دراسة دوافع الانضمام .. ضرورة لمواجهة التجنيد الداعشي للغربيين

المرجع – شيماء حفظي – 27/11/2018
يرى باحثون أن القلق الأوروبي من عودة مقاتلي التنظيمات الإرهابية الأجانب إلى موطنهم الأصلي، لابد ألا يقف دون دراسة دوافع الانضمام للتنظيم، لمواجهة انضمام مزيد من المقاتلين لصفوف الإرهاب، إذ تخشى الدول من العائدين سواء الرجال الذين تم تدريبهم على الأسلحة، وشاركوا في خضم المعركة، والنساء اللاتي انقدن لوعود التنظيم وشاركن في تربية الأطفال، أو ممارسة أعمال تنظيمية تابعة له.
وتقول دراسة أعدها المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف ومقره لندن، إنه لابد من دراسة دوافع انضمام الإرهابيين، خاصة النساء إلى «داعش»، كخطوة أساسية في مواجهة امتداد التنظيم؛ لأنه مع فهم الدوافع يمكن فهم تأثير السياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية في المواقع الجغرافية التي يتم فيها توظيف النساء الغربيات، وظهور الظواهر الجندرية لتجنيد «داعش»، في جهود الوقاية المدروسة.
وتقول الدراسة التي أجريت وفقًا لمقابلات بحثية مع عدد من العائدات من داعش: «من خلال مقابلاتنا البحثية مع النساء اللواتي نجحن في العودة، من الواضح أن النساء يواجهن صعوبات أكثر من الرجال الذين يفرون من «داعش»؛ لأنه نادرًا ما يحصلن على الأموال، وغالبًا ما يجب أن يكون لهن كوادر ذكور، ويمكن أن يتعرضن للافتراس الجنسي للمهربين، الذين كانت حاجتهن ضرورية لهم لمساعدتهن على الخروج من أراضي داعش».
وبحسب الدراسة، فإن بعض النساء اللواتي سافرن إلى سوريا والعراق فعلن ذلك مع الأطفال، بينما ذهبت أخريات للبحث عن الزواج، وكانت كلتا الفئتين تحمل أطفالاً داخل «داعش».
ووفقًا لأحد المسؤولين العراقيين، فإن من بين 700 إناث من تنظيم داعش محتجزات حاليًّا في السجون العراقية، كان لدى معظمهن أكثر من ثلاثة أطفال، ومع أخذ مصير هؤلاء النسوة بعين الاعتبار وبدأ البعض منهن العودة إلى ديارهن، فمن المهم فهم سبب سفرهن إلى «داعش» في المقام الأول، بالإضافة إلى تجاربهن داخل المجموعة الإرهابية.
ويقول كاتبا الدراسة: «في بحثنا الميداني، درسنا مساراتهم في الإرهاب، وأوجه ضعفهم ودوافعهم للانضمام، وأدوارهم وخبراتهم التي تعيش داخل المجموعة الإرهابية، وأسباب تركهم في حالات أولئك الذين غادروا، في حين أن عُشر المقابلات التي أجريناها كانت مع النساء فقط».
وتشير الدراسة إلى معظم نساء «داعش» لم يخضعن لنفس الأسلحة أو التدريب الذي قام به العديد من رجالهن، كما أنهن لم يقسمن بالضرورة (قسم البيعة)، لكن كان يتم اختيار الغربيات للعمل كمنظمات توظيف على الإنترنت للرجال والنساء على حد سواء، في حين كانت سيدات ترفض العمل، وتكتفي بتربية الأطفال.
تحديد الأدوار
وفي جهود تجنيدهم في جميع أنحاء العالم، دفعت دعاية «داعش» صورًا للذكور، ومحاكاة أبطال ألعابهم وحمايتهم من الإناث، بينما كانت المرأة مثالية كمؤازرة وضحية تحتاج إلى الإنقاذ من قبل رجال «حقيقيين»، خاصة من المجتمعات الغربية المعادية للإسلام، وفقًا للدراسة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن النساء اللواتي يحملن السلاح ويعملن خارج هذه الأدوار التي حددها الرجال بشكل صارم، استُخدمن لتغذية مفهوم العار والاستياء لعدم وجود الرجال المستعدين للدفاع عنهن؛ ما يجعل من الضروري للمرأة أن تعمل كرجال.
وبينما ينظر الغرب إلى تنظيم داعش غالبًا على أنه تنظيم شديدة الكراهية للنساء، فقد استهدفت جهات التوظيف التابعة له النساء الغربيات على وجه الخصوص للسفر إلى سوريا والعراق، بلغة عرضت نسخة محافظة من تمكين النساء، إذ يتم تحريرهن من مجتمعات معادية للإسلام وربما تحررت أيضًا من العائلات التي ربما كانت تسيطر بشكل مفرط.
وفي هذا الصدد، قدم «داعش» وعودا متعددة لمجندين محتملين في دابق -مجلة الدعاية باللغة الإنجليزية- على الإنترنت، بما في ذلك أنهم سيجدون في السفر إلى «داعش» في سوريا والعراق إمكانية الوفاء بواجبهم الديني، وتصبح بناء الدولة تجربة عميقة وسبيلًا للانتماء الهادف ويعيشون مغامرة مثيرة حيث يمكنهم زيادة النفوذ.
وتشير الدراسة إلى أن «داعش» يستغل ذراعه الإعلامية بشكل جيد جدًّا في نشر الأحداث من مناطق المعارك أثناء حدوثها، وكذلك الهجمات التي قام بها، أو حتى المطالبة بها.
وتقول الدراسة، إنه في كلِّ الأحوال، من المهم فهم دوافع النساء الغربيات للانضمام إلى تجاربهن داخل المجموعة، في حين أن هذه ليست سوى لمحة موجزة عن العوامل التحفيزية للنساء الغربيات المنضمات إلى «داعش».
وبالنظر إلى أن تنظيم داعش مستمر في تجنيده، مع وجود ما يقدر بنحو 100 شخص ما زالوا يحاولون السفر إلى سوريا والعراق أو السفر كل شهر للانضمام للتنظيم، فمن الواضح أنه يجب تطوير إجراءات وقائية مضادة تستهدف النساء الغربيات، وكذلك الرجال، وفقًا للدراسة.