#شؤون مكافحة الاٍرهاب

دراسة أردنية تؤكد : الإرهاب عامل طارد للاستثمارات الأجنبية

المرجع –   محمد عبد الغفار – 10/1/2019

اتخذ الإرهاب أبعادًا دوليةً، في صورته الحديثة، إذ طالت يد الإرهاب القذرة مختلف دول العالم، إما من خلال الوجود التنظيمي على الأرض، كما هو الحال في سوريا والعراق، أو من خلال هيمنة عمليات «الذئاب المنفردة»، كما هو الحال في أوروبا.

وانتشار الإرهاب لا يؤثر فقط على الجوانب الأمنية داخل دول العالم، لكنه يؤثر بصورة كبيرة وفعالة على الجوانب السياسية والاجتماعية، وبصورة أكبر وأكثر تأثيرًا على الحركة الاقتصادية والاستثمارية، ويرجع ذلك إلى عدم اطمئنان رجال الأعمال على استثمار أموالهم في دول تعاني من مخاطر الإرهاب.

وكانت تلك القضية محل دراسة لنيل درجة الماجستير، مقدمة من الباحث الأردني، في جامعة «اليرموك»، «علي عبد العزيز البشابشة»، بعنوان «أثر الإرهاب الدولي على حركة الاستثمار في دول المشرق العربي بعد أحداث الحادي عشر من أيلول من الفترة 2001-2015».

وسعى الباحث في الدراسة للتعرف على طبيعة العلاقة الارتباطية بين ظاهرة الإرهاب في صورتها الدولية، وبين حركة الاستثمار الأجنبي المباشر في دول المشرق، خلال الفترة الممتدة بين عامي 2001 إلى عام 2015، إذ رأى أن الإرهاب مفهومٌ قديمٌ، إلا أنه يتطور بصورة سريعة؛ حيث يغير الإرهابيون من الطرق والمناهج المستخدمة في الهجمات، ما يزيد من تأثيرهم وإرعابهم للمنظمات الصناعية وشركات الأعمال، لأنهم يهددون الحياة اليومية للشعوب، ما يؤثر على قدراتهم الشرائية ونشاطهم الاقتصادي.

واعتبر الباحث الأردني أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011، كان سببًا رئيسيًّا في إثراء وإبراز النقاش المجتمعي العالمي حول الإرهاب الدولي، مشيرًا إلى الأزمات التي واجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء وضع لجانها المختصة المعنية تعريفات الإرهاب الدولي؛ حيث ترى بعض الدول أن أي عمل يعارض آرائها هو إرهاب وتطرف، بينما ترى دول أخرى بأن الأعمال العنيفة التي تهدد حياة البشرية هى التي يجب إدانتها.

وتوصلت الأمم المتحدة إلى إصدار القرار رقم 2197، والذي نص على ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع انتشار الإرهاب الدولي، والتعرف على الأسباب والدوافع التي أدت لبروز تلك الظاهرة الدولية، وتوصلت اللجان الأممية إلى عدة قرارات، على رأسها ضرورة تجميد أموال المشاركين في الأعمال الإرهابية، وعدم توفير الملاذ الآمن للإرهابيين، وتبادل المعلومات والبيانات مع الحكومات الأخرى لمنع حدوث الأعمال الإرهابية.

اختلافات جوهرية

وأشار الباحث الأردني، «على عبد العزيز البشابشة» في دراسته إلى الاختلافات الجوهرية بين مصطلح الإرهاب وعدة مصطلحات ومفاهيم أخرى، مثل الحق في تقرير المصير والدفاع عن النفس، إذ يعد الثاني إجراءً مشروعًا دوليًّا؛ حيث من حق الشعوب أن تستقل وتناضل من أجل الحصول على حريتها، كما أن حركات تحديد المصير تكسب التعاطف الشعبي معها.

وفرق الباحث بين الإرهاب وعدة مفاهيم أخرى، مثل التطرف والمقاومة والحرب الأهلية، كما تطرق لعدة نظريات حاكمة للإرهاب، مثل النظرية الموضوعية أو الغائية، والنظرية المادية، إضافة إلى الأسباب السياسية والفكرية والاقتصادية والنفسية للإرهاب في صورته الدولية.

واتجه إلى إظهار واقع الإرهاب في دول المشرق العربي، التي تعاني بكثرة من العمليات الإرهابية وظهور التنظيمات المتطرفة، التي تتخذ من الدين ساترًا لها، وضرب الباحث أمثلة بواقع الإرهاب في سوريا، والأردن، ولبنان، والعراق، والكويت، واليمن، والسعودية، والإمارات، وسلطنة عمان، وقطر، والبحرين، مع إظهار مؤشر للعمليات الإرهابية في كل دولة.

وأوضح «البشابشة» في الفصل الثاني أهمية الاستثمار الأجنبي، إذ يعد من عوامل التطور والنمو داخل أي دولة، حيث يخلق المنافع وفرص العمل للمواطنين، ويساهم في نقل الدول من كونها دولًا نامية إلى اعتبارها دولًا متقدمة، لذا فإن أي عملية إرهابية تستهدف الإضرار بالاستثمار الأجنبي يكون تأثيرها سيئًا على شتى مناحي الحياة داخل الدولة.

وتوصل إلى أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى الإرهاب، على رأسها الفقر، وطبيعة النظام الهيكلي الاجتماعي في دول العالم بعدما سيطرت النظم الرأسمالية عليها، وكذلك الأسباب السياسية، وتدخل الدول الكبرى في شؤون باقي الدول واستغلالها للموارد الاقتصادية بها، إضافة إلى عدم فهم الدين بشكل صحيح داخل العديد من الدول في المشرق العربي، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية تعمل على استخدام الصراعات والأحداث الداخلية وإظهارها بصور تخدم مصالحها؛ لجذب أكبر عدد من الشباب إلى صفوفها، ما يفسر التزايد المستمر للعمليات الإرهابية في دول العالم.

وانتقد الباحث عدم قدرة الأمم المتحدة على إيجاد مفهوم واضح للإرهاب في صورته الدولية؛ حيث ساهم هذا في إعاقة الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، واعتبر أن هناك تهاونا من المنظمات الدولية في إيجاد الحلول الرادعة والقاطعة لمواجهة هذه الأزمة، وذلك لأنها تعمل على حساب تحركاتها بمنطق المصلحة الذاتية بغض النظر عن المصالح الدولية.

أما على جانب الاستثمار، فتوصل الباحث الأردنى، «على عبد العزيز البشابشة» إلى أن الاستثمار خلال فترات انتشار العمليات الإرهابية يتخذ شكلين، الشكل الأول، ويمثل السواد الأعظم، ويتمثل في تأثر الاستثمار داخل دول المشرق العربي بتنامي العمليات الإرهابية وتزايد عددها، حيث يلجأ المستثمرون العرب والأجانب إلى الهروب إلى خارج البلاد، وإعادة استثمار أموالهم في دول أكثر استقرارًا، أما الشكل الثاني، ويمثل الحالات الشاذة في بعض الدول، مثلما هو الحال في العراق، حيث تزايدت الاستثمارات في بعض القطاعات، مثل القطاعات الأمنية والعسكرية، كما هو الحال في استثمارات الشركات الأمنية مثل شركة «بلاك ووتر».

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى