ترجمات عبرية

د. رويتل عميران / في الطريق الى الصحوة

معاريف – بقلم  د. رويتل عميران – 3/9/2018

نحيي هذه الايام 25 سنة على اتفاقات اوسلو. فحكومة اليمين التي تحكم في معظم الوقت منذ اغتيال المبادر والمتصدر لهذه الاتفاقات، اسحق رابين، فعلت كل شيء كي تبتها في الوعي العام كفشل ذريع لليسار. وهذه الايام تنجح في جني الثمار.

خطوات سياسية ذات مغزى بشكل عام تحظى بتحليل تاريخي معقد. ففي اليمين يدعون بتصميم بان العمليات الانتحارية الفظيعة التي جاءت بعد وقت قصير من التوقيع على الاتفاقات هي الدليل على فشلها. وشعار “مجرمو اوسلو الى المحاكمة” مخطوط جيدا في الخطاب الاسرائيلي. من ناحية عامة، من الصعب الجدال مع قرب مواعيد احداث الارهاب والاتفاقات. لا شك أن معظم الجمهور الاسرائيلي الذي آمن بالسلام، فقد في منتصف التسعينيات ثقته بالفلسطينيين وفشل ادخال المسيرة السياسية في جمود عميق معناه على مدى السنين الابقاء على الوضع الانتقالي: عدم التقدم الى حل دائم والى اقامة دولة فلسطينية، ولكن ايضا عدم التراجع عن الاتفاقات التي تحققت وانعدام الاستعداد للعودة الى احتلال مناطق أ و ب. وبخلاف الوسط الاسرائيلي الذي سار في التيار مع وضع التجميد، لم يتجمد اليمين الاسرائيلي على حاله. فقد تمكن من  استخدام فقدان الوسط الاسرائيلي لاهتمامه بالوضع السياسي وسعى في ظل عدم الاكتراث ومفهوم “اللاشريك” الى تحقيق اجندته المسيحانية، التي تتضمن الغاء الاتفاقات.

منذ بداية العمليات الانتحارية الاجرامية نجح اليمين لان يثبت في الحياة الاسرائيلية العامة شعار “مجرمو اوسلو الى المحاكمة”، وهكذا عمليا يؤطرهم بانهم النتيجة الحصرية للمصافحة بين رابين وبيرس وعرفات. والى ذلك حرص على ان يطوي في النسيان احداثا تاريخية هامة اخرى مسؤولة عن دفن اتفاقات اوسلو: اغتيال اسحق رابين على يد نشيط اليمين المتطرف يغئال عمير، المذبحة النكراء في الحرم الابراهيمي للمخرب اليهودي باروخ غولدشتاين، والتي رش فيها بالرصاص فقتل 29 مصل فلسطيني، الحجيج الاستفزازي لاريئيل شارون (في حينه رئيس المعارضة) الى الحرم والاضطرابات الدموية التي نشبت في اعقابه. وفوق كل ذلك صعود بنيامين نتنياهو الى الحكم؛ زعيم اصبح بقاؤه السياسي هو الاهم حتى بثمن الاستسلام الهاديء ولكن الثابت للنزوات الفاشية من اليمين المتطرف.

في اثناء الـ 25 سنة من الوضع الانتقالي، عمل اليمين المتطرف برعاية صمت الوسط الاسرائيلي ونظرية “اللاشريك” من اجل الغاء اتفاقات اوسلو.وبخلاف الوسط، لم يكن يحتاج حقا الى احداث الارهاب كي يحارب قيام دولة فلسطينية، التي تتعارض وايمانه ببلاد اسرائيل الكاملة. ولكنه بلا ريب عرف كيف يستغل جيدا المبرر الامني بشكل تهكمي كي يدفع الى الامام بفكره المسيحاني. ومن خلال صراع عنيد، سواء استيطاني ام قضائي، نجده رويدا رويدا يحقق انجازات على الارض ويثبت حقائق تجعل من الصعب قيام كيان فلسطيني مستقل وموحد في يهودا، السامرة وغزة. ان تطبيق انظمة السوق التي تسمح بشرعنة بؤرة استيطانية على ارض فلسطينية خاصة، هو بلا شك خطوة دراماتيكية في الاتجاه. ولهذا يجب ان تضاف محاولات التسوية مع حماس، في ظل قطع مشكلة غزة على المشكلة الفلسطينية وتجاهل ابو مازن.

لا توجد أي نية طيبة  هنا؛ يدور الحديث عن منظومة مزيتة جيدا، واعية ومحسوبة يعمل عليها اليمين المتطرف. في هذه المرحلة، تنسجم افعاله الجنونية غريبة الاطوار مع آلاعيب رئيس القوة العظمى الكبرى، دونالد ترامب. الوسط الاسرائيلي سيستيقظ من سباته فقط عندما تعطي آثار هذه الجنونات ثمارها الامنية والاقتصادية. نتائج الانهيار المرتقب للاونروا وقطاع غزة كلها هي بداية الطريق للصحوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى