د. عبد الحي زلوم: ماذا يعني تعيين بولتون مستشاراً للامن القومي؟ انها الفوضى والحروب!
ماذا يعني تعيين بولتون مستشاراً للامن القومي؟ انها الفوضى والحروب! أكثر المحافظون الصهاينة الجدد الأشد تطرفاً يحكمون أمريكا اليوم ورئيس جوقتهم نتنياهو وبعضهم أكثر تطرفاً منه
بقلم : د. عبد الحي زلوم، رأي الْيَوْمَ ٢٤-٣-٢٠١٨م
المؤرخ كيندي في كتابه الشهير عن انهيار الامبراطوريات بيّن أن أهم عناصر السقوط هو توسعها بأكثر من امكانياتها المادية والعسكرية . هذا انطبق على الامبراطورية البريطانية والاتحاد السوفياتي وهو الان في دور التطبيق على الامبراطورية الامريكية . وفي محاضرة له بجامعة هارفارد ذهب ما اسموه مؤرخ القرن العشرين الى نفس النتيجة وقال إن الامبراطورية الامريكية ستسبب الفوضى والبربرية اثناء سقوطها .
ما اسموه بالقرن الامريكي الجديد اي الاحادية الامريكية والهيمنة الامريكية على العالم بدأوا بتطبيقه علانيةً ايام جورج دبليو بوش وكان جون بولتون أحد اقذر صقور المحافظين الجدد والمفبركين لقصة اسلحة الدمار الشامل في العراق . عندما عينه بوش سفيراً لبلاده في الامم المتحدة حتى بعد سنة من ذلك التعيين لم يوافق الكونغرس على تثبيته مقراً بان اسباب ذلك هو تطرفه في قضايا الشرق الاوسط بالاضافة الى كونه مقيتا في معاملته اثناء خدمته في وزارة الخارجية .. إن ملخص ما يقوم به ترامب هو مقايضة بقائه في البيت الابيض وتسليمه زمام الامور كلها الى صهاينة البيت الابيض الذين قاموا بإبعاد عقلاء ادارة ترامب القلائل مثل تلرسون وماك ماستر بحيث اصبح الكلب المسعور ماتيس يعتبر من الحمائم بالرغم من صقوريته .
دعنا الان نرى ما يمكن التنبؤ به من توصياته لرئيسه ترامب حول منطقتنا الساخنة:
بولتون وايران : صرح بولتون لــ(conservative Washington Free Beacon ) في شهر اغسطس الماضي:” سوف لن اكتم فكرتي على أن ضربة اسرائيلية ستكون ضرورية ضد منشأت ايران النووية لتعطيل برامج ايران النووي .”
بولتون و القضية الفلسطينية: من المعلوم أن بولتون كان المستشار الاول بعد نتنياهو بالنسبة لموضوع ما تمّ تسميته صفقة القرن ( الصهيوني ) حيث كان يتردد على البيت الابيض اثناء تحضير بنودها . وهنا استحضر ما كنت قد كتبته في بعض كتبي اقتباساً عن بولتون وتفكيره بالنسبة للقضية الفلسطينية والتي ستكون صفقة القرن الصهيوني تفصيلاً لها : كتب بولتون في جريدة الواشنطن بوست ( January 5, 2009; Page A11, The Washington Post)
“دعنا نعترف بأن بناء سلطة وطنية على أنقاض منظمة التحرير الفلسطينية قد فشل، وأن مشروع الدولتين لم ينطلق. لقد قتلت حماس ذلك المشروع – ولربما الأرض المقدسة لا تتسع إلى بعثين . لذلك علينا البحث عن مشروع الدول الثلاث بحيث تعاد غزة إلى مصر ، والضفة الغربية إلى الأردن بطريقة أو أخرى. وحيث أن مصر والأردن مرتبطتان بمعاهدتي سلام مع إسرائيل، فإن اعادة غزة والضفة لتلك الدولتين يضمن السلام بطريقة اوتوماتيكية . أما قضية وضع قوات أو مراقبين دوليين فلن يكون كافياً ، فما نحتاجه هو دول تملك أجهزة أمنية.
وهذا الاقتراح لن يكون محبباً من مصر والأردن واللتين أرادتا أن تنفضا يديهما من المسألة الفلسطينية . لذلك فيجب عدم تحميلهما هذه المسؤولية لوحدهما، بل مساندة جامعة الدول العربية والغرب بالطريقة التي تمت فيها مساندة النظامين المصري والأردني من الولايات المتحدة لسنوات عديدة. وعلى إسرائيل قبول الحكم الإداري للأردن ومصر إلا إذا أرادت إسرائيل نفسها أن تقوم بهذه المهمة ، وهو أمر لا تريده إسرائيل”
اصبح من غير الضروري أن نكرر مرة فأخرى بان امريكا هي اسرائيل الكبرى وأنه من الغباء محاولة عدم بقاء هذه الحقيقة راسخةً عند التفكير في اي قرار سياسي امريكي. فقد تم الانقلاب على المسيحية من البروتستنتية والتي تؤمن بوحدة العهدين القديم ( التوراة) والجديد ( الانجيل) وأن ما نتج عنها من ما اسمي بالحضارة اليهومسيحية هي التي انتجت الثورة الامريكية ودستورها . ومن المعلوم أن الصهاينة المسيحيين هم اشد كفراً ونفاقاً من الصهاينة اليهود ولا يتفوق عليهما سوى الصهاينة العرب هذه الايام .
خلال سنة واحدة فقط لم تُبقي ادارة ترامب بلد وازن الا وعادته ، فرضت الامبراطورية الامريكية قيوداً جديدة على التجارة الحرة على الصين مما دفع الصين لمعاملتها بالمثل. ثم زادت وجودها العسكري في بحر الصين . فرضت عقوبات جديدة على روسيا. اعادت تواجدها في العراق وانشأت قواعد عسكرية في سوريا . اختلفت جوهرياً في سياستها مع حلفائها الاوروبيين بموضوع الاتفاق النووي مع ايران ، بل اختلفت ادارة ترامب مع نفسها فخرج أكثر من 40% من فريقها خلال سنة واحدة وهو امر غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة . لم تستحِ هذه الادارة بان تقول جهاراً نهاراً ” بإن السعودية بلد غني جداً ونريد جزءاً من ثروته”. هذه امبراطورية فقدت توازنها واتزانها .
ماذا تتوقعون من اقوى امبراطورية في التاريخ على رأس ادارتها صاحب كازينوهات قمار كون ثروته مع المافيا كما كون اجداده ثروتهم من بيوت دعارة كما كتبت البروفيسور بلير في كتابها عن عائلة ترامب . ويدير مثل هذا الرئيس شخص كنتنياهو وهو سياسيٌ فاسدٌ يتم مسائلته اليوم على قضايا فساد ويديره في الولايات المتحدة صاحب كازينوهات اخرى اسمه ادلسون والذي دفع له عشرات ملاييين الدولارات اثناء حملته الانتخابية لنقل سفارة الكيان الصهيوني الى القدس .
إنه عالمٌ خطر ولكن انهزام مشاريع هذه الامبراطورية الصهيوامريكية هو امرٌ محسوم . ولكن كالديك المذبوح الذي ينشر اخر حركاته الدماء في كل مكان .