د. رؤوبين باركو : الجميع مذنبون باستثنائهم

اسرائيل اليوم – بقلم د. رؤوبين باركو – 6/6/2018
لا يوجد حصار على قطاع غزة. البضائع التي تحولت الى وسيلة مفسدة تدخل من اسرائيل الى غزة دون عائق. من يقوم بتخريب خطوط الامداد هم رجال حماس. هكذا تتحول مادة البوليثيلين الى دفيئات للطائرات الورقية المشتعلة، ويتحول الاسمنت والكهرباء الى انفاق وصواريخ. “المساكين” الذين يهربون القنابل والطائرات الصغيرة المتحكم بها عن بعد كانوا يستطيعون ادخال مضادات حيوية وادوية، لكنهم لم يرغبوا في ذلك.
وعندنا الرحيمون يتنافسون على اقتراحات التخفيف على سكان القطاع وكأن ذلك سيحدث تغيير في وصفة العنف التي تحرك حماس. في الوقت الذي فيه حتى الهدنة التي يتم الحديث عنها، ستستخدم كمسرع للقوة. كما هو معروف، من يرحم المتوحشين نهايته أن يقسو على الرحيمين.
التاريخ، حتى الاسلامي، يثبت أن سكان المدن المحاصرة استسلموا أو تمردوا على قياداتهم. في التوق الى “سلام ورضا”، نحن نعزز حماس، وفي الوقت الذي نرسل فيه لهم المساعدات والغذاء هم يقومون باحراق حقول القمح التي تعود لنا.
في الوقت الذي ما زالت فيه القدم الثانية للفلسطيني من حيفا جعفر فرح، الذي تماهى مع حماس، بقيت سليمة، اجتمع في الكنيست اللوبي لمنع عنف الشرطة. في عالم غير المعقول الذي وجد يتهم ممثلو المجتمع العنيف بأن الشرطة تقوم باهمالهم بشكل متعمد.
الحديث يدور عن مجتمع انتقامي، يقتل النساء على شرف العائلة، يلاحق الشاذين جنسيا، وأبناؤه يطلقون النار في الاعراس ويتصرفون بصورة متوحشة ويحرقون التراكتورات والحقول والاحراش ويتزوجون زيجات متعددة وينشئون شركات جريمة وخاوة. باختصار، مجتمع يتملص من المسؤولية ويلقي التهمة على الآخرين.
كل هذا ممكن في “دولة الشرطة” الخاصة بنا، والتي فيها يقتل سكان أم الفحم رجال شرطة في القدس على خلفية “دينية وقومية”، ومنتخبو الجمهور مثل ايمن عودة وحنين الزعبي يشتمون رجال الشرطة ويبصقون على رجال شرطة عرب الذين يسمون عملاء. فقط عندنا يمكن المناداة بالانفصال القومي الفلسطيني الى جانب رفض القومية اليهودية – وفي نفس الوقت مطالبة الحكومة بخدمات شرطية.
في ظل “مساواة الانسان الفلسطيني” يعمل اشخاص مثل جعفر فرح على انكار الانسان اليهودي في اسرائيل. فقط عندنا يمكن للمحرضين الممولين على أيدي اعدائنا الادعاء بأن الحكومة تطاردهم وتهملهم بشكل متعمد. مثيرون للشغب كهؤلاء – الذين يغلقون الطرق ويقذفون الطاولات والكراسي في مظاهرات غير مشروعة – لم يكونوا ليتجرأوا على التصرف بهذا الشكل في الولايات المتحدة حتى ولا ضد شرطي سير.
من ناحيتهم فقط عندنا، تستطيع مجموعة منبوذة من قبل الشعب الشعور بأنها نخبة متفوقة والعمل ضد الدولة ومنتخبيها “الجاهلين”، وتأييد “العودة” ودمار اسرائيل، والتشهير بجنودها والتعاون مع من يقاطعونها. وكل ذلك “من اجلنا”.
في دولة الشرطة يفهم اليسار “العالمي” ورجال “القائمة المشتركة”، أننا “قتلة اطفال”، نقوم بمنع الدواء عن الفلسطينيين ونفرض الحصار، لأن العرب يستحقون أكثر من ذلك، وأن كل الكوارث حدثت بسبب “الاحتلال”، وأنهم يستحقون دولة عاصمتها القدس. ماذا يوجد لليهود في القدس؟ ما هي التوراة؟ هي رواية منسية.
هؤلاء الذين ينادون بـ “الطريق من غزة تقود الى حيفا” والتمسك بـ “وحدة القلوب” والمطالبة باختراق “الحصار” والسماح بتهريب السلاح الفتاك ضدنا عن طريق المعابر البحرية والبرية – يجدر بهم التذكر أن الطريق من حيفا الى غزة ما زالت مفتوحة.