أقلام وأراء

د. عبيرعبد الرحمن ثابت تكتب- كيف تحقق حركة فتح الفوز في الانتخابات التشريعية القادمة؟ !

د. عبير عبد الرحمن ثابت *15/2/2021

  خمسة وستون عام وما زالت حركة فتح تمثل أم الجماهير وتتصدر المشهد السياسى الفلسطيني بكل عنفوانها وصلابتها، وما زالت تضم في صفوفها كل القطاعات الجماهيرية والشعبية والتيارات الفكرية المختلفة وهو ما يميزها عن الفصائل الأخرى ومنحها القدرة على الصمود والاستمرار رغم كل ما مرت به من أزمات عصفت بها فى الداخل والخارج؛ وكانت فى كل مرة تنهض كما طائر الفينق قوية متحدية ومواجهة لكل الصعاب لاستكمال مشروعها الوطنى نحو القدس والدولة المستقلة.

ويسجل التاريخ للحركة قدرتها على المحافظة على فكرتها ومكوناتها رغم كل المحاولات العربية والدولية من احتوائها أو تصفيتها؛ وكذلك تمكنت من خلق لغة حوار متوازنة مع كل المكونات العربية والدولية سواء المتفقة أو المختلفة معها؛ وقد ساعدها في ذلك مرونتها الفكرية التي حافظت على تماسك صفوفها ومنعت أى أنظمة عربية أو إقليمية مصادرة قرارها؛ وهو ما يؤكد استفادة حركة فتح من دروس الآخرين الذين انصهروا في أنظمة عربية افقدتهم مكانتهم السياسية والجماهيرية. وتشير العلاقات ما بين صفوفها إلى حالة الاختلاف من مرحلة سياسية إلى أخرى؛ فقد مارست كل أشكال المقاومة العلنية والسرية؛ وما زالت تحافظ على الثوابت الوطنية وقد دفع قادتها حياتهم ثمن لذلك.

وعلى اختلاف امتدادتها التنظيمية في كل الأقطار شابتها خلافات عديدة بين صفوفها نتيجة البنية التنظيمية للحركة؛ والتى شهدت تنافسات متعددة بين مقرات الحركة في الدول العربية ومن ثم داخل الوطن؛ وهذا ليس عيبا بل ظاهرة صحية يؤكد على جماهيرية الحركة وديمقراطيتها وتدافع القيادات والأجيال فيها وسعيهم لأخذ مكانتهم في مراكز صنع القرار لرفع شأن الحركة؛ والتي تمثل صمام الأمان للمشروع الوطنى وللشعب الفلسطين؛ فهى التي تمكنت من المحافظة على الهوية الفلسطينية والحركة الوطنية؛ وكذلك مكانتها في الشارع الفلسطينى رغم ظهور أزمتها مع قوى فلسطينية سياسية أخرى.

واليوم وشعبنا الفلسطيني يستعد للمشاركة في انتخابات المجلس التشريعى في شهر مايو القادم نشهد تصاعد أزمة جديدة في الحركة يحاول البعض استغلالها وتضخيمها وإظهار حدوث شرخ كبير في الحركة وذلك لتشتيت أبناء الحركة عن العمل والتجهيز للانتخابات القادمة؛ وهى في حقيقة الأمر لا تتعدى الخلافات الطبيعية التي شهدتها الحركة على مر تاريخها وتمكنت القيادة الفتحاوية من لملمتها وحلها بما يرضى كل الأطراف؛ وهذا ما يؤكد أن المختلفين لا يختلفوا على فتح بل على كيفية المحافظة على قوة وصلابة حركة فتح بوابة الوطن. وحينما تكون المستهدفة حركة فتح يجتمع أبنائها حولها ويتعالوا عن خلافاتهم من أجل نصرتها ورفعة شأنها.

ولكن قد تكون هذه الأزمة مؤشر لقيادة الحركة لمعالجة أزمة تدافع الأجيال والتي تظهر بين الفينة والأخرى على شكل تنافس شديد على المواقع التنظيمية؛ ونعي عدم  قدرة الحركة على استيعاب العدد الكبير من الكوادر والكفاءات في الحركة. ولكن أمامنا في حركة فتح فرصة اليوم لمنح الجميع فرصته في المشاركة السياسية وتمثيل الحركة في المواقع التنظيمية والسياسية المختلفة. وحتى لا نعيد خسارة حركتنا في الانتخابات التشريعية عام 2006 يتوجب علينا القيام بالخطوات التالية:

–    أولا: الاستعانة بالكوادر والقيادات القادرة على مخاطبة الجمهور، خاصة أن حركة فتح لديها ما تقوله خاصة في القضايا التي أخفق فيها الآخرين. ولدينا في حركة فتح آلاف الكوادر المثقفين ولديهم حضور اجتماعى وأكاديمى وثقافى ولديهم القدرة على اقناع الجمهور برؤيتهم.

–    ثانيا : منح الشباب الفرصة الحقيقية من المبادرة والمشاركة الفعالة واستثمار قدراتهم، فلا أحد يستطيع استنثاء مكانتهم في النهوض بالحركة ولدينا آلاف الشباب لديهم قدرات وامكانيات عالية وبحاجة لفرصة لاثبات ذاتهم وأخذ دورهم في الحركة.

–    ثالثا: اختيار قيادات ونخب نسوية مؤهلة وقادرة على تقديم فكر ورؤية الحركة في هذه المرحلة الحرجة والاستعانة بكل من لديها القدرة والامكانية لتصحيح ما يحاول البعض إثارته لاضعاف موقف الحركة. ولدينا نماذج نسوية كثيرة قادرة على إدارة الأزمات ومعالجتها بالطرق التي تكفل تقدم حركة فتح في الانتخابات القادمة .

–    رابعا : اختيار المرشحين للانتخابات التشريعية بدقة ووفق معاير كثيرة، وتقديم نماذج ناجحة من أبناء الحركة ووجوه جديدة لديها حضور ثقافى ومجتمعى وعلمى وخدماتى بين الجماهير الفلسطينية؛ وقد بعث قرار السيد الرئيس أبو مازن بمنع كل من يحمل صفة تنظيمية الترشح الأمل في صفوف جماهير حركة فتح العريضة؛ والتي لا تحمل غالبيتها مسميات تنظيمية؛ ولكنها تمثل أعلى نسبة كفاءات في مجتمعنا الفلسطيني على كافة الأصعدة وجميعهم يمثلوا نماذج مشرفة لحركة فتح وفلسطين في مواقع عملهم. ونؤكد على أن المرشحين هم واجهة الحركة وسر نجاحها واختيارهم الصحيح يمثل الخطوة الأولى في تحقيق فوز ساحق في الانتخابات التشريعية القادمة.  

نحن اليوم أمام مفترق سياسى خطير يعصف بحركتنا العظيمة ويجب الاستفادة من خطيئة عام 2006؛ ولنكن على قناعة راسخة نجاح حركة فتح في الانتخابات التشريعية القادمة هو نجاح لفلسطين.

*أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى