دومينيك فيدال يكتب – علاقات نتنياهو الخطيرة .. صلات إسرائيل بأنظمة فاشية النزعة
دومينيك فيدال * – 2/10/2018
بدأت القصة في 5 ديسمبر/كانون الأول 2010. وصل يومها إلى تل أبيب وفد كبير، يضم ثلاثين من قادة ائتلاف الأحزاب الأوروبية “من أجل الحرية والحقوق المدنية”. ولا توحي التسمية الرسمية هذه بحقيقة انتماءات الأحزاب المنضوية تحت لواء هذا الحلف، فكلها أحزاب من اليمين المتطرف. وكانت هذه المرة الأولى التي تستقبل فيها إسرائيل منذ قيامها مثل هذه الزمرة من القادة، ومنهم الهولندي غييرت ويلديرز، والبلجيكي فيليب دُوِنْتر، وكذلك خلف يورغ هايدر، النمساوي هاينز كريستيان ستراخي.
ماذا يفعل في إسرائيل هؤلاء الفاشيون الجدد، ومُنْكِرو المحرقة اليهودية في حالاتٍ كثيرة، بل والذين يحنّون إلى عهد الرايخ الثالث، عهد هتلر؟ لقد أتوا للمشاركة في ندوةٍ نظمها الجناح اليميني في “الليكود”، وخُصّصت لبحث مكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من أن المبادرة غير رسمية، إلا أن الوزير أفيغدور ليبرمان التقى مطولاً بالمسؤول الحزبي ويلدرز، المعروف بعدائه الشديد للإسلام، والذي رد له التحية، فألقى خطاباً حماسياً في جمهرة من المستوطنين في الضفة الغربية. وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، نادى هذا الرجل، الذي يحلم بحظر القرآن في هولندا في خطبته، بعدم رد الأراضي المحتلة مقابل السلام، وأوصى بالتوطين “الطوعي” للفلسطينيين في الأردن، ثم دافع عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية التي اعتبرها “حصونا مصغّرة من الحرية تتحدّى القوى الأيديولوجية الناكرة لإسرائيل، بل وللغرب عموماً، وللحقّ في العيش في ظل السلام والكرامة والحرية”.
“كلما أحرز الفاشيون الجدد في أوروبا تقدّماً ازداد اهتمام إسرائيل بهم، ولذلك نتائج لا يستهان بها”
والموقف هذا معبّر تماماً، ففي “الحرب الصليبية” التي يشنّها كل من اليمين، واليمين المتطرّف، في إسرائيل على الفلسطينيين، ثمّة استعداد تام لعقد أي حلف كان، حتى لو كان غير مقدس. وقد كانت تلك الخطوة، منذ ثماني سنوات، الأولى من نوعها في سلسلة الخطوات العديدة التي تبعتها. بحيث أصبح الآن الغزل بين نتنياهو وحلفائه، وكذلك منافسيه الإسرائيليين من ناحية وكل ما حوت أوروبا من تيارات شعبوية من ناحية أخرى، بدءاً بوَرَثَة الفاشية، قد أصبح علاقة عشقٍ مستمرة. حتى عندما يجد العشاق الجدد صعوبةً في إخفاء عدائهم الطائفة اليهودية. ولا بد من كشف هذه العلاقات المريبة، لا سيما أن صحفا فرنسية عديدة تشعر بالحرج حيالها، وتتمادى في الصمت عنها.
يعلم أكثر المراقبين أين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي في 16 يوليو/ تموز 2017: كان يُصغي بسعادة كبيرة إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يعلن بمناسبة الذكرى السنوية الـ75 لحملة اعتقالات “الفيل ديف” (أكبر حملة اعتقالات ضد اليهود في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، في ظل حكومة فيشي المتخاذلة، جرى حشدهم في ملعب اسمه ملعب الشتاء)، في خطاب رسمي: “لن نتراجع أبداً أمام من يعادي الصهيونية، فما معاداة الصهيونية سوى صيغة جديدة مبتدعة من معاداة السامية”. ولكنّ قليلينيعلمون أين كان نتنياهو بعد ذلك بيومين، كان في بودابست، ليغازل نظيره المَجَري، فيكتور أوربان، مع أن الأخير كان يشيد بـ “رجل الدولة الاستثنائي”، ميكوس هورثي ناجيبانيا، الوصيّ على العرش في المجر خلال الحرب العالمية الثانية، وانتهى إلى التعاون مع النازية، فأصدر قوانين معادية للسامية، وسلّم للنازي الألماني، أدولف أيْخْمان، على الرغم من ادعائه معارضة ترحيلهم، حوالي 430 ألف يهودي مجري، أُدخلوا فوراً إلى غرف الغاز حال وصولهم إلى معسكر أوشفيتز.
هذا التمجيد لأحد مجرمي الحرب لم يمنع الرجل الأول في النظام المجري، لدى زيارته القدس في يوليو/تموز 2018، من أن يَعِدَ مضيفه بـ “سياسة عدم السماح بتاتاً مع معاداة السامية”. وهي ذروة الوقاحة، عندما نذكر أنه كان قبلها بثلاثة أشهر قد فاز بالانتخابات التشريعية إثر حملة انتخابية ركّزت على التنديد بالملياردير صاحب الأعمال الخيرية، جورج سوروس. و”المؤامرة” التي اتهم بها الملياردير، توطين مليون لاجئ سنوياً في الاتحاد الأوروبي، كانت ناتجة، حسب رئيس الوزراء المجري، عن الفكر “الكوسموبوليتي” لأحد رجال المال اليهود “الخاضع لسلطات المال”، سلطات بروكسل وواشنطن.
ليست معاداة السامية هذه التي تكاد تكون غير مستترة، المسألة الوحيدة المشتركة بين بودابست ووارسو، فالمحافظون في العاصمتين يفاخرون بأنهم، حسب تسمية الفيلسوف الماركسي الفرنسي، إيتيان باليبار، “غير ليبراليين” أو “لا ليبراليين”، فالقومية والحمائية تجتمعان في نظرتهما مع التشكيك في أوروبا والكاثوليكية المحافظة. وعلى ضفاف نهر الفسيتول كذلك، فحزب القانون والعدالة الذي أسسه الإخوة كاسينسكي لا ينفكّ، منذ عودته إلى الحكم عام 2015، يعمل على تصفية المكتسبات الديمقراطية السياسية والاجتماعية لبولندا ما بعد الشيوعية: توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية، وضع اليد على وسائل الإعلام، تطويق القضاء، التـشدّد في القانون المضاد للإجهاض، رفض زواج المثليين، رفض القتل الرحيم، اقتراح استفتاء عام على عقوبة الإعدام، إلخ.
ولا يبدو أن قادة إسرائيل يجدون مع ذلك مانعاً من التودّد لقادة بولندا، حتى عندما يبتدع هؤلاء قانوناً يجرّم أي انتقادٍ لفترة التواطؤ مع الرايخ الثالث، من دون أي خشيةٍ من إثارة النعرات المعادية للسامية، المتجذرة أصلاً في البلاد. بل وينصّ القانون على عقوبة ثلاث سنوات من السجن بحق من يدان بتهمة “تحميل الوطن أو الدولة البولندية مسؤولية مباشرة أو مشتركة مع آخرين في الجرائم النازية التي ارتكبها الرايخ الثالث في ألمانيا (…)، أو أي جرائم حرب، أو جرائم أخرى ضد السلام والإنسانية”.
ويكفي تعديلٌ شكليٌّ في الكلام، ليبرئ نتنياهو نظيره ماتيوس مورافويسكي، في تصريح مشترك. الشيء الذي نعته يهودا باور، أحد المؤرخين الإسرائيليين الرئيسيين لكارثة المحرقة اليهودية “بالخيانة الحمقاء والجاهلة واللاأخلاقية للحقيقة التاريخية بشأن تواطؤ بولندا في المحرقة.” وباختصار، ما يؤخذ على النص المشترك أنه يُظهر البولنديين ضحايا أو أبطالا، مقللاً من شأن مشاركتهم الواسعة في جرائم النازية.
وقد أثّر هذا الموقف غير المسؤول من رئيس الوزراء الإسرائيلي سلباً على الطائفة اليهودية في بولندا، حيث أدى إلى تفاقم ما كان القانون قد أتاحه من إطلاق العنان للكلام المعادي للسامية، بشكل لم يسبق له مثيل منذ 1989. يستند مراسل صحيفة لوموند في تقييمه هذا الوضع إلى عدة وقائع مثيرة للقلق: زلات في الإعلام، رسوم كاريكاتورية في الصحافة، هَلْوَسات على الإنترنت، ضغوط وزارية على متحف بولين، حملات حاقدة على مدير متحف أوشفيتز- بيركناو وضد مدير مركز البحوث بشأن الأفكار المسبقة. وقد أعلن الأخير: “هناك عدوى متفشّية من كلام البغضاء في الخطاب العام في بولندا. وقد بدأ مع أزمة الهجرة عام 2015. منذ ذلك الحين، لاحظنا طفرة للكلام المعادي للسامية المصحوب بالكلام المعادي للإسلام والأجانب”.
“ما همّ أن يكون هؤلاء معادين للسامية إن كانوا صهاينة.. هذا الخط الذي يفسر مساعي التودد الظاهر لنتنياهو في أوساط الفاشية الجديدة الأوروبية”
وتعتبر ليتوانيا أسوأ حالاً من بولندا. حيث تصل نسبة اليهود الذين تمت تصفيتهم خلال الحرب العالمية الثانية إلى 95% أو 97% من الطائفة حسب المصادر. وقد تم قتل غالبيتهم في سنة 1941، وفي غالب الأحيان، على أيدي وحداتٍ من المتعاونين الليتوانيين مع النازية، بل وقد جرى تقتيلهم في مذابح قبل وصول وحدات البوليس السياسي النازية الألمانية المسمّاة “آينزاتسغروبن”. من غير الممكن أن يجهل نتنياهو هذا الأمر، فقد غادرت عائلته البلد قبل المحرقة بقليل. ومع ذلك، لم يتوان في زيارته فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا)، في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، عن الإشادة “بجهود” نظيره سوليوس سكفرنليس في إحياء ذكرى المحرقة. يرد على ذلك إفرايم زوروف من مركز فيزنتال قائلاً: “لم يحدث إطلاقاً أي رد فعل إسرائيلي على تشويه تاريخ المحرقة. لا شي، الصمت التام. غورنيشت (لا شي في لغة الييديش). يمكن أن يتفوه الليتوانيون بكل ما يشاؤون، يمكن أن يشيدوا كما يطيب لهم بقتلة اليهود”. وذلك، طبعاً، شريطة أن يدافعوا عن إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي، كما يفعل الليتوانيون والإستونيون”.
هذه هي “الصفقة” المبرمة. وكان نتنياهو بنفسه قد اعترف بها قبل ذهابه إلى فلنيوس، حين قال: “أودّ التوصل إلى توازن في العلاقات التي يشوبها أحياناً شيء من انعدام الود من الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل”. ويوضح نتنياهو طريقة العمل: تتمثل المهمة في الحد من عزلة الدولة الإسرائيلية على الصعيد الدبلوماسي، والتي تكاد تجعل من إسرائيل بلداً لا يمكن معاشرته إلا من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وفي قلب هذه الاستراتيجية، تجد مجموعة فيزغراد التي يرأسها حالياً تيار الشعبويين اليمينيين (بولندا، المجر، تشيكيا) أو الشعبويين اليساريين (سلوفاكيا)، والتي تعتمد عليها إسرائيل للتأثير على السياسة الشرق أوسطية الأوروبية التي تتسم أساساً بالخجل في انتقاد تل أبيب.
كما ترمي إسرائيل شباكها أيضاً باتجاه الغرب، فكلما أحرز الفاشيون الجدد تقدّماً ازداد اهتمام إسرائيل بهم، ولذلك نتائج لا يستهان بها، فقد عاد رئيس الرابطة الإيطالية بحماس شديد من رحلة إلى إسرائيل عام 2016. وبعد ذلك بسنتين، عشيّة الانتخابات التي حملته إلى سدة الرئاسة، قال: “أشعر بخالص التقدير والاحترام لقدرة إسرائيل الكبيرة على امتصاص الصدمات والصمود، في منطقة عسيرة كالتي تعيش فيها”. وقد أعلن أنه في حال فوزه في الانتخابات، سيغير سياسة إيطاليا تجاه إسرائيل في المنظمات الدولية، ويعيد النظر في المساعدة المالية الإيطالية لمنظماتٍ، مثل اليونيسكو “التي جعلت من مهاجمة إسرائيل هوايتها”.
وقد امتدت العاطفة الجياشة هذه لتشمل أشخاصاً مثل زعيم اليمين المتصلب السويسري، أوسكار فرايسينجر، الذي ابتدع عملية التصويت على منع تشييد المآذن في نوفمبر/تشرين الثاني 2009: “لو اختفت إسرائيل من الوجود لفقدنا طليعتنا (…)، فطالما أن المسلمين يركّزون على إسرائيل، لن تكون المعركة شرسةً بالنسبة لنا. ولكن لو اختفت إسرائيل سوف نراهم يزحفون على الغرب للاستيلاء عليه.”
أما النجاحات الانتخابية التي حققتها حركة البديل من أجل ألمانيا، فقد أدّت إلى ردود فعلٍ متضاربةٍ في تل أبيب، فلئن كانت رئيستها، بياتريس فان ستورش، لا تفوّت فرصةً من دون التصريح بمساندتها إسرائيل في المعركة المشتركة ضد الإسلامويين، فثمّة مسؤولون آخرون في الحركة يكثرون من الاستفزازات، فيحبطون أي بادرة خجولة للحوار. وعلى سبيل المثال، أوضح ألكساندر غولاند، أحد الناطِقَيْن باسم الحركة، بأنه يحق للألمان أن يعتزّوا بقتال جنودهم خلال الحرب، ويأسف للطريقة التي تنظر بها ألمانيا الفدرالية إلى “مسؤوليتها في المحرقة، وإلى علاقاتها الخاصة جداً مع إسرائيل”. ومن ناحيته، فإن الوزير ورئيس الموساد (المخابرات الإسرائيلية) الأسبق، رافي إيتان، الذي اكتسب شهرته باختطاف آدولف آيخمان، لم يشعر بأي حرج في الإشادة بحركة “البديل من أجل ألمانيا”، حين قال “كل واحد منا في إسرائيل يقدّر موقفكم من الطائفة اليهودية. وإنني على يقين أنكم لو عملتم بكل قوتكم، لاستطعتم أن تمثلوا بديلاً لا لألمانيا فحسب، بل لأوروبا بأكملها”. كما أوصى إيتان بإغلاق الحدود “في أسرع وقت ممكن، للحيلولة دون دخول المهاجرين المسلمين”.
وحده التجمّع الوطني (الجبهة الوطنية سابقاً) في فرنسا، ظل حركة غير مرغوب فيها في إسرائيل، حتى لو كان رفيق درب رئيسة الحزب، مارين لوبان، قد قضى بعض الوقت في إسرائيل. إلا أن الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية أدلى بتصريح كرّر فيه “إن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها اتصال بالجبهة الوطنية، نظراً لأيدولوجية هذا الحزب وتاريخه”. في المقابل، بدأ حزب الحرية النمساوي اتصالاته في الكواليس، فقد زار نائب من “الليكود”، وهو القومي المتشدّد، يهودا غليك، الحزب النمساوي الذي كاد ينتزع رئاسة الجمهورية، كما حث زملاءه على الحوار معه.
“دعت إسرائيل المستشار النمساوي سيباستيان كورتس إلى زيارتها، وهو يرأس تحالفاً يضم نازيين جددا”
وإن لم يكن في وسع إسرائيل أن تتورّط رسمياً مع من خَلَفَ يورغ هايدر، إلا أنها دعت، في يونيو/ حزيران الماضي، المستشار النمساوي سيباستيان كورتس إلى زيارتها، على الرغم من أنه يرأس تحالفاً يضم نازيين جددا. ولم يتردد السياسي الشاب في الإدلاء بتصريح استفزازي لدى زيارته ياد فاشيم (النصب التذكاري الرسمي الإسرائيلي لضحايا المحرقة) “بصفتي مستشاراً للنمسا، أعترف أن النمسا والنمساويين يتحملون حملاً ثقيلاً (…). نعلم، نحن النمساويين، أننا مسؤولون عن تاريخنا”. وقد أدت هذه الكذبة المفضوحة إلى احتكاك مع السيدة التي كانت تقوم بدور الدليل، وهي يهودية من أصل نمساوي. أمام كاميرات التلفزيون، لفتت ديبورا هارتمان انتباه كورتس إلى أن حزبه ما زال فيه سياسيون “بحاجةٍ لمن يشرح لهم ما هي المحرقة”. ومن الذي اضطر عندها للاعتذار؟ المسؤولون عن نصب ياد فاشيم هم الذين اعتذروا.. إذ أن رئيس الوزراء النمساوي كان قد أعلن حال استلامه مهامه أنه “يود تعزيز العلاقات مع إسرائيل في برنامجه”. هذه النيات الحسنة، والكل يعلم أنها تؤدي أحياناً إلى أسوأ النتائج، جعلت نتنياهو يشيد به “صديقا حقيقيا لإسرائيل والشعب اليهودي”.
“ما همّ أن يكون هؤلاء معادين للسامية إن كانوا صهاينة”، هذا هو الخط الذي يفسر مساعي التودد الظاهر، بل والاستعراضي، التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي في أوساط الفاشية الجديدة الأوروبية. ومن الخطأ اعتبار هذه المناورات مجرّد سياسة الأخذ بالواقع السياسي. فهي في حقيقة الأمر متجذّرة في موروثه الشخصي والسياسي. شخصي لأن والده بنزيون نتنياهو لطالما ناضل إلى جانب الزعيم الناكر للمحرقة، زييف جابوتينسكي، بل وكان لفترة معينة مساعده. وسياسي، لأن القدامى في حركات ليكود وأرغون وبيتار وليهي كلهم كانت لهم اتصالات مشبوهة مع الفاشية والنازية.
يكاد تكرار إن الحاج أمين الحسيني توجّه إلى برلين (فعل ذلك وحده) وأنشأ هناك فيلقين في الجناح العسكري من الحزب النازي، ينسينا أن مليشيا ليهي الإرهابية اقترحت عام 1941 حلفاً مع الرايخ الثالث. وأن مجموعات بيتار، وبعدها أرغون، استفادت، في العشرينيات، من المساندة السياسية والمادية التي منحها موسوليني، وكان يكنّ كل التقدير لجابوتينسكي، حيث قال: “حتى تنجح الصهيونية، لا بد لكم من دولة يهودية، وعلم يهودي، ولغة يهودية. ومن يفهم ذلك تماماً هو الفاشي برأيكم، أي جابوتنسكي”.. هؤلاء بالذات، ومن دون أي خجل أو حرج، لا يتورّعون عن اتهام أي شخص آخر ينتقد سياستهم بمعاداة السامية.
صحفي ومؤرخ فرنسي، مؤلف “معاداة الصهونية = معاداة السامية”