د. إبراهيم أبراش: ما الذي يمكن استلهامه من تجربة الثورة الجزائرية؟

د. إبراهيم أبراش 7-5-2025: ما الذي يمكن استلهامه من تجربة الثورة الجزائرية؟
بالإضافة الى الاختلاف ما بين الاستعمار الفرنسي للجزائر وهو استعمار كلاسيكي يقوم على فكرة إرسال جيش ليحتل أرض دولة أخرى طمعاً بخيراتها واستعباداً لسكانها ، والاستعمار الاستيطاني الإجلائي اليهودي الصهيوني لفلسطين حيث يقوم على فكرة نفي وجود شعب فلسطيني والزعم أن اليهود أصحاب الأرض وهم لا يحتلون أرض الغير بل يعودون لوطنهم الأصلي ، وهي مزاعم يتبناها جماعات دينية مسيحية ودول استعمارية، بالرغم من هذا الاختلاف الجوهري إلا أن هناك ما يمكن استلهامه من تجربة الثورة الجزائرية.
احتلت فرنسا الجزائر عام ١٨٣٢ واستمر الإحتلال لمدة ١٣٢ سنة،وفي عام ١٩٥٤ تأسست جبهة تحرير الجزائر ممثِلة لغالبية الشعب الجزائري ،وانطلقت أعظم ثورة تحرر وطني في القرن العشرين وقبل عقد من انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة.
مع أن الشعب الجزائري فقد حوالي مليون شهيد وكان الجزائريون مبدعين في نضالهم ،ولكن يضاف لذلك عوامل جيواستراتيجية ودولية ساعدت في التوصل إلى الاستقلال بعد ٧ سنوات من الثورة ومنها :
١- كانت جبهة التحرير وطنية خالصة ولا تتبع أي أجندة أو محاور خارجية.
٢-مع أن جيش الاحتلال دفع بما يزيد عن ٤٠٠٠٠٠ جندي إلا أن مساحة الجزائر التي تزيد على مليوني كلم٢ (٢٣٨١٧٤١) وهي أكبر دولة في حوض المتوسط وما تتمتع به من جبال وغابات وعدد سكانها البالغ آنذاك أكثر من ١٠ مليون نسمة،كانت عوامل مساعدة للثورة.
٣- كان للجزائر حدود منفتحة على ٦ دول (دول الطوق) منها ٤ عربية وكلها تقريبا كانت قواعد دعم واسناد للثورة.
٤-حظيت الثورة بدعم ومباركة العالم العربي والمعسكر الاشتراكي ودول عدم الانحياز وكل دول وشعوب العالم، وكانت الدولة الفرنسية وحيدة في موقفها الاستعماري.
٥- انطلقت الثورة في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن سياسة تصفية الاستعمار ودعت دول العالم لمساعدة ودعم حركات التحرر الوطني. جرت مفاوضات في شهر مارس ١٩٦٢ بين وفد الحكومة الفرنسية ووفد من الحكومة الجزائرية المؤقتة أدت لتوقيع اتفاقيات إيفيان التي نصت على وقف اطلاق النار ووضع حد للحرب.
٦- وجدت الثورة في سنواتها الأخيره تأيبداً حتى في فرنسا نفسها ،حيث جرت فيها مظاهرات عارمة تطالب باستقلال الجزائر، وجرى فيها استفتاء في ٣ يوليو ١٩٦٢ حول الموضوع وصوت الشعب الفرنسي بنسبة تفوق ٩٩% على منح الجزائر الاستقلال وأعلن الرئيس الفرنسي شارل ديغول بنفسه في يوم الاستفتاء عن استقلال الجزائر .
٧- في الخامس من نفس الشهر أعلنت جبهة التحرير عن الاستقلال وتم اعتماد هذا التاريخ رسمياً.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook