة المسلحة ضد إسرائيل، الجهاد الإسلامي، في شكل تمويل وأسلحة وتدريب[59]. يقول مسؤولون امريكيون أن دور إيران الدقيق في احداث 7 اكتوبر غير واضح، لكن الهجوم يعكس طموح طهران المستمر منذ سنوات في محاصرة إسرائيل بجحافل من المقاتلين شبه العسكريين المسلحين بأنظمة أسلحة متطورة بشكل متزايد قادرة على الضرب في أعماق الدولة اليهودية[60]. ومع اشتداد القتال في غزة كانت إيران صريحة بشكل متزايد بشأن احتمال دخول قوة نيران إضافية في المعركة لتحقيق انتصار لما تسميه طهران «محور المقاومة» ضد إسرائيل[61].

ويرى Skare ان احداث 7 أكتوبر على الرغم من أنه لم يكن من الممكن حدوثها بدون تقديم دعم إيراني طويل الأمد، الا انها عكست حسابات حماس المستقلة. ويشير Zvi Bar’el[62] بأن طهران لا تسيطر بشكل كامل على اذرعها في العراق ولبنان واليمن، ولكل منها أجندتها الخاصة وتتأثر بالعوامل المحلية، لكنها نجحت حتى الآن في توحيد الساحات بفضل الحرب في غزة والحفاظ على مكانة استراتيجية فريدة. ويضيف Skare من المحتمل أن تكون الهجمات مفاجِأة وغير مرحب بها في طهران، ومع ذلك، فإن ما إذا كانت حماس والجهاد الاسلامي ستظلان متحالفين بإحكام مع إيران، هذا يعتمد على نتيجة الحرب في غزة والديناميكيات الأوسع في الجغرافيا السياسية المتقلبة في الشرق الأوسط. بما يشمل الموقف الايراني الثابت من عدم الذهاب الى حرب مباشرة مع اسرائيل او الولايات المتحدة والاكتفاء بالرد فقط على الهجمات التي تطال اصولها المدنية والعسكرية[63].

4:1 المصالح المشتركة

يقول Graham Allison، منذ عام 1979، واجهت ايران ثلاثة أعداء أساسيين، الاتحاد السوفيتي، وعراق صدام، وأفغانستان طالبان. يشير Allison إلى أنه في عام 1991، فازت الولايات المتحدة بالحرب الباردة واختفى الاتحاد السوفيتي. وفي عام 2001 غزت واشنطن أفغانستان وأطاحت بطالبان. وفي عام 2003 غزت العراق وأطاحت بحكومة صدام حسين، ويضيف Allison بالطبع لم تبذل واشنطن هذه الجهود لصالح إيران. لكنها كانت في جميع الحالات مستفيدًا رئيسيًا[64]. بعد سنوات من الصراع والحرب الاهلية في العراق، نجح المعسكر الشيعي الموالي لإيران في تشكيل حكومة[65].

اولاً: احتلال العراق وتدمير نظام صدام حسين

في كتابه The English Job كشف جاك سترو[66] – وزير خارجية بريطانيا السابق عن مستوى رفيع من التعاون بين العدوين شكلاً والحليفين مضموناً -ايران واسرائيل، تحت عنوان تحطيم العراق خلال الحرب العراقية الايرانية 1980-1988، كانت اسرائيل هي المورد الغربي الوحيد والموثوق لاسلحة ايران، وان خبراء من الولايات المتحدة اكدو له هذه المعلومات، واضاف ان الجانبين تعاونا في تدمير القوة الجوية العراقية بالاضافة الى تسهيل مهام اسرائيل في قصف مفاعل تموز النووي العراقي، واضاف سترو انه في عام 1982 اخبر وزير خارجية بريطانيا اعضاء مجلس العموم ان ارئيل شارون اخبره بان اسرائيل تزود ايران بالاسلحة، لان من وجهة نظر شارون ان بغداد تشكل خطرا على المدى القريب والبعيد على امن اسرائيل، وان صدام هدد مراراً وتكراراً اسرائيل ويقود حملة تحريض ضدها في العالم العربي. وان انتصار العراق بالحرب سيكون له نتائج كارثية على اسرائيل.  

أعطى سقوط نظام صدام إيران مزايا استراتيجية مهمة لم يتوقعها الغزاة الأمريكيون. تمت إزالة العدو الإقليمي الأهم لإيران من مكان الحادث ووجد الشيعة والأكراد المتحالفون مع إيران مساحة أكبر للمناورة في الهيكل السياسي بعد صدام. انخفضت قوة السنة وظهر نظام جديد قائم على الفيدرالية والحصص العرقية والطائفية، مما زاد بشكل كبير من نفوذ إيران. سمحت هذه التغييرات في العراق لإيران بتوسيع عمقها الاستراتيجي إلى البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، مما شكل ما أسماه الملك عبد الله الثاني ملك الأردن «الهلال الشيعي»[67].

كشف تقرير نشره مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية بتاريخ 19 نيسان/ ابريل 2024 تحت عنوان ” من الخصوم إلى الحلفاء، دور إيران المتطور في الجغرافيا السياسية في العراق”، بان الغزو الامريكي للعراق عام 2003 مهد طرقًا جديدة لطهران لبسط نفوذها داخل الدولة المجاورة، واستولت إيران على فراغ السلطة الناتج عن ذلك، ومن خلال العراق، يضيف التقرير، تمكنت طهران من ممارسة النفوذ والحفاظ على ممر بري لحلفائها في سوريا ولبنان، وبالتالي ترسيخ قوتها الإقليمية وخلق مجال نفوذ متصل عبر الشرق الأوسط.[68]

بعد قرابة عشرون عامًا من غزو القوات الأمريكية للعراق لأول مرة، سلطت وثائق المخابرات الإيرانية السرية، التي تم تسريبها إلى The Intercept وتم الإبلاغ عنها لأول مرة في سلسلة من القصص التي نُشرت بداية من عام 2019، الضوء على السؤال المهم حول من ربح الحرب بالفعل، ليخرج أحد المنتصرين بوضوح من بين مئات الصفحات من الوثائق السرية: إيران[69]. في هذا السياق، يتفاخر ممثل مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زكاني المقرب من المرشد الأعلى الإيراني قائلاً «انتهى المطاف بثلاث عواصم عربية اليوم في أيدي إيران» – في اشارة الى العراق، سوريا ولبنان، وأشار إلى أن صنعاء أصبحت الآن رابع عاصمة عربية في طريقها للانضمام إلى الثورة الإيرانية[70]. ويقول علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، إن “إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي”، وذلك في إشارة إلى إعادة الامبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.[71]

ثانياً: الحرب على داعش

في ميدان تعاوني آخر، ساندت قوات من الحرس الثوري الايراني الجيش الامريكي وقوات التحالف لقتال داعش في العراق وسوريا وهزيمتها. ورداً على هذا التعاون بين الطرفين، حذرت الولايات المتحدة إيران سراً من أن داعش تخطط لهجوم إرهابي محتمل داخل الحدود الإيرانية قبل أن ينفذ التنظيم هجوما مميتا بالقرب من قبر قاسم سليماني، وان هذه المعلومات أعطيت لإيران بناء على سياسة الحكومة الأمريكية «واجب التحذير».[72] وفي إطار قناعة الجيش الامريكي أن القوات الجوية الإيرانية قد عفا عليها الزمن، أرسل بعضًا من أكثر طائراته تطوراً لمتابعة حربها على داعش من السماء. في الواقع، الحقيقة غير المريحة ولكن لا يمكن إنكارها هي أن الإيرانيين والأمريكيين يعملون بشكل متسق لمحاربة داعش في العراق.[73]

ثالثاً: إجهاض حل الدولتين

في قضية حل الدولتين لانهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، يقول كمال خرازي رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في ايران، “لا نؤمن بخطة حل الدولتين لأن إسرائيل نفسها، أولاً وقبل كل شيء، لا تقبل ذلك ولا تدعم هذه الخطة. وثانياً، حل الدولتين غير ممكن على الإطلاق. لأن 20٪ فقط من الأرض الفلسطينية في أيدي الفلسطينيين الآن، وحتى في تلك النسبة هناك الكثير من المستوطنين الذين يحتلون الأرض الفلسطينية. لذلك، ليس من العملي التحدث عن حل الدولتين”، واضاف “نعتقد أن الحل النهائي سيكون إنشاء دولة واحدة تتكون من المسلمين والمسيحيين واليهود”[74]. وأكد وزير الخارجية الايراني عراقجي موقف بلاده قائلاً “نعتقد بأن حل الدولتين لن يؤدي إلى إرساء سلام مستدام في المنطقة… هذا السيناريو سيؤدي إلى استمرار التوترات بين الدولتين المحتملتين، وبالتالي استمرار الصراع[75]“.

ويمكن العثور على وجهات نظر اخرى عندما يتعلق الأمر بحل الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، لدى العديد من رجال الدين في قم، الذين يتبنون خيار السير على خطى المرشد الأعلى علي خامنئي في رفض حل الدولتين، وتدعو المؤسسة الدينية إلى إجراء استفتاء يقرر فيه «الشعب الأصلي» لفلسطين – سواء كان مسيحيًا أو يهوديًا أو مسلمًا – الحكومة التي يجب أن تحكم بلادهم، من وجهة نظر دينية أن مثل هذا التصويت من شأنه أن يقضي على إسرائيل بشكل فعال[76]. ويتبع رجال الدين المحافظون في قم هذه الخطوة، وكرروا موقفهم في أعقاب الحرب المستمرة على قطاع غزة. في 21 أكتوبر صرح آية الله العظمى حسين حميداني قائلاً «من الضروري الذهاب إلى أبعد من القضاء الكامل على النظام الإسرائيلي الوحشي»[77]. وفي إشارة إلى اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، قال عضو مجلس الخبراء آية الله كعبي- وهو هيئة دينية مكلفة باختيار المرشد الأعلى الإيراني القادم، في 7 أكتوبر، ان “الدول التي تتحرك في هذا الاتجاه لن تستفيد منه ولا يمكنها منع تدمير هذا النظام الصهيوني باعتباره ورمًا سرطانيًا[78].

هذا الموقف السياسي والديني يتشابه مع موقف حماس والجهاد الاسلامي، احدث تصريح ورد على لسان خالد مشعل بتاريخ 18 يناير/ كانون الثاني، اكد فيه رفض الحركة لحل الدولتين، يقول مشعل: «الغرب يقول إن 7 أكتوبر فتح آفاق رؤية سياسية، لذلك عادوا للحديث عن سلعتهم القديمة، وهو حل الدولتين». وأضاف أن «حدود 1967 تمثل 21% من فلسطين، وهي عمليا خمس أراضيها، لذلك لا يمكن قبول ذلك»[79]. ويرى عمر الغول في مقالته “انتهت لعبة الاتاري”[80] ان الرهان على جمهورية الملالي الفارسية في مواجهة دولة إسرائيل فوق النازية والغرب الامبريالي ضرب من الوهم والخيال، ويضيف ان الانظمة الايرانية المتعاقبة ورغم الاختلاف في مركباتها السياسية وخلفياتها العقائدية والتمايز بين أنظمتها وهياكلها التنفيذية والتشريعية والقضائية، الا انها مسكونة بالعداء للقومية العربية والأنظمة العربية بكل تلاوينها.

يزعم Lawrence Solomon – كاتب عمود في البريد الوطني الكندي، كانت قدرة إيران على إبطال آفاق حل الدولتين دليلاً في 7 أكتوبر عندما أطلقت العنان لحماس، وكيلها الرئيسي في غزة، في أول تنفيذ واسع النطاق لعقيدة “المحور”. نجح الهجوم في إخراج قرار المملكة العربية السعودية المتوقع بالانضمام إلى اتفاقات إبراهيم عن مساره، وهو حدث حاسم كان من شأنه أن يعزز آفاق حل الدولتين من خلال إحلال السلام رسميًا بين إسرائيل وجارتها العربية المرموقة.[81]

وفي سياق تطابق المواقف في إجهاض حل الدولتين، اشار نتنياهو امام لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست، إلى مستقبل السلطة الفلسطينية، قائلاً “نحن بحاجة إلى السلطة الفلسطينية الضعيفه”… ولكن يجب قمع التطلع الفلسطيني إلى دولة”. في الواقع، تجادل Ksenia Svetlova، كان هذا المنطق دائمًا جزءًا مهمًا من المفهوم – أنه يجب أن توجد السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من حكم الفلسطينيين في الضفة الغربية ولكنها تظل ضعيفة أيضًا حتى لا تتمكن من تحقيق أي طموحات متعلقة بالدولة الفلسطينية، لهذا السبب لعبت حماس في غزة دورًا أساسيًا في تحقيق هذا الهدف – فقد كانت حليفًا تكتيكيًا في حرب نتنياهو ضد السلطة الفلسطينية[82].

وبالتالي إجهاض حل الدولتين، وهو التوجه السائد لدى لوبي اسرائيل داخل الولايات المتحدة وجوهره ثني واشنطن عن استخدام نفوذها على اسرائيل لقبول حل الدولتين وانهاء الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني. وهو بالضبط ما اشار اليه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير الله في منتدى دولي في الدوحة بان الشيء الوحيد الذي تشترك فيه إيران وإسرائيل هو أن كلاهما لا يؤمنان بحل الدولتين[83].

5:1 النقـــاش

  • تنظر كل من واشنطن وطهران الى علاقاتهما المتبادلة من عدسة ترابط المصالح صعوداً ونزولاً. في العديد من القضايا التي تخدم المصالح الايرانية يمكن العثور على مواقف ايرانية ملتصقة بالخطوط الامريكية، والعكس صحيح بالنسبة للمواقف الامريكية. من ناحية اخرى، يصبح الجانبان على طرفي نقيض مع تبادل التصريحات النارية والاتهامات عندما تتضارب المصالح بينهما. وهو ما كشفته احداث السابع من اكتوبر 2023، لكن دون تجاوز لقواعد الاشتباك المتفق عليها والتي تحددها في العادة الولايات المتحدة.
  • من وجهة نظر طهران فإن استراتيجية “الدفاع الأمامي” او ما كان يعرف سابقا بعقيدة “تصدير الثورة”، وجوهرها قتال الخصوم خارج الاراضي الايرانية عبر الحلفاء او من تسميهم واشنطن الوكلاء، كفيلة بحفظ نفوذها ومصالحها في المنطقة العربية بتكلفة صفرية او قريبة منها. في هذا السياق تدعي إيران أنها تعمل على التصدي للهيمنة الامريكية ولخطر تمدد إسرائيل في المنطقة. بالمقابل، تزعم واشنطن ان سياسات قادة طهران التوسعية تشكل خطراً على حلفائها ومصالحها الحيوية في المنطقة، وعلى الرغم من ذلك يتفق الطرفان على حصر الصراع على الارض العربية.  
  • استفادت طهران من حروب الولايات المتحدة في المنطقة بما فيها تدمير العراق والحرب على داعش الى جانب تعمد واشنطن إفشال أي مسارات تفاوضية تفضي الى حل الدولتين، مرورا بالمشاركة في حرب الابادة الجماعية التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني، في تكريس سياساتها وكسب تعاطف الجماهير العربية في الدول السنية، هذا المشهد دفع بعض أقرب حلفاء واشنطن في المنطقة إلى زيادة مشاركتهم بشكل كبير معها – ايران، وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، كانت الدول العربية تستغل علاقاتها المتجددة مع طهران لتعزيز الثقة ودرء حرب إقليمية أوسع نطاقاً وسط حالة من فقدان الثقة في السياسة الامريكية.
  • بعيداً عن استراتيجية التوسع المرفوضة عربياً التي تنتهجها طهران في الاقليم، وسيطرتها الى حد ما على مراكز صنع القرار في كل من بغداد، دمشق، بيروت وصنعاء، بالاضافة الى إستمرار تدخلها المباشر في الشأن الداخلي الفلسطيني. الا ان اكثر ما يزعج واشنطن هو ان تنجح محاولات التقارب الجارية بين طهران والعواصم العربية برعاية روسية -صينية، لانهاء الملفات العالقة. عند هذه النقطة، تفقد واشنطن بعضاً من اوراق الضغط وفي مقدمتها غياب تسويق فكرة مخاطر امتلاك ايران لاسلحة نووية تهدد الوجود العربي، هذا يعني ببساطة إغراق مسوغات التطبيع مع حليفتها اسرائيل، وهذا آخر ما تريده واشنطن.
  • مع استحضار التجارب الفاشلة للادارات الامريكية السابقة، بما فيها غزو العراق وافغانستان وثورات الربيع العربي لانشاء شرق اوسط جديد وظهور داعش، فإن الموقف الامريكي حتى الان هو الميل نحو سياسة إدارة التصعيد مع طهران وليست إسقاط الحكم فيها.

6:1 الاستنتاجات

  • تتبع طهران تجاه واشنطن سياسة منضبطة رغم الصوت العالي، انطلاقا من وعي طهران للوزن النسبي للقوة والمصالح الامريكية في منطقة الشرق الاوسط، على ان تقف الامور بين الطرفين الى الحد الذي يمنع تدهور العلاقة بينهما نحو حافة الهاوية.
  • من ناحيتها تبني واشنطن سياستها تجاه طهران انطلاقا من القوة الديموغرافية والجيوسياسية التي تتمتع بها طهران، الى جانب النفوذ في منطقة الشرق الاوسط.
  • في حال تضارب المصالح لا تتردد واشنطن في معاقبة طهران، على ان لا يتجاوز الرد الخطوط الحمراء التي يفرضها الوزن النسبي لقةى كل منهما.
  • ايران ليست وكيلا لامريكا وليست عدواً دائماً لها في منطقة الشرق الاوسط، لكنها منافس حقيقي تجتمع فيه صفات العدو المفيد لاسرائيل في إفشال حل الدولتين كل بطريقته.
  • تتجنب إيران السعي نحو حرب مفتوحة مع واشنطن، لان من شأن ذلك نشوب مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، وبالتالي المخاطرة بالوجود الايراني برمته. وبدلاً من ذلك، تفضل طهران استراتيجية “الصبر الاستراتيجي” على الرغم من مخاطره.
  • في الواقع تواجه إيران إختباراً صعباً بين أن تعزز دعمها لحلفائها، أو تستمر في انتهاج سياسة منضبطة وتجنب التصعيد للحفاظ على كيان الدولة، لكنها في هذه الحالة تجازف بخسارة بعض من نفوذها في المنطقة في حال استمرت الضربات الاسرائيلية على حلفائها دون رد قوي من جانبها.
  • تكمن اولوية واشنطن حتى الان في إضعاف النظام الايراني من الداخل عبر سياسة الضغط الاقصى، اقتصادياً وسياسياً. بالنظر الى مزايا واشنطن الكبيرة في إبقاء هذا النظام بمستوى معين من القدرات للاستمرار في ابتزاز دول الاقليم والدفع بها نحو مزيد من تطبيع العلاقات وبناء تحالفات امنية مع إسرائيل في سياق الحماية من الخطر الايراني.

هوامش

[1] https://www.isdp.eu/iran-and-hezbollah-proxy-power-play/

[2] https://www.nejatngo.org/en/page/192?amp

[3] https://candlegrup.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84/#_ftn17

[4] https://bawabatii.net/news42870.html

[5] https://www.gatestoneinstitute.org/21015/biden-can-save-the-world

[6] https://theconversation.com/americas-iran-policy-is-a-failure-piecemeal-deterrence-and-sanctions-can-go-only-so-far-236633

[7] https://www.brookings.edu/articles/tehran-and-washington-a-motionless-relationship/

[8] Milani, M. M. (2009). Tehran’s take: Understanding Iran’s US policy. Foreign Affairs, 46-62.‏

[9] https://edition.cnn.com/2024/10/11/politics/iran-nervous-israel-response-missile-attacks/index.html

[10] https://www.state.gov/united-states-sanctions-iran-backed-malicious-cyber-actors-that-have-attempted-to-influence-u-s-elections/

[11] https://arabic.rt.com/world/1613051-%D8%B3%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86/?utm_source=telegram&utm_medium=telegram&utm_campaign=telegram

[12] Tanter, T. (2016). Preparing for Regime Change in Iran. Washington institute. 4 Oct. 2016. Retrieve from. https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/preparing-regime-change-iran

[13] https://www.institutmontaigne.org/en/expressions/what-does-iran-really-want

[14] https://books4arab.me/%d8%aa%d8%ad%d9%85%d9%8a%d9%84-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%ad%d9%84%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%aa%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7/

[15] Gerecht, R.& Takeyh, R. (2020). Regime change in Iran shouldn’t be a taboo. The Washington Post, May 29, 2020. https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/05/29/regime-change-iran-shouldnt-be-taboo/

[16] AFP (2019). Washington protesters demand regime change in Iran. Times of Israel. 9 March 2019. Retrieve from. https://www.timesofisrael.com/washington-protesters-demand-regime-change-in-iran/

[17] Edelman, E. & Takeyh, R. (2020). The Next Iranian Revolution, The Foreign affairs. May/June 2020. Retrieve from. https://www.foreignaffairs.com/articles/middle-east/2020-04-13/next-iranian-revolution

[18] Tarock, A. (2006). Washington: To Engage or to Change the Regime in Iran. New Political Science28(1), 81-100.‏

[19] https://www.brookings.edu/articles/america-and-iran-from-containment-to-coexistence/

[20] https://www.armscontrol.org/act/2021-04/features/arduous-path-restoring-iran-nuclear-deal

[21] https://www.rferl.org/a/us-iran-nuclear-deal-off-table/33093049.html

[22] https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/sw-alfhm-almhyt-balqanwn-alnwwy-alayrany

[23] Davenport, K. (2020). Biden Victory May Save Iran Nuclear Deal. Arms Control Today50(10), 28-29.‏

[24] https://www.newsweek.com/donald-trump-says-israel-should-hit-irans-nuclear-first-1964268

[25] https://www.cfr.org/backgrounder/what-iran-nuclear-deal

[26] https://www.institutmontaigne.org/en/expressions/what-does-iran-really-want

[27] https://www.timesofisrael.com/biden-us-opposes-israel-hitting-iran-nuclear-sites-response-should-be-proportional/

[28] https://www.csis.org/analysis/war-proxy-irans-growing-footprint-middle-east

[29] https://quincyinst.org/research/troops-in-peril-the-risks-of-keeping-u-s-troops-in-iraq-and-syria/#h-introduction

[30] https://www.reuters.com/world/middle-east/us-personnel-hurt-attack-against-base-iraq-officials-say-2024-08-05/

[31] RFE/RL (2022). U.S. Attacked Iran-Linked Targets in Syria to Defend U.S. Personnel, Biden Says. RFE/RL. August 26, 2022. Retrieve from. https://www.rferl.org/a/us-attack-iran-linked-syria-militias-biden/32005303.html

[32] Iran To Resume Attacks On US: Top American Air Force General.  21 JUL 2022. Outlook India. Retrieve from. https://www.outlookindia.com/international/iran-to-resume-attacks-on-us-top-american-air-force-general-news-211037

[33] https://www.crisisgroup.org/trigger-list/iran-usisrael-trigger-list/flashpoints/al-tanf-syria

[34] https://quincyinst.org/research/troops-in-peril-the-risks-of-keeping-u-s-troops-in-iraq-and-syria/#h-introduction

[35] https://edition.cnn.com/2024/02/02/politics/us-strikes-iraq-syria/index.html

[36] https://arabic.rt.com/world/1613051-%D8%B3%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86/?utm_source=telegram&utm_medium=telegram&utm_campaign=telegram

[37] Kube, C. et al. (2022).  Iran-backed militias’ attacks against U.S. targets are up. The U.S. hasn’t responded with force since last year. NBC News. June 10, 2022. Retrieve from.  https://www.nbcnews.com/politics/national-security/attacks-iran-backed-militias-us-target-are-us-hasnt-responded-force-20-rcna32892

[38] https://www.isdp.eu/iran-and-hezbollah-proxy-power-play/

[39] https://theconversation.com/does-hezbollah-represent-lebanon-and-what-impact-will-the-death-of-longtime-leader-hassan-nasrallah-have-240062

[40] https://www.cfr.org/backgrounder/what-hezbollah

[41] https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF10703

[42] https://www.idf.il/en/mini-sites/hezbollah-and-lebanon-an-in-depth-examination-under-hassan-nasrallah-s-leadership/

[43] https://www.reuters.com/world/middle-east/israel-accuses-iran-ordering-sundays-hezbollah-attacks-lebanon-border-2023-10-16/

[44] https://www.reuters.com/world/middle-east/israel-planted-explosives-hezbollahs-taiwan-made-pagers-say-sources-2024-09-18/

[45] https://www.airandspaceforces.com/us-sending-more-air-force-fighters-middle-east/

[46] https://www.timesofisrael.com/iran-briefly-grounds-all-flights-as-israel-mulls-response-to-missile-attack/

[47] https://www.military.com/daily-news/2024/09/12/us-aircraft-carrier-middle-east-heading-home.html

[48] https://www.inss.org.il/publication/iran-usa-conflict/

[49] https://www.cfr.org/in-brief/irans-support-houthis-what-know

[50] https://mecouncil.org/publication_chapters/irans-role-in-the-yemen-war-real-influence-and-regional-gains/

[51] https://www.nbcnews.com/investigations/iran-helping-houthi-rebels-yemen-target-us-reaper-drones-us-officials-rcna171834

[52] https://almahriah.net/local/39754

[53] https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5068447-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-193-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%AF%D9%89-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9?utm_campaign=nabdapp.com&utm_medium=referral&utm_source=nabdapp.com&ocid=Nabd_App&page=2

[54] https://www.aljazeera.com/news/2024/9/27/yemens-houthis-claim-to-have-targeted-israels-tel-aviv-and-ashkelon

[55] https://www.theguardian.com/world/2024/sep/29/israel-launches-fresh-airstrikes-at-houthi-targets-in-yemen

[56][56] https://www.bbc.com/news/articles/cx2ld3wxeyqo

[57] https://ecfr.eu/profile/erik-skare/

[58] https://www.homelandsecuritynewswire.com/dr20231020-irans-axis-of-resistance-network-designed-to-create-chaos-fight-tehrans-enemies

[59] https://www.washingtonpost.com/world/2024/04/16/iran-israel-attack-shadow-war/

[60] https://www.washingtonpost.com/national-security/2023/10/09/iran-support-hamas-training-weapons-israel/

[61] https://www.rferl.org/a/iran-axis-resistance-proxies-enemies-abroad-quds/32645674.html

[62] https://www.haaretz.com/middle-east-news/2024-02-20/ty-article/.premium/iran-avoids-paying-price-for-proxy-wars-as-it-garners-several-strategic-gains/0000018d-c5c3-d1aa-a78d-ede388d70000

[63] https://www.rferl.org/a/iran-war-israel-united-states-/32811113.html

[64] https://www.belfercenter.org/publication/us-and-iranian-interests-converging-or-conflicting

[65] https://www.inss.org.il/publication/iraq-new-government/

[66] https://www.youtube.com/watch?v=QuE1hDe7OPI

[67] https://www.stimson.org/2023/retrospective-us-invasion-of-iraq-was-a-mixed-blessing-for-iran/

[68] https://mecouncil.org/publication_chapters/from-rivals-to-allies-irans-evolving-role-in-iraqs-geopolitics/

[69] https://theintercept.com/2023/03/17/iraq-war-iran-cables/

[70] https://www.middleeastmonitor.com/20140927-sanaa-is-the-fourth-arab-capital-to-join-the-iranian-revolution/

[71] https://www.alarabiya.net/iran/2015/03/08/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D8%B5%D8%A8%D8%AD%D8%AA-%D8%A7%D9%85%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%85%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF

[72] https://edition.cnn.com/2024/01/25/politics/us-warned-iran-isis-terror-attack/index.html

[73] https://www.belfercenter.org/publication/us-and-iranian-interests-converging-or-conflicting

[74] https://www.scfr.ir/en/council/236747/the-return-of-the-zionist-regime-to-war-is-a-strategic-mistake/

[75] https://arabic.rt.com/world/1611393-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AF%D8%A9/

[76] https://amwaj.media/article/hamas-israel-war-highlights-divergent-views-among-iranian-clerics

[77] https://jameehmodarresin.org/25553/%D8%A8%D8%A7%DB%8C%D8%AF-%D8%AA%D8%A7-%D9%85%D8%AD%D9%88-%DA%A9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%B1%DA%98%DB%8C%D9%85-%D9%85%D9%86%D8%AD%D9%88%D8%B3-%D9%88-%D8%B3%D9%81%D8%A7%DA%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6/

[78] https://farsnews.ir/Provinces/1696708772000878387/%D8%A2%DB%8C%D8%AA%E2%80%8C%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%DA%A9%D8%B9%D8%A8%DB%8C:-%D9%81%D8%B1%D8%B2%D9%86%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%85%D8%AA-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%A7-%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%AA-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%DB%8C%D9%86-%D9%87%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87-%D8%B4%D9%88%D9%86%D8%AF

[79] https://www.middleeastmonitor.com/20240118-meshaal-hamas-rejects-two-state-solution/

[80] https://www.raya.ps/articles/1183697.html

[81] https://www.jns.org/the-pointlessness-of-pursuing-a-two-state-solution/

[82] https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/israel-right-wing-netanyahu-palestinian-authority/

[83] https://www.reuters.com/world/middle-east/iranian-foreign-minister-says-neither-iran-nor-israel-believe-two-state-solution-2023-12-11/

 

* د.عوض سليمية باحث في العلاقات الدولية مدير وحدة الابحاث والدراسات الدولية- معهد فلسطين لابحاث الامن القومي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى