أقلام وأراء

د. أماني القرم تكتب – هل سياسة نتنياهو الخارجية ستعزز حظوظه في الانتخابات القادمة ؟؟

د. أماني القرم – 13/2/2020

قال هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق : “في اسرائيل لاتوجد سياسة خارجية … فقط سياسة داخلية” .  كان ذلك في منتصف سبعينيات القرن الماضي إبان ما عرف “بدبلوماسية المكوك”  لجهود وقف إطلاق النار بين مصر واسرائيل التي تلت حرب 1973 والتي قادها كيسنجر نفسه، وكان الموقف الاسرائيلي وقتها مخيبا لآمال كيسنجر إذ جاء متضارباً خاضعا للخلافات الداخلية  وللتنافس الانتخابي بين السياسيين وتحديدا جولدا مائير واسحق رابين . ما قصده كيسنجر أن السياسي الاسرائيلي يفكر وعينه على الفوز في الانتخابات !

تخوض اسرائيل في أوائل مارس القادم جولة الانتخابات البرلمانية الثالثة خلال عام واحد . إذ أدى فشل كل  من الحزبين الكبيرين المتنافسين ( الليكود وأزرق_ أبيض) في تشكيل ائتلاف والحصول على الاغلبية المطلوبة ( 61 مقعدا من أصل 120 من الكنيست) إلى هذه الحالة من عدم الاستقرار السياسي . ومما لا شك فيه أن ثلاث جولات انتخابية في عام واحد أمر مكلف ومرهق للناخب وللمرشح على السواء. ولكن هذه مشكلة النظام السياسي الاسرائيلي منذ نشأة هذا الكيان، يمنح أحزاباً صغيرة القدرة على الضغط وتفكيك الائتلافات.

سيتنافس في هذه الجولة ثلاثون  قائمة انتخابية، وهو ليس بالعدد الكبير قياسا لعدد القوائم المرشحة في كل انتخابات تجريها اسرائيل. حيث من المتوقع أن تجتاز ثمانية منها فقط نسبة الحسم. ولعل المفارقة الأبرز والتي توضح مدى التحول في المجتمع الاسرائيلي هو السماح لزوجة قاتل اسحاق رابين بتأسيس حزب تخوض به الانتخابات، وليتأكد أن الجو العام الذي بات يطغى على ذلك المجتمع هو اليمينية العنصرية المطلقة .

و يعود الفضل بالطبع الى نتنياهو وحكوماته المتتالية حصراً والتي تعد الأكثر تطرفاً على الاطلاق، إذ كان لتصعيد اللهجة القومية والدينية داخلياً مع تحقيق الاحلام الصهيونية خارجيا الدور الأكبر في تحويل طابع المجتمع الاسرائيلي الى يميني متشدد .

ارتكزت سياسة نتنياهو الخارجية طوال 11 عاما على تعزيز الأمن . وعلى الرغم من انها سياسة اسرائيل في جميع المواسم، إلا ان  لنتنياهو الحظ الاكبر في القدرة على استثمار هذه السياسة ونيل انتصاراته عبرها. فتضخيم الخطر الايراني كان نافذه الاختراق الاسرائيلي للدول العربية، ناهيك عن إشاعة حجة التحديات الامنية التي تواجه دول المنطقة كأولوية مطلقة للتسويات السياسية والصيغ الاقليمية المشتركة التي لا تحتمل إلا وجود اسرائيل ، فضلاً عن التنمية الاقتصادية كمدخل لحل الأزمات وتصدّر الأجندات الدولية. حتى ما يسمى البحث عن السلام جاء على شكل هدايا من البيت الابيض الواحدة تلو الأخرى، وفي النهاية خرجت بصورة خطة باهتة كان واضحاً أنها صممت ليس للمفاوضات وإنما لتعزيز حظوظ نتنياهو في الانتخابات . وبهذا استطاع نتنياهو أن يحسم التنافس بينه وبين المرشحين الاخرين في أمر واحد هو: شخصه ليس إلا..! في كل سياسة خارجية يقوم بها نتنياهو كانت عينه على الانتخابات ، وإن فاز.. فكل زعيم أو مسئول قبل مصافحته وناقش سياسته له دور في فوزه .

لا يهم إن كانت سياسات داخلية أم خارجية فكلها في النهاية سياسة. !!

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى