د. عدنان ملحم: الفاتحة على العمل الجماهيري
د. عدنان ملحم 17-11-2024: الفاتحة على العمل الجماهيري
▪️يجب الاعتراف بشكل صريح بأن الحركة الوطنية الفلسطينية، قد أطلقت رصاصة الرحمة على العمل الشعبي الجماهيري بكل أشكاله ، وارتدت ثياب اللامبالاة الناعمة ، وحملت سيوف الوظائف والامتيازات المريحة .
▪️أتحدث عن تجربة المقاومة الشعبية الجماهيرية الفلسطينية التي أنجبتها جامعات بير زيت والنجاح وبيت لحم والخليل، والنقابات المهنية المختلفة والاتحادات المجتمعية والمؤسسات المدنية خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الفائت ، أتحدث عن تجارب الانتفاضة الأولى 1987 والخان الأحمر 2018 .
▪️دققوا في تفاصيل الفعاليات الجماهيرية الشعبية الفلسطينية في محافظات الوطن : أعداد لا تتعدى في غالبها أصابع اليد وعلى الأكثر العشرات ، وجوه معروفة بالرسم والاسم تشارك في كل المواسم والنشاطات والمناسبات والوقفات ! هبات ونشاطات موسمية تظهر مؤقتا وتغيب دهرا .
▪️أين جحافل التنظيمات الفلسطينية المتعددة وقياداتها وعناصرها ومناصروها وهيئاتها ؟ أين الهياكل المهنية والطلابية و المدنية والمجتمعية بمختلف أنواعها وأشكالها ؟ أين الوزارات الرسمية وأذرعها المتعددة ؟ أين الشركات والمؤسسات العامة والخاصة ؟ أين هوامير المال الذين يسيطرون على الشخصية الاقتصادية الفلسطينية ؟ .
▪️ ما هذا الوهن ؟ و ما هذه اللامبالاة ؟ ما هذا الخزي ؟ من أوصل الناس إلى مرحلة الصمت على عمليات مصادرة أراضيهم وممتلكاتهم ومستقبلهم ؟ آلاف الدونمات من الأرضي الفلسطينية لا يستطيع ملاكها الوصول إليها وزراعتها بسبب قربها من المستعمرات والطرق الاحتلالية المنتشرة في مختلف المناطق الفلسطينية ؟ آلاف الدونمات يصادرها المستعمرون الجدد بدون ضجيج ولا ردات فعل وازنة ، وحتى مقارعات قضائية محسومة أصلا ! 150 ألف دونم زيتون يحظر على أصحابها قطف محصولها !.
هل تصدقون بأن الذين يحرسون ويدافعون عن مضارب البدو في الأغوار من بطش المستعمرين الجدد ثلة من شباب المنطقة وعدد من المتطوعين الأجانب ، في الوقت الذي تغيب به فعاليات التنظيمات الوطنية المختلفة عن المكان والحدث ! هل تصدقون أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يباد على الهواء مباشرة ، وفي الضفة الغربية قطعة قطعة ، في ظل صمت فلسطيني جمعي شبه كامل تقريبا ؟.
▪️أعيدوا بعث الحياة في هياكل العمل النقابي والطلابي والمجتمعي والمدني والنسوي والعمالي الفلسطيني فهي قلاع العمل الوطني الملتزم …العمل الجماهيري المنظم سلاح هام إذا أحسنا استخدامه وتوجيهه الوجهة الصحيحة ، ولكنه في الحالة الفلسطينية هو مجرّد “إكسسوارات “موسمية تبرز خلال المناسبات الرسمية وبعض الاحتفالات العامة ويحشر اسمها في مضامين الخطب الرنانة! .
▪️ ماذا يمنعنا من تأسيس مفاعيل وطنية مثل : شبيبة السهول والجبال ، رعاة أشجار الزيتون المقدسة ، حماة الأراضي الحكومية والوقفية ، شيكل الاستيطان الوطني الفلسطيني و المشاريع الزراعية الشبابية التعاونية ؟ .
▪️ أثمن عاليا عمل هيئة الاستيطان والجدار وطواقمها المئة والعشرين الذين يرفعون بشكل جاد وفاعل لواء العمل الجماهيري الجاد في مواجهة المستعمرين ونشاطاتهم الدؤوبة في جميع محافظات الوطن ، وأثمن بشكل خاص جهودهم في حملة فزعة الهادفة لمساعدة الفلاح الفلسطيني على قطاف محصول الزيتون ، ومعهم الجهات الشريكة مثل : وزارات الزراعة والداخلية و المنظمات غير الحكومية ومجموعات من المتطوعين الأجانب ، ولكن يتوجب أن نعرف أن شعبنا الفلسطيني يقف في مواجهة مشروع استيطاني عقائدي صهيوني تاريخي مدعوم بالمال والرجال والسلاح والإمكانات التي لا حدود لها ! وأن الانتصار عليه لا يكون من خلال هبات ونشاطات وفزعات موسمية فقط ، بل من خلال إستراتيجية واسعة منظومة منتظمة دائمة مدعومة من كل القطاعات الفلسطينية على اختلاف مسمياتها.
▪️جميعنا مسؤولون عن هذا الواقع المؤلم والصعب ، نعرف الخلل والغلط ومظاهر الضعف والوهن ، جميعنا يشاهد غرق السفينة وهو مستمتع بامتيازاته وتفاصيل حياته ، سنقف جميعا أمام محاكم التاريخ : الجالسون في سدنة القرار السياسي والوطني والمجتمعي الفلسطيني ، واضح أن باب السلام العادل قد أغلق أو فشل نهائيا ! وواضح أن فكرة المقاومة الشعبية الجماهيرية لا حياة لها في ظل محتل لا يعرف سوى العنف والقتل والظلم بشتى أشكاله ، وواضح أن الكفاح المسلح قد دخل في غيبوبة مبكرة بفعل عوامل ذاتية وموضوعية وخلل حاد في الإمكانيات والإستراتيجيات ، وواضح أن الحركة الوطنية الفلسطينية أصبحت مثل ” مصيفة الغور, لا صيف صيّفتْ, ولا سِترها ظل عليها !” .