أقلام وأراء

د. دلال عريقات تكتب – فلنبدأ بالقانون الدبلوماسي

د. دلال عريقات – 30/8/2020

تتلقى فلسطين ضربات دبلوماسية متتالية وهجمات سياسية واجتماعية واحدة تلو الاخرى وعند الوقوف على ما آل اليه الوضع الفلسطيني، يجمع كل من يناقش الشأن الفلسطيني أنه يجب على الفلسطينيين التوقف عن التعويل على الآخرين.

لا يختلف اثنان على ان تغيير الحال الفلسطيني يبدأ من الداخل، وكل الندوات والمؤتمرات وجلسات العصف الذهني تؤكد وتتفق أن المصلحة الفلسطينية تعني البدء بإصلاح البيت الداخلي، إنهاء الانقسام، تحقيق الوحدة، تفعيل عجلة الديمقراطية بإجراء الانتخابات واصلاح الادارة العامة وايقاف اشكال اساءة التعامل مع المال العام، دمج الشباب لضمان وضخ فكر جديد في النظام العام والسياسي الفلسطيني.

حتى لا يكون حديثنا عن الاصلاح الداخلي نظرياً، سنركز على ضرورة الانطلاق من الالتزام بتطبيق القانون. القوانين الفلسطينية لا بأس بها من الجانب النظري الا أنها تفتقر لعنصر التطبيق والالزام والمساواة وهذا بحد ذاته سبب عدم التزام المواطن وعدم شعور المواطن بالمساواة وبأخذ القانون مجراه مع كل الأفراد بغض النظر عن الهوية الوظيفية او الاجتماعية فالقاعدة الاساسية ان الجميع متساوٍ أمام القانون ولا أحد فوق القانون.

لنتناول ما يمكن فعله عملياً وما لا يحتاج لتدخلات خارجية ولا علاقة للاحتلال به، فنحن نشهد اليوم ترويجاً لما يطلق عليه “النظرة للمستقبل” بعيداً عن تاريخ الصراع. تتبنى الدول استراتيجيات لخدمة مصالحها ولو أتت على شكل تحالفات علنية مع اسرائيل دون الالتفات لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بينما تنشغل دول العالم بتطبيق دبلوماسية براغماتية بحتة تتمحور حول مصالحها، ما زالت القيادة الفلسطينية متمسكة بالدبلوماسية بالشرعية والقانون الدولي! وعليه لمَ لا يتم احترام وتطبيق قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني المعدل لعام ٢٠٠٥؟

وأخص بالذكر الفصل الخامس الذي يحدد مدة العمل الدبلوماسي في الخارج حيث تناولت المادة (١٧) بأن يكون الحد الأقصى للعمل الدبلوماسي في دولة واحدة أربع سنوات، ويجوز بقرار من الوزير بناءً على مقتضياتالمصلحة العامة تمديد مدة عمل موظف السلك لسنة واحدة فقط في الدولة ذاتها، اي نتحدث عن ٥ سنوات كحد أقصى! والمادة (١٨) من القانون تناولت المدة القصوى للعمل المتواصل لموظف السلك في الخارج اي التمثيل الدبلوماسي لدولتين مختلفتين متتاليتين، لان الحد الأقصى للدولة الواحدة ٥ سنوات، إذاً يجب ألا تزيد مدة العمل الدبلوماسي المتواصل خارج البلاد عن عشر سنوات!

المادة القانونية واضحة جداً، ومن حيث التطبيق نشهد في غالبية الحالات عكس المادة القانونية تماماً، ونشهد تجاوزات واستثناءات كثيرة للمادة (٢٢) التي تناولت احالة موظف السلك للتقاعد عند بلوغه سن الستين، ويجوز تمديد خدمة السفراء استثنائياً سنة واحدة قابلة للتجديد بموافقة الرئيس بناءً على تنسيب من الوزير وبحد أقصى خمس سنوات.

اصلاح المنظومة الدبلوماسية من خلال تطبيق القانون الدبلوماسي من شأنه ان يصلح الاداء الدبلوماسي والذي ينعكس اوتوماتيكياً على العلاقات الخارجية والاداء السياسي مما ينعكس على ثقة الشعب بالنظام السياسي بشكل عام ويحقق الرضى لدى الموظف في السلك الدبلوماسي حين يرى ان القانون ينطبق على الجميع وان البعثات الدبلوماسية والتمثيل ليس حكراً على أحد وان عملية تدوير الوظائف والاحالة للتقاعد والتعيينات المختلفة كلها أمور ترتكز على القانون الدبلوماسي بعدل ومساواة مما يعزز الاداء الدبلوماسي ويعزز وضع فلسطين الدولي.

اتمنى ان يوصل هذا المقال الرسالة لوزير الخارجية بصفته المخول بهذا الملف ولرئيس الوزراء بصفته رئيس مجلس الوزراء المخول بصياغة القوانين مع غياب المجلس التشريعي!

يكفينا تشخيصاً للمشهد، حان وقت العمل حان وقت التطبيق على المستوى الداخلي انطلاقاً من احترامنا للقانون، وتركيزي اليوم على القانون الدبلوماسي لا يعني استثناء القوانين الاخرى من المرور الى التشريع.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى