د. إيال زيسر – الأمير السعودي خيب أمل الغرب
بقلم: د. إيال زيسر، اسرائيل اليوم ١٥-١٠-٢٠١٨
قبل بضعة اسابيع فقط، كان يخيل أن علاقات تركيا والولايات المتحدة توشك على الانهيار في اعقاب العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب ردا على اعتقال القس الامريكي. وفي المقابل، كان يخيل أن السعودية تصبح دولة المحور الذي تقيم ادارة ترامب على اساسه سياستها الاقليمية. ولكن في الشرق الاوسط حتى بضعة الاسابيع هي الأبد. ففي الايام الاخيرة يتبين أن تركيا تعود الى حضن الولايات المتحدة بينما تصعد السعودية الى مسار الصدام مع الرئيس ترامب. والسبب: السعوديون قتلوا في مبنى قنصليتهم في اسطنبول جمال خاشقجي، الصحافي المعروف بانتقاده للأسرة المالكة السعودية واخفائهم جثته. أما الآن فتطالب الأسرة الدولية، وعلى رأسها امريكا، بالشروحات.
صحيح أن الرئيس اردوغان قادر على يتهجم على نظرائه وأن يخلق التوتر، ولكن هو ايضا لديه خطوط حمراء. هكذا حررت تركيا في نهاية الاسبوع القس الامريكي، موضوع الخلاف مع الولايات المتحدة، ويبدو أن خصامها الموسمي مع اسرائيل هو الآخر يوشك على الانتهاء ايضا.
من فاجأ الكثيرين في الغرب كان بالذات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي تورط حتى الرقبة في قتل الصحافي في تركيا. فقد حطمت القضية دفعة واحدة صورة الزعيم التقدمي والمتنور التي طورها لنفسه، وطرحت علامات استفهام ثقيلة حول تفكر ومدى تطور هذا الشخص الذي يتصدر السعودية اليوم.
منذ حزيران 2017، حين عينه أبوه الملك وليا للعهد، أصبح إبن سلمان الأمل الاكبر للسعودية، وحدده الغرب كمن يقود المملكة من العصور الوسطى الى القرن الواحد والعشرين. كانت البداية واعدة. فقد عرض إبن سلمان رؤيا وخطة عمل لتحويل المملكة الى مملكة حديثة، انتهج سلسلة طويلة من الاصلاحات، بل وأزاح قيودا عديدة فرضت على النساء السعوديات. اضافة الى ذلك، وقف كزعيم حازم في مواجهة ايران وأبدى اعتدالا مفاجئا بالنسبة لاسرائيل.
ولكن النضج والتجربة لا يكتسبان إلا بالآلام، وغير مرة تبين ولي العهد كعجول وعديم التفكر. فقد خرج في صراع ضد التواجد الايراني في اليمن؛ هدف مبرر ظاهرا، ولكن من اجله غرقت السعودية في حرب أليمة وباهظة الثمن لا يرى أحد نهايتها. ومذكور للجميع ايضا “اختطاف” رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، الذي حرر في النهاية وأعيد الى بيروت.
والآن ظهرت قضية تصفية الصحافي السعودي في اسطنبول. ظاهرا، عملية هي أمر عادي في دول عديدة في المنطقة، بل وخارجها، يختفي فيها أو يموت في ظروف غريبة صحافيون وباقي منتقدي النظام. وعلى الارض الاوروبية ايضا كانت تصفية المعارضين غير شاذة، مثلما أثبتت محاولات الايرانيين المس بمعارضيهم في فرنسا أو تصفية فارين روس على الاراضي البريطانية.
ومع ذلك، هذا لعب بالنار؛ من يدعي الانتماء الى العالم المتنور، يجب أن يأخذ على نفسه جزء من قواعد اللعب ومن عالم القيم الغربية. والأهم من ذلك، عليه أن يبدي حذرا زائدا بل وتطورا في السلوك. مثل هذا الامر لم يحصل في القنصلية في اسطنبول، والآن نجد أن السعوديين مطالبين بأن يدفعوا كامل الثمن لقاء جرائمهم.
في نهاية المطاف، معقول أن يوجد الحل الوسط الذي يسمح بازالة هذه القضية عن جدول الاعمال. سيعترف السعوديون بتصفية الصحافي، ولكن سيدعون بأنه هذه مبادرة من المستويات الصغرى، التي سيلتزمون بمعاقبتها بكامل شدة القانون. ومع ذلك، فان حلفاء السعودية ومحبي خيرها، بمن فيهم واشنطن والقدس، ممن توقعوا من محمد بن سلمان اكثر من ذلك، خاب أملهم هذا الاسبوع.