ترجمات عبرية

درور اتيكس – استقبلوا اليهود المهنيين الذين يهوديتهم هي مهنتهم

هآرتس – مقال – 19/12/2018

بقلم: درور اتيكس

التغييرات التكنولوجية والاقتصادية المتسارعة التي بدأت في العقود الاخيرة انهت كما هو معروف سلسلة طويلة من المهن مثل الاسكافي والخياط. ولكن في نفس الوقت انشأت مهن جديدة مثل تقني الهواتف المحمولة، المبرمجون ومصممو مواقع الانترنت. مجال آخر تطور في السنوات الاخيرة ومكانه ما زال غائب، بدون وجه حق، عن قائمة المهن الجديدة، هو اليهودية المهنية. أي، اشخاص يهوديتهم هي مهنتهم.

الحديث يدور على الاغلب عن اشخاص لا يعانون بأي شكل من الاشكال من النقص في الشعور بأهمية الذات. معظم اليهود المهنيين تربوا في أحياء الموظفين لدى أحد احزاب اليمين أو اليمين – وسط، لكنهم لم ينجحوا في الوصول الى الساحة السياسية البرلمانية.

الطلب الاساسي جدا من شخص اختار المهنة المتطلبة لليهودي المهني هو الجاهزية: يجب أن يكون جاهز في كل لحظة من اجل أن تتم اهانته باسم “الشعب اليهودي”، أي ليس فقط باسم اليهود الذين يوجدون الآن، بل باسم الكيان الذي يسمى “الشعب اليهودي على مر الاجيال”، ويشمل ايضا كل اليهود الذين عاشوا ذات يوم وتم ضمهم الى آبائهم، وهذه مجموعة يوجد لليهودي المهني معها القليل من الخلافات في الرأي.

ولكن اليهودي المهني ليس شخصا غبيا، ووظيفته لا تتلخص فقط في أن تتم اهانته باسم الشعب اليهودي. بالعكس، هو مدرب على أن يرد الهجوم عليه في كل مرة يشخص فيها بوغ صغير من فطريات اللاسامية. ورغم انه مقابل الجاهزية العالية والاستعداد للتصارع في كل لحظة مع الشر، يقوم المجتمع بمجازاة اليهودي المهني براتب جيد وشروط مدللة، إلا أنه لا يجب عليكم أن تحسدوه. الحديث في النهاية يدور عن عمل سيزيفي، متعب، يقتضي ايضا مواجهة هطولات عاطفية غير بسيطة.

من حين الى آخر، في احداث قاسية للاسامية، التي لا يستطيع اليهودي المهني تحملها وحده، فان لديه صلاحية لاستدعاء الجنود العاديين، أي نحن، اليهود الهواة، من اجل مساعدته على محاربة قوات الشر. في هذه الحالة فان اليهودي المهني هو التوسط للعلمانيين لدى الواقع المهدد، وأن يشرح لنا متى وكيف علينا أن نهان وبأي وسائل علينا أن نرد.

مثال على التهديد الذي يتطلب منا جميعا اليقظة هو بالطبع الـ بي.دي.اس. صحيح حتى اليوم أن بي.دي.اس هو اسم يشمل في داخله كل احتجاج على السمو الأبدي للفكرة الصهيونية بصيغتها القومية المتطرفة الاكثر شوفينية. حسب هذه الصيغة، لشعب اسرائيل (وضمنه أبناء سبط منشه، الذي نفي من قبل تغلا غلاسر الثالث الى اقليم منفور على حدود بورما) حق ملكية تاريخي، ديني، اخلاقي حصري على كل ارض اسرائيل الغربية على الاقل.

الحقيقة البسيطة والساذجة التي هؤلاء اليهود المهنيين يفعلون كل ما في استطاعتهم من اجل نفيها هي أن الصهيونية واليهودية هما كيانين منفصلين، وأنه يمكن التماهي معهما، أو مع أحدهما أو حتى رفضهما، وأن تبقى انسان عقلاني. من المضحك الادعاء أن معارضة الصهيونية، التي توجد منذ 140 سنة، هي فصل صغير في التاريخ اليهودي، مثلها مثل رفض اليهودية كلها. بونديون (حزب يهودي اشتراكي) ذوي وعي يهودي قومي وغير جغرافي، يهود شيوعيون ومن رعايا الحاخام ساتمر عارضوا جميعهم الصهيونية بسبب الكثير من الذرائع التي ليس لها أي صلة مع اللاسامية.

بنفس القدر يجدر القول بوضوح وبدون أي اعتذار لمعظم الاسرائيليين، الحساسين جدا لكل حديث عن حقوقهم القومية، إنه ليس كل من يختلف على الحقوق الاخلاقية لجماعة دينية وقومية مضطهدة في اقامة دولة قومية منفصلة في منطقة فيها يعيش منذ اجيال سكان اصليين آخرين، هو بالضرورة لاسامي. ومن باب أولى، أحد أبنائه، عندما هذه الاقوال تقال ردا على حق هذه الجماعة في ادارة ديكتاتورية عسكرية عنيفة وعنصرية على ظهر سكان محتلين ومحرومين من الحقوق السياسية.

السؤال هو هل من يعارضون الصهيونية كانوا محقين أم أنهم اخطأوا في كل ما يتعلق بمسألة البقاء التاريخي لشعب اسرائيل، لا علاقة له باللاسامية. في هذه الاثناء يجدر وربما ببساطة أن نتذكر أن اليهودية كانت على مدى آلاف السنين مجرد دين وثقافة وليس مهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى