د. إبراهيم أبراش: تحديات أمام عودة السلطة لقطاع غزة

د. إبراهيم أبراش 15-1-2025: تحديات أمام عودة السلطة لقطاع غزة
إن كان، ولاعتبارات ميدانية ،قبول مشاركة حركة حماس في مفاوضات وقف إطلاق النار لأنها طرف في الحرب، إلا أنه ليس من حقها أن تكون طرفاً في أي مفاوضات حول مستقبل قطاع غزة بعد ما ألحقته من ضرر بكل القضية الوطنية، فمستقبل القطاع من اختصاص أهالي غزة الذين يرفضون في غالبيتهم استمرار سلطة حماس أيضا منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
مع أن غالبية الشعب الفلسطيني وخصوصاً أهالي قطاع غزة وغالبية دول العالم مع عودة السلطة الفلسطينية لغزة، إلا أنه كما يبدو لا تعمل الظروف لصالح هذا الهدف في الوقت الراهن لثلاثة أسباب أو معيقات مؤقتة :
الأول: يتعلق بالتحديات التي تواجهها السلطة في الضفة من طرف الحكومة الصهيونية المتطرفة من عربدة المستوطنين وتوسيع الاستيطان والحصار المالي، أيضاً بسبب أحداث المخيمات وخصوصاً مخيم جنين حيث تؤثر الأحداث على قدراتها الأمنية وتُظهرها كسلطة ضعيفة، وهناك علاقة بين ما يجري في قطاع غزة وأحداث مخيمات الضفة.
السبب الثاني: لأن الأطراف المُتحكمة في حياة الناس في القطاع ،إسرائيل وحركة حماس، كذلك الوسطاء والدول الفاعلة في صفقة إطلاق النار ومستقبل غزة: واشنطن، قطر، مصر، تركيا، الإمارات، كلها تقريباً غير متحمسة لعودة السلطة ويفضلون استمرار سلطة حماس بعد أن تم إضعافها وتدجينها، أو تشكيل جسم بديل للطرفين مثل لجنة الإسناد المجتمعي مدعومة بتواجد دولي وعربي ، ومشروع دولة غزة غير بعيد عن تفكير هذه الأطراف .
السبب الثالث: إن الصفقة التي يتحدثون عنها وفي حالة بدء التنفيذ تحتاج لأشهر حتى تسترد إسرائيل كل مخطوفيها الأحياء والأموات وتفرض ما تريد من ترتيبات أمنية وخلال هذه الفترة يكون وجود حماس أفضل لإسرائيل حتى تحافظ على الانقسام وتُعطل إعادة الإعمار. وللأسف كل هذه الأطراف لا تُعير اهتماماً كبيراً لمستقبل القضية الفلسطينية ولا حتى لاحتمالات حدوث فوضى وحالة عدم استقرار في القطاع ولا بإعادة إعماره في حالة استمرار حماس في السلطة.
ما سيساعد على عودة السلطة لغزة هو معرفة حركة حماس أن الشعب في غزة يرفضها ولن يسكت على ما تسببت به ،بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من موت ودمار، أيضاً في حالة تحرك التحالف الدولي لدعم حل الدولتين بقيادة العربية السعودية ودول فاعلة في أوروبا وخصوصاً التي تعترف بالدولة الفلسطينية،هذان العاملان قد يؤديان لإفشال المخطط وإعادة السلطة لغزة، ولكن بعد أن تنجز إسرائيل كل أهدافها في القطاع وخصوصاً استعادة كل مخطوفيها واستكمال ما تريد من ترتيبات أمنية، وقد تدعم واشنطن هذه الجهود في سياق صفقة ترامب للتسوية في المنطقة ،وقد يكون هناك ثمن تدفعه السلطة سواء في الضفة الفلسطينية أو فيما يتعلق بإعادة هيكلة السلطة ،وثمن يتم دفعه لإسرائيل كالتطبيع السعودي معها.
إلى الآن موقف منظمة التحرير الفلسطينية وطني وثابت، ونأمل أن تكون التصريحات المنسوبة للقيادي الحمساوي الحية يوم الثلاثاء من قطر بأن حماس مستعدة للتخلي عن السلطة في القطاع صحيحة ،وإن كنت أشك في ذلك، لأن القرار النهائي في هذه الصفقة لمحمد السنوار وليس لحماس الخارج،وبشكل عام فلن يكون للحركة اي فرصة للاستمرار في السلطة وفي المشهد السياسي كجماعة مسلحة بعد استكمال تنفيذ الصفقة .