د. رؤوبين باركو – غزة ويهودا والسامرة: هناك فلسطينيون متعرجون

اسرائيل اليوم – مقال – 18/12/2018
بقلم: د. رؤوبين باركو
ادارة الصراع امام الفلسطينيين بموازاة فضاء التهديد في شمال الدولة غير سهل. في الوقت الذي يقتلون فيه الواحد الآخر في غزة وفي مناطق يهودا والسامرة، تلتقي المنظمات القاتلة حول مطلب غير معقول وهو أن نوافق على اقامة “دولة فلسطينية” موحدة، التي هدفها تدمير اسرائيل.
رغم هذا الهدف المأمول، تعمل حماس على تصفية السلطة الفلسطينية في يهودا والسامرة بواسطة عدة عمليات واخلالات بالنظام ضدنا، عن طريق خلاياها المسلحة. هذا بهدف جر تدخل انتقامي اسرائيلي يسقط سلطة الرئيس ويولي حماس على المنطقة.
السلطة الفلسطينية من ناحيتها تتطلع الى تصفية امارة حماس في غزة، التي تحرمها من المطالبة بـ “الدولة الفلسطينية”: توحيد الصفوف، سلطة مركزية وسيطرة على السلاح. بناء على ذلك فان العقوبات على الرئيس تستهدف دفع حماس الى التصعيد ضد اسرائيل، الذي سيؤدي – مرة اخرى بواسطة الجيش الاسرائيلي – الى تصفيتها.
من خلال انفصالها العنيف تبدد حماس “رواية” الشعب الفلسطيني الموحد، وتحيي التاريخ الذي يقول إن الغزيين هم مجموعة انفصالية جذورها من مصر، وتتبنى اجندة اسلامية ارهابية. هكذا، في ظل حقد عالمي للاسلام الراديكالي (باستثناء قطر وتركيا وايران) تدرك هذه المنظمة القاتلة أنه بدون الاخطبوط القطري ومساعدة “العدو الصهيوني” فانها لن تنجح في البقاء. في هذه الاثناء تحلم المنظمة بمجيء الخلاص من حزب الله وايران، وتنقل ساحة الحرب الى يهودا والسامرة من اجل اقصاء السلطة الفلسطينية.
قادة فتح في الضفة الغربية يجدون صعوبة في فهم أنه بسبب تغييرات جيوسياسية في المنطقة فقد دفع اختراع “الشعب الفلسطيني” الى الهامش. إن السيف العربي الذي شحذ بواسطته ضد اليهود تحول في ضوء الانقسام السني (امام تركيا وقطر) والتهديد الايراني الى سهم فلسطيني مرتد ومزعج، يناقض المصالح العربية. السحر انقلب على الساحر.
“المشروع الجديد” الذي قدمه الفلسطينيون للعالم، على صورة قتل مدنيين، اختطاف طائرات، وهجمات على اهداف مدنية، يستخدم الآن كمثال للمحاكاة القاتلة من قبل جيوب الارهاب والمنظمات الاسلامية في العالم، الى درجة أن الغرب قد عافهم.
في فتح يدركون أن التعاون مع اسرائيل يبقيهم على قيد الحياة، وإلا سيتم القضاء عليهم على أيدي حماس وسيتم سلب ممتلكاتهم حسب سابقة غزة. بناء على ذلك يدير الفلسطينيون تجاهنا سياسة ملتوية، ويتنافسون في التحريض اللفظي مع حماس من اجل ابقاء محل للاهتمام في الشارع الذي يفقد الثقة بحكمهم الذي يعتبر نظاما فاسدا.
من تجربة الماضي يعرفون في السلطة الفلسطينية أنه من المحظور التورط معنا في “انتفاضات”. أحد قادة فتح، جمال محسن، ندد مؤخرا في “صوت فلسطين” اعدام المخربين من قبل الجيش الاسرائيلي، لكنه أكد على أن “الفلسطينيين سيواصلون نضالهم السياسي والقانوني في اطار القانون الدولي”. ايضا الناطق بلسان فتح، منير الجاغوب، ندد بـ “الاعدام”. وحتى الآن، تصفية المخربين وهدم منازلهم من قبل اسرائيل أفضل بالنسبة للسلطة الفلسطينية من تعامل حماس معهم.
منذ ولادة المشكلة كان الفلسطينيون من “يخلقون المشاكل”. لقد تآمروا ضد الاردن في ايلول الاسود في العام 1970، وقاموا بذبح مضيفينهم اللبنانيين، وغدروا بمشغليهم في الكويت عندما أيدوا غزو صدام حسين للكويت، وانضموا للمتمردين ضد الاسد في سوريا، وساعدوا داعش في سيناء ضد المصريين.
الآن يبدو أن الفلسطينيين – الذين يسيطرون على الاقتصاد في الاردن، معنيون باستقرار المملكة. منذ البداية كان الفلسطينيون أداة في أيدي الآخرين. يدهم في كل شيء ويد الجميع فيهم. الملايين التي حصلوا عليها قاموا بتحويلها الى اخطبوط ارهابي في خدمة الدول العربية.
في هذا الواقع من الصعب فهم لماذا تسعى “القائمة المشتركة” ومساعدوها (عدالة ونحطم الصمت وبتسيلم وغيرها) الذين يعمل جزء منهم بتمويل اوروبي لاسامي، الى استيراد هذا الدمار لاسرائيل. الفلسطينيون في غزة وفي يهودا والسامرة ليسوا “فخذين في نفس البنطال”، كما يقول المثل العربي، بل تزوير تاريخي. قبل اقامة اسرائيل بروحية تصريح بلفور، تم انشاء الاردن “العربي” على 70 في المئة من مساحة ارض الانتداب تقريبا. اغلبيته الساحقة فلسطينية – كأساس لحلم الفيدرالية الفلسطينية المستقبلية.
لو كان الفلسطينيون كيانا تاريخيا حقيقيا واحدا، ولو أنهم سلموا بوجودنا، لكانوا اكتفوا بالاردن العربي كوطن لهم، ولكان النزاع قد تم حله. اسرائيل يجب عليها أن تسعى الى تحقيق الحلم الذي بحسبه تعود غزة لمصر، والجيب الفلسطيني في يهودا والسامرة يعود للارتباط بالاردن كفيدرالية.