أقلام وأراء

د. أماني القرم تكتب – آخر تقاليع الاحتلال : الصلاة الصامتة في باحات المسجد الأقصى ‏

بقلم   د. أماني القرم *- 10/10/2021

لا يوجد مكان ديني مقدّس في العالم يتعرض لاعتداءات ممنهجة متنوعة الأشكال والأساليب مثل المسجد ‏الاقصى . لم تترك اسرائيل شيئاً إلا وقامت بتجريبه ضد الحرم القدسي الشريف بهدف تغيير هويته ورمزيته ‏الدينية والسياسية من محاولات حرقه وحفر الأنفاق تحته واقتحاماته وتدنيسه وقتل المصلين فيه ومنع روّاده ‏من الوصول اليه. وآخر تقاليع الاحتلال لفرض الأمر الواقع إصدار قرار من قبل ما يسمى بالمحكمة ‏الجزائية الاسرائيلية يسمح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الاقصى ما دامت صامتة ! ولا أفهم معنى ‏صامتة فلا أعرف فرداً يصلي بالميكروفون ! ‏

القرار ليس جديداً.. فقد سبق أن صدر عدة مرات في سنوات قديمة مع اختلاف مسمّيات الأجهزة القضائية ‏الاحتلالية . في العام 2000 تم الاعلان من قبل المحكمة العليا في اسرائيل بأن المستوى السياسي هو ‏المسئول عن القضايا الخاصة بالمسجد الأقصى. الجديد هذه المرّة أن المستوى السياسي ممثّلاً برئيس ‏الحكومة الاسرائيلية كان دافعاً للقرار. ففي تموز الماضي صرّح نفتالي بينيت متعمّداً أن حرّية العبادة ‏مكفولة بالكامل لليهود كما للمسلمين! وعلى الرغم من محاولة بعض موظفي مكتبه تعديل التصريح بأنه لم ‏يقصد حرية العبادة وإنّما حرية الزيارة وذلك تحاشياً لأية احتجاجات اقليمية ودولية لتغيير السياسة المتبعة ‏منذ العام 1967 حول التعهد بالالتزام بالحفاظ على الوضع الراهن ( الاستاتيكو) للمسجد الاقصى وبقائه ‏تحت الرعاية الاردنية والصلاة تكون فيه للمسلمين فقط، إلا أن التصريح بقي كما هو على صفحات ‏الانترنت.. ‏

كان بمثابة بالون اختبار كعادتها اسرائيل في إطلاق البالونات لتقييم ردود الافعال العربية والاسلامية، حيث ‏‏/من المفترض/ أنّ هذا الامر تحول خطير في سياستها إزاء الحرم ودعوة صريحة لتأطير الصراع دينيا بين ‏المسلمين قاطبة واليهود…‏

هذا التصريح أو القرار الهادف الى تقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا أي حالة مماثلة لما عليه الحرم الابراهيمي ‏في الخليل لم يأت فجأة بين ليلة وضحاها وإنما مر بتغيير تدريجي ليلقى قبولاً وحشدا ًداخل المجتمع ‏الاسرائيلي والعالمي .. فقد شهدت التسعينات من القرن الماضي تزايداً في نشاط الحركات اليهودية المتطرفة ‏الساعية لتغيير الوضع القائم للمسجد الأقصى سياسيًّا وإعلاميًّا وشعبيًّا داخل اسرائيل حتى وصلت الى ‏الحضور السياسي والانتخابي الذي نراه اليوم . وبعد ان كانت الاقتحامات للحرم الشريف تتم من جانب ‏بعض الحاخامات المتطرفين أصبحت مدعومة بأعضاء كنيست ووزراء ومسئولين حكوميين ولم تعد ‏مستهجنة ومهددة للأمن العام كما كانت سابقاً ،ناهيك عن أن موضوع ما يسمى جبل الهيكل بات محل ‏نقاش كثيف في الكنيست خلال السنوات الخمس الماضية . ‏

لن تتوقف اسرائيل عن الوصول لهدفها وستشهد الأيام المقبلة محاولات حكومية وشعبية مستمرة لتنفيذ القرار ‏، ولذا يجب الوقوف بقوة أمام هذه المحاولات . أعتقد أن هناك دور هام يمكن أن يلعبه اللاعبون الجدد في ‏الخريطة السياسية الحالية : أولا: الشركاء المسلمين في الحكومة الاسرائيلية: حيث آن الأوان للضغط ‏والتهديد بالانسحاب من حكومة الترقيع أم أن قرار الصلاة الصامتة لليهود في باحات الأقصى شيء يمكن ‏تجاوزه ببساطة من منطلق أن الأرض كلها لله وتسع كل صلاة ولا قيمة للمسمّيات ؟!! ‏

‏ ثانيا: الدول المطبعة مع اسرائيل : القرار الاسرائيلي ورقة مهمة سياسيًّا للتلويح بها والاحتجاج لدى الجانب ‏الاسرائيلي ليس من اجل الفلسطينيين ولكن من اجل الحفاظ على مسار الصداقة المشتركة بينكم ومن ‏اجل المسلمين ومن اجل تعزيز النفوذ العالمي وزيادة الوزن الاقليمي و..و..و؟؟ ‏

*  د. أماني القرم –  الكاتبة اكاديمية تقيم في قطاع غزة. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى