دان مرغليت / في حكومة نتنياهو اصبحوا – لا يريدون أن يكونوا على حق

هآرتس – بقلم دان مرغليت – 14/6/2018
في المحاضرة التي القاها قبل نحو عام في الولايات المتحدة وصف رئيس محكمة العدل العليا المتقاعد اهارون براك كيف أن الارهاب الدولي – الاسلامي بمعظمه – والمعارضة الاوروبية للهجرة من افريقيا والشرق الاوسط قللت من تمسك الشعوب المتنورة بالنظام الديمقراطي. إن خوف الواقع يضعف احترام حقوق الفرد والمواطن والخاضع للتحقيق امام استبداد النظام.
في وعي الجمهور هذه الحقوق يتم التعبير عنها بكلمات “سلطة القانون”، “العدل”، “التعقل” و”قيود القوة”. ايضا لهذه القيم يديرون ظهورهم. وكدليل على ذلك نجده في خشونة الانظمة الحالية في الولايات المتحدة وبولندا والتشيك وهنغاريا وايطاليا. ايضا في الدول الحريصة على نظام سوي، هناك تعبير للنفور من الديمقراطية من جانب جهات متطرفة التي تزداد قوة في صناديق الاقتراع، مثل بولندا والمانيا، وهناك عملية مشابهة تجري في اسرائيل على الرغم أن مظاهرها الاولى اكتشفت منذ زمن، وقد تعاظمت في السنوات التسعة من حكم بنيامين نتنياهو.
على مدى السنين فان الجوهر والمقاربة الشكلية كانت مختلفة تماما. الحركة الصهيونية كانت ما زالت سريعة الزوال عندما صاغ د. ثيودور هرتسل في بازل طموح الشعب اليهودي للعودة الى وطنه حسب “القانون العام”. دافيد بن غوريون لم يشطب من خطاباته “مثال للاغيار” و”حلم انبياء اسرائيل”. مناحيم بيغن كتب في عدة مقالات ان اليهود موجودين في ارض اسرائيل “بقوة الحق وليس بحق القوة”. نتان الترمان كتب قصيدة بقيت مخفية وكشفها موشيه شمير، التي تقول إن فقدان الثقة بعدالة الطريق هو خط احمر لفشل قريب.
في بداية الاستيطان في يهودا والسامرة حرص كثير من رؤساء المستوطنين على التشديد على مفاهيم مثل العدل وعدم المس بالفلسطينيين. اليكيم هعتسني من كريات اربع كان منذ فترة محامي للعرب في الخليل. طوال سنوات حرص المستوطنون على هذا المظهر وادعوا أنهم لن يسرقوا ارض من فلسطيني، والحكومة سهلت عليهم الادعاء أنها توطنهم فقط على اراضي دولة.
هذا لم يعد قائما. في كل مرة تجد فيها المحكمة العليا أنه تمت سرقة ارض خاصة من فلسطيني تدور معركة على تطبيق الحكم القضائي لاعادتها الى اصحابها. أول أمس تجددت المواجهات بين المستوطنين وسلطة القانون. كل سياسي في الائتلاف الذي يحتاج الى اصوات في الانتخابات التمهيدية نشر بيان ادانة للمحكمة. كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ هل في نظرهم لم يكن هناك في يوم ما حتى اخلاء محق واحد؟ ألم يكن للارض التي اقاموا عليها بيوتهم اصحاب فلسطينيون؟.
حتى المستوطنون يفهمون ذلك، إلا أنهم اندمجوا في الروح الشريرة التي بحسبها ليس من المهم أن تكون على حق أو أن تبدو كذلك. الرياح التي تزيد حدة صياغات الكذب وكأنهم في المحكمة العليا يعينون قضاة باسلوب “صديق يجلب صديق”، تهب للجهاز القانوني لاييلت شكيد ومدعومة بمبادرات برلمانية من كل الكيشيين والامسلميين والسموتريتشيين والزوهريين واليوغفيين، الذين يشكلون الائتلاف. انتهت مصلحتهم في أن يكونوا على حق حتى في نظر انفسهم.
في يهودا والسامرة هم يريدون قانون التسوية، الذي ليس فقط غير محق، بل هو ايضا يضر باسرائيل في المحكمة الدولية في لاهاي، كما يشرح لنا المستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت وهم يرفضون السماع. فعليا هم يريدون عدم التحقيق مع بنيامين نتنياهو ويشلون قدرات الشرطة عن طريق عزل روني الشيخ ويسمحوا لرئيس الحكومة ووزير الدفاع باعلان الحرب على عاتقهم فقط. هم يمنعون اعضاء الكنيست العرب من طرح للنقاش في الكنيست مشروع قانون بأن تكون اسرائيل دولة كل مواطنيها، وشكيد تتدخل في قرار مهني للنائب العام من اجل اطلاق سراح سجين في فترة مبكرة لأنها معنية به.
الصيغة التي اعادت نفسها أول أمس في موقع “نتيف افوت” هي اعادة صياغة لعمانويل كانط: “أنا قوي، معناه أنني على حق”. ولكن لن يكون بعيد ذلك اليوم الذي ستختفي فيه رياح الجنون من العالم وتجد اسرائيل نفسها مع صياغة القوانين التي وضعتها حكومتها الحالية. ليس هناك اتفاق بعيد المدى بدون عدل، كما قال ذلك هنري كيسنجر.