د.أحمد جميل عزم يكتب – الخطط الأميركية الإسرائيلية (أ و ب)
الغد – عمان – د.أحمد جميل عزم – 24/1/2018
يمكن الاستنتاج من مؤشرات عدة أنّ هناك خطتين أميركيتين “للسلام” مع الفلسطينيين. الخطة الأولى، أو الخطة (أ) هي استئناف الخطوة الأميركية للاعتراف بعناصر أخرى من الاحتلال الإسرائيلي، بفرض الأمر الواقع، الراهن، وهي على الأغلب الخطة المفضلة، مع تغليفها بأنها تمهيد لطرح خطة سلام أميركية، وأن سببها عدم اشتراك الفلسطينيين في المفاوضات. أما الخطة (ب) فسيتم اقتراحها إذا تم التوصل لاتفاق ثنائي أو إقليمي، وجرى إطلاق مفاوضات، وهي خطة يمكن تسميتها بخطة (أوسلو) أي ما هو أقل من اتفاق أوسلو الانتقالي، المبرم منتصف التسعينيات، ولكن سيُقترح الآن ليكون حلا نهائيا.
قدّم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تقريراً سياسياً، للمجلس المركزي الأخير، نشرت فقرات يسيرة من صفحاته ال 92، في الإعلام، يستدل منها أنّ التحليل وتجميع المعلومات اللذين قام بهما واضعو التقرير، يؤدي لاستنتاج أنّ الإدارة الأميركية ستوافق على ضم ما بين (10 – 15) بالمئة من الضفة الغربية، قريبا، خلال شهرين إلى ثلاثة، بحجة ضم الكتل الاستيطانية. وهذا سيُبرر بالتأكيد بأنّ الفلسطينيين وافقوا في مفاوضات سابقة على تبادل أراضٍ وتسويات وأن هذه المستوطنات ستبقى جزءا من إسرائيل. ويمضي التقرير في سرد تفاصيل عن بقاء الأمن على الحدود إسرائيليا، وإعادة تموضع خارج مناطق أ وب وما إلى ذلك، والواقع أنّ المؤشرات أنّ هذه الأفكار الإضافية ستكون ما يمكن تسميته الخطة البديلة، أو الثانية، أما الأولى فهي فقط الضم وفرض الأمر الواقع والتلويح بالسلام في المستقبل.
سيقوم الإسرائيليون والصهاينة الأميركيون، ممن مثّلهم بوضوح خطاب مايك بينس في الكنيست، بضم أجزاء من الضفة الغربية، كخطوة تالية لضم القدس والاعتراف بهذا الضم، (إذا استمروا بالشعور أنّ الوقت مناسب لهذه الخطوات) وبالتالي ترفع المستوطنات والقدس، وهما اثنتان من خمسة قضايا تركت العام 1993، للتفاوض، ويصبحان خارج النقاش، فضلا عن موضوع اللاجئين.
ولكن ضم 10 إلى 15 بالمئة رسمياً، لا يعني عرض 90 – 85 بالمئة على الفلسطينيين، بل سيستمر الاحتلال، خصوصاً في الأغوار، هذا فضلا عن أنّ مساحة القدس، لم تدخل في الحساب أيضاً، ولكن ما سيتغير هو الوضع القانوني للمستوطنات. وستكون الخطة، إذا وافق العرب والفلسطينيون على ما يسمى التفاوض، هي الأمور التي ذكرها التقرير السياسي، من مثل السماح بالحضور الشكلي للأمن الفلسطيني على المعابر، وأمور أقرب للهزل، من مثل فصل البضائع المستوردة للإسرائيليين عن البضائع الفلسطينية، في المطارات والموانئ. أي أنّ المعروض سيكون أقل حتى من أوسلو، فمثلا لا احترام للوجود الفلسطيني في القدس، كما كان في النصوص الملحقة باتفاق أوسلو. ولن يناقش موضوع جدار الفصل، وما إلى ذلك.
بكلمات أخرى ستكون هناك خطوات أميركية – إسرائيلية، تتم تغطيتها بالزعم أنّ هذه مقدمات لاقتراح حل، ومقدمات للخطة التي يجري “طبخها” أميركياً، والتي سيطلب فريق دونالد ترامب الصهيوني المحيط به، من أطراف دولية وعربية أن ينصحوا الفلسطينيين بعدم التسرع بردود فعلهم ضدها، وألا يتحدثوا عن بدائل للمفاوضات برعاية أميركية، حتى لا يضيعوا الخطة المرتقبة (وأن يؤمنوا بأنّ هناك سمكا في البحر سيتم صيده يوماً). وفي حالة “لم يغضب الفلسطينيون”، وصار لا بد من طرح مبادرة، ستطرح الأفكار الأخرى من نوع توسعة المنطقتين أ وب قليلاً، وعودة الشرطة الفلسطينية للمعابر مع بقاء الكلمة الفصل للإسرائيليين، والحديث عن تسهيلات للوصول للأماكن المقدسة، وتسهيلات تجارية وما إلى ذلك. مع السماح للفلسطينيين بتسمية أنفسهم باسم دولة، والسماح لهم باختيار منطقة محاذية للقدس، وخارج الجدار، وذات كثافة سكانية فلسطينية، لتكون عاصمة. ويمكن أن تطرح هذه الأفكار، حتى في حالة بقاء الرفض الفلسطيني، ثم يُتهم الفلسطينيون بأنّهم يضيعون الفرصة، وأنّهم لو وافقوا على التفاوض، لربما تحسن العرض الإسرائيلي- الأميركي. وستتكرر الاتهامات الكاذبة، للفلسطينيين، أنهم لا يتركون فرصة إلا ويضيعونها.
يؤكد رد الفعل الدولي والعربي على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن القدس، أنّه لا يوجد توجه للتصدي فعلا للخطط الأميركية الإسرائيلية، فيما الفلسطينيون غارقون في الانقسام، وبالجدل حول الأدوات الأنجع لمواصلة المرحلة الراهنة، دون تفعيل للطاقات والفئات الشعبية والمؤسسات الفلسطينية.