ترجمات أجنبية

ديفيد اغناتيوس يكتب – تفاهمات أمريكية روسية حول الجنوب : هل يُسلم ترامب بانتصار بوتين في سوريا؟

ديفيد اغناتيوس، واشنطن بوست 28/6/2018

أصبح فحص ومراقبة القوة الإيرانية هو الهدف الرئيس الوحيد لإدارة ترامب في سوريا، بعد أن طردوا “تنظيم الدولة” من كل مناطقه. ويبدو، وفقا لتقديرات الكاتب الأمريكي، أن الرئيس ترامب مستعد لتبني سياسة منشأنها تثبيت حكم الأسد والتخلي عن معارضة سورية تلقت تدريبها، جزئيا، من الولايات المتحدة.

لقد ارتدت سياسة ترامب في سوريا جيئة وذهابا ككرة “بينغ بونغ”. والسمة الأكثر تناسقاً كانت عدم ثقته بالتعهدات العسكرية للشرق الأوسط التي تبناها أسلافه جورج دبليو بوش وباراك أوباما. ويبدو أنه يهدمها، خطوة خطوة.

تأتي المناقشات الدبلوماسية حول سوريا في وقت يستعد فيه ترامب لعقد قمة في 16 يوليو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الدبلوماسيون الأجانب ومسؤولو الإدارة غير متأكدين مما سيُدرج على جدول الأعمال، لكن الحزمة السورية ستكون حاضرة على الأرجح.

أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في صفقة سوريا المحتملة هو أنها مدفوعة بالتعاون الوثيق بين روسيا وإسرائيل. إذ يركز جدول الأعمال الإسرائيلي، مثل ترامب، على منع إيران من التمدد العسكري في سوريا، ويبدو أن الإسرائيليين استنتجوا أن بوتين شريك إقليمي يعتمد عليه.

عرض خبراء إسرائيليون وأوروبيون وأمريكيون بعض الجوانب الأساسية للتفاهمات أو الاتفاق: في مقابل انسحاب الولايات المتحدة لمطالبها من أجل الانتقال السياسي في سوريا، ستدعم روسيا مختلف التدابير لاحتواء القوة الإيرانية، ومن ذلك:

– سوف تبقى القوات المدعومة من إيران على بعد 80 كيلومتراً على الأقل من الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان.

– سيكون لدى إسرائيل إذن روسي ضمني لمهاجمة أهداف إيرانية تراها مهددة في سوريا، طالما أن القوات الروسية لم تتعرض للأذى. لقد مارست إسرائيل هذه الحرية في العمل في الأسابيع الأخيرة لضرب قواعد إيرانية سرية وعرقلة محاولة طهران فتح “جبهة ثانية” سورية ضد إسرائيل تكمل جبهة “حزب الله” في لبنان.

– سيعزز جيش الأسد، المدعوم من القوة الجوية الروسية، سيطرته على جنوب غرب سوريا وسيستعيد مواقعه على الحدود الأردنية. تفضل الأردن سيطرة الأسد على الحدود لأنها قد تسمح باستئناف حركة مرور الشاحنات، مما يعزز الاقتصاد الأردني الذي يعاني من ضائقة مالية. ويبدو أن قوات المعارضة في الجنوب الغربي ستترك نفسها لتدافع عن نفسها. فمع فرار آلاف اللاجئين السوريين الجدد إلى حدود أردنية مغلقة، من الممكن حدوث مذبحة جديدة للمدنيين المحاصرين.

– ستقوم الشرطة العسكرية الروسية بدوريات في مناطق جنوب غرب سوريا، وربما مناطق أخرى، في محاولة لتحقيق الاستقرار في تلك المناطق. لكنَ أحد الدبلوماسيين الأوروبيين حذر من أن أي توقع بأن القوة الروسية ستعني فرض الأمن “يعتمد على التمني لا على حقائق الواقع”. ستحتفظ الولايات المتحدة في الوقت الحالي بحاميتها العسكري في التنف بجنوب سوريا لمنع أي تقدم إيراني هناك.

– ستوسع روسيا ونظام الأسد نطاق وصولهما إلى القوات الكردية السورية في شمال شرق سوريا، في المناطق التي شارك فيها الأكراد بنجاح مع قوات العمليات الخاصة الأمريكية في الحرب ضد “تنظيم الدولة” والسيطرة على مناطقه. يأمل القادة الأمريكيون أن تبقى القوات الأمريكية لمدة 18 شهراً أو أكثر. لكن ترامب قد أعرب عن نفاد صبره من هذه المهمة.

قادة المعارضة السورية يشعرون بخيبة أمل شديدة من الصفقة التي تتشكل، ونقل عن أحدهم تحذيرا من أن “الخيانة” الأمريكية ستكون حاضنة للحركات الجهادية في المستقبل. والدول الأوروبية، التي كانت حليفاً سرياً رئيسا في سوريا، تشكّك بشدة في أن الخطة المناهضة لإيران ستنجح: “لقد حذرت بريطانيا وفرنسا الولايات المتحدة من أنه من غير المحتمل أن يكون لروسيا وجود على الأرض لإجبار الإيرانيين على الخروج من المناطق التي يسيطرون عليها الآن، حسبما أخبرني دبلوماسي أوروبي”. وترامب على استعداد للانضمام إلى السلطة الروسية في سوريا والتخلي عن المكاسب الأميركية التي تحققت بصعوبة، يزعج العديد من مسؤولي البنتاغون، لكن يبدو أنهم يفقدون الحجة.

وفي الوقت الذي يقترب فيه بوتين من الوصول إلى مرحلة القمة، من الجدير أن نتوقف لحظة للحديث بإيجاز عن براعة بوتين في تجميع خيوط الصراع في يده: أصبحت روسيا الموازن الإقليمي الذي لا غنى عنه، حيث تلعب دورًا لا تنكره الولايات المتحدة. تحافظ روسيا بطريقة ما على علاقات جيدة مع كل من إيران وإسرائيل. لديها علاقات متنامية مع السعودية والإمارات، تتحدث إلى الأكراد السوريين وخصومهم الألداء في تركيا. لقد اتخذ بوتين موقفاً حاسماً في سوريا بأقل تكلفة، حيث يبدو أن ترامب مستعد الآن لتأكيد انتصاره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى