أقلام وأراء

د. دلال صائب عريقات تكتب – مقترح للرئيس حول المؤتمر الدولي للسلام…

بقلم  د. دلال صائب عريقات *- 28/3/2021

دعا الرئيس عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام، ونادت القيادة الفلسطينية من منابر مختلفة أنها تتطلّع إلى استئناف عملية سلام حقيقية تحت مظلة متعددة الأطراف، ومن خلال مؤتمر دولي قائم على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية التزاماً بحل الدولتين.

لا يخفى على أحد أن هذه الدعوة مكررة ولم تأتِ بأي جديد، هذا الكلام كله « Déjà Vu »، اي أننا شهدناه من قبل. نحن اليوم بأمسّ الحاجة لفكرة ولرواية جديدة، نحن بحاجة لطرح مقترح أجندة لهذا المؤتمر الذي نطالب به. حتى تلقى دعوة الرئيس جذباً أو قبولاً دولياً، سأقترح اليوم فكرة مُبتكرة بخصوص تعديل الرواية الخاصة بحل الدولتين للمؤتمر الدولي للسلام.

المحللون والمنتقدون السياسيون في بلادنا كُثر، ليس الهدف النقد اليوم بقدر ما هو بناء بهدف تقديم مقترح لأجندة الموتمر الدولي للسلام.

بداية واجب التوضيح أنه من غير المقبول أن نكرر ذات المطالب والدعاوى على مدار ثلاثة عقود، كان لنا أن ندرك أننا مجبورون لتقديم شيء جديد وهنا بِما أن الأطراف جميعها ابتداءً من الفلسطينيين وانتهاءً بالمجتمع الدولي تنادي بسلام على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ويطمح الفلسطينيون بالدولة المستقلة ذات السيادة والمتواصلة جغرافيا وعاصمتها القدس. وللأسف عملياً ما زالت هذه النداءات نظرية تنعكس في الخطابات والمؤتمرات الرسمية التي تكرس الحقوق في المنظومة الدولية، حتى لا أقلل من شأن العمل الدبلوماسي، إلا أننا على أرض الواقع لا نرى إنعكاساً حقيقياً لهذه الشعارات والمطالب والحقوق المحفوظة في القانون الدولي.

علينا الوقوف عند حقيقة أن دول العالم التي تنادي بحل الدولتين على حدود 1967 ما زالت تماطل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، المجتمع الدولي يقدم المساعدات المادية التي من شأنها ضمان استمرار الوضع الراهن دون أي حلول نهائية. فإدارة الصراع سيناريو يروق لإسرائيل وحلفائها. انطلاقاً من هذه المماطلة الدولية والتردد والتعنت في الاعتراف بالدولة الفلسطينية باستخدام حجة أنها يجب أن تكون نتاجاً متفقاً عليه من قبل الطرفين من خلال المفاوضات.

المقترح الذي أقدمه اليوم للرئيس وهو في مستهل نداءاته لعقد مؤتمر دولي للسلام هو أن يضع أجندة فيها طرح جديد، لغة جديدة تعتمد على قلب الأدوار، بدلاً من مطالبة العالم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، أقترح أن يكون المطلب للمجتمع الدولي هو الانطلاق من تحديد حدود دولة اسرائيل التي اعترفت بها معظم دول العالم وأقامت معها علاقات ثنائية وغيرها منذ سبعة عقود.

هذا المُقترح لا يقع تحت اتهام عمل أحادي الجانب.

هذا المُقترح لا يقلل من شأن وأمن اسرائيل.

هذا المُقترح من شأنه وضع بعض النقاط على الحروف.

في حال تمنعت دول العالم عن هذا المقترح والمطلب البديهي، واستمرت في المماطلة وتقديم نفس الحجج، حينها، مطلوب من الجميع إعادة النظر بحل الدولتين الذي هو موقف المجتمع الدولي وليس الموقف الفلسطيني من الأساس!

استمرار التعويل على المجتمع الدولي والعربي سياسياً ومالياً وتكرار الحديث عن تعزيز العمل المشترك وتطويره على المستوى الأمني وفق العلاقات الثنائية والمتعددة وتكرار مطالبة الدول بمحاسبة اسرائيل يعني الدوران في حلقات مفرغة. وتكرار المطالبة بمؤتمرات دولية والحديث عن السلام والمفاوضات لن يكون مجدياً باستخدام نفس الأدوات والروايات السابقة، استناداً للتجربة واستنباطاً لمستقبل أفضل، أتمنى دراسة المقترح بجدية، وأتمنى بشكل عام فتح المساحة للأكاديميين والمحللين والمفكرين لتقديم فكر جديد بخصوص القضية الفلسطينية، مطلوب من الفلسطينيين استخدام اللغة المناسبة التي ستلقى اهتماماً في عقول العالم بدلاً من تكرار نفس الروايات ونفس الأدوات التي أثبتت عدم نجاعتها بل كرست سياسة المماطلة الميكاڤيلية وقبول الوضع الراهن وتراجع الحقوق الفلسطينية.

* دلال عريقات: استاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى