ترجمات عبرية

د. حاييم مسغاف – غير مخلصين للاصل

معاريف – مقال – 23/12/2018

بقلم: د. حاييم مسغاف

لم يقدر مؤسسو هذه الحركة، التي لا تزال تسمى “ميرتس” بان تتدحرج الى ما هي عليه اليوم. فقيمة “الصهيونية” شطبت من برنامجها السياسي ومن رؤياها. كفت عن ان تكون حزبا صهيونيا. عن وعي، قرر قادتها بانهم اذا كانوا يريدون ضم العرب الى الحركة، فان عليهم ان يكفوا عن تأييد جدول الاعمال الصهيوني.

لا زلت أذكر كيف ولد هذا الحزب. كانت فيه ثلاثة مركبات: مبام، حزب العمال الموحد، الذي في بداية طريقه، قبل سنوات طويلة، وقف على رأسه ضمن آخرين يعقوب حزان ومئير يعاري، اناس رائعون رأوا في الاستيطان اليهودي قيمة عليا. شولاميت الوني كانت الضلع الثاني في المثلث والضلع الثالث شكله البروفيسور أمنون روبنشتاين. في وقت لاحق انضم يوسي بيلين. كلهم خطوا على علمهم قيما هامة في مجال حقوق الانسان ولم يتنكروا ابدا للقيمة الاسمى: كون اسرائيل دولة اقيمت على اسس صهيونية.

لم أسمع مؤخرا موقفا من بيلين او روبنشتاين عما حصل لمنتوجهما، ولكني استمعت الى مقابلة مع رئيس فرع ميرتس في كفار سابا، طبيب أسنان عربي، الذي على حد قوله انه ما كان لينضم الى حزب صهيوني. فقد قال: “أنا مواطن في دولة اسرائيل. ولكن الفكرة الصهيونية غريبة علي. انا اريد أن تقوم دولة فلسطينية، بلا يهود، في المناطق التي احتلت في 1967. دولة تعددية، غير يهودية في تعريفها، بدلا من دولة اسرائيل”. حنين الزعبي ما كانت لتصيغ هذا على نحو افضل.

لم اتفاجأ، بالطبع، من مواقف المتحدث من كفار سابا – مدينة ستكون، بالمناسبة، من اوائل المدن التي ستعاني اذا ما مرت الحدود على طول احيائها الشرقية – وذلك لاني اعرف بان هذا هو موقف كل العرب الذين تلقوا مواطنة اسرائيلية في الدولة اليهودية. بصعوبة، في نظري، يمكن أن اتفهمهم، وان كنت سأسأل من اجريت معه المقابلة سؤالا قصيرا استفزازيا: اذا كان الحال سيئا لكم بهذا القدر، فلماذا لا توافقون على تبادل سكاني.

الى جانب ذلك كنت سأسأل قادة ميرتس ما لكم بكنيست اسرائيل؟ هذا هو المجلس التشريعي للدولة اليهودية. وثيقة الاستقلال تتحدث عن اقامة دولة يهودية وقيمها الصهيونية هي أساسها المركزي. خمس مرات تظهر هذه الكلمة في الوثيقة التأسيسية لدولة اسرائيل. وعليه، فقد أقر في القانون الاساس للكنيست بان من يرفض وجود دولة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية لن يسمح له بان يتنافس في الانتخابات وهذا بالضبط ما تروج له ميرتس.

من الصعب أن نرى، بالطبع، المحكمة العليا ترفض ميرتس. ومع ذلك أفترض بانه توجد في الحزب محافل في خفاء قلبها تأمل منذ الان بانه ذات يوم سيتفكك النسيج الصهيوني والدولة اليهودية ستنهار من الداخل. وذلك بالمناسبة، هذا هو أمل العرب على جانبي الخط الاخضر. هذا الامل زرعه فيهم، في حينه، نصرالله، بعد الانسحاب من جنوب لبنان. فقد وصف المجتمع الاسرائيلي كخيوط بيت العنكبوت الذي يمكن ان يتفكك في كل لحظة تحت ضغط العمليات.

مهما يكن من أمر، ستبقى حركة ميرتس حزبا صغيرا وغير ذي صلة حتى اذا انضمت اليه عرب آخرون، وذلك لان غير قليل من اليهود سينفرون من هذه الصيغة الجديدة. ولكن ما يزعجني مع ذلك هو الربط المحتمل بين ميرتس وبين حزب العمل. لقد سبق لهذا ان حصل في حيفا، حيث ارتبط العمل بحداش الذي ليس بينه وبين ميرتس في هذه الايام اي فرق ايديولوجي. وهذا يحصل في واقع الامر هذه الايام في الكنيست، حين يرتبط قادته باولئك الذين يسعون الى الغاء قانون القومية الذي جاء لاعطاء تعبير للقيم الصهيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى