دان مرغليت / الفلسطينيون اختاروا أن يكونوا لاجئين

هآرتس – بقلم دان مرغليت – 24/5/2018
آلاف الفلسطينيين الذين حاولوا هذا الشهر اختراق الجدار الامني في غزة هم احفاد جيل الحرب الذي تسبب في 1947 بمشكلة اللاجئين وصاغ الطلب المغيظ لتحقيق “حق العودة”. لو أن العرب وافقوا على قرار الامم المتحدة تقسيم البلاد بين الشعبين فيها – وهو القرار الاخير في سلسلة القرارات الدولية منذ لجنة سان ريمو في 1920 – الذي اعترف ايضا بحق اليهود في ارض اسرائيل، لكانوا يجلسون هنا تحت كرمتهم وتينتهم. ولكن غداة القرار بدأوا بحرب واعلنوا أنهم سيلقون اليهود في البحر. واليوم هم يتحملون مسؤولية النتائج.
بعد شهر من بداية اطلاق النار من يافا العربية على تل ابيب توصلت القيادات المحلية الى اتفاق لوقف اطلاق نار. رؤساء الجمهور ومنظمة “النجادة” طلبوا موافقة اللجنة العربية العليا، واجيبوا بالرفض. ليس هناك اتفاق مع اليهود (بحث دكتور ايتمار رداي في كتابه “بين مدينتين”). فقط بعد خمسة اشهر من القنص من يافا على المدينة العبرية الاولى سمح مناحيم بيغن لمقاتلي الايتسل بمهاجمة يافا، كان هذا في نيسان 1948 قبل شهرين من اقامة الدولة. العرب اختاروا أن يكونوا لاجئين. وضع مشابه كان ايضا في حيفا في نفس الوقت. اليهود توسلوا امام العرب للبقاء، لكنهم غادروا المدينة بعد أن تعهدت لهم قيادتهم بأنهم سيعودون خلال عشرة ايام وسينهبون بيوت اليهود.
هذه الحقائق يمكن اخفاءها ونفيها، لكنها هي الحقيقة الصحيحة. هاتان المبادرتان الكبيرتان حدثتا بمبادرة العرب.
في السنوات الاخيرة عندما تظاهر بنيامين نتنياهو بأنه ما زال يرغب في المفاوضات، طلب أن يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة يهودية. ربما كان من الاصح اشتراط المفاوضات باعتراف صريح منهم بأنهم اكثر من غيرهم تسببوا بخلق مشكلة اللاجئين. خلافا لاقوال عودة بشارات في مقاله في “هآرتس” في 21/5، عندما موشيه ديان في تأبينه لروعي روتبرغ في 1956 ذكر أن اللاجئين كانوا ينظرون من غزة غاضبين ومتألمين، لم يكن لذلك حتى ذرة من تحمل اليهود المسؤولية عن وضعهم، بل فقط الرحمة. من هنا ايضا استنتاج ديان بأنه اذا اراد اليهود الحياة فعليهم التمسك بالرشاش والقنبلة.
لم يكن احد يستطيع التنبؤ أنه في 2018 سيبقون منشغلين بقطاع غزة – قريبا من مكان قتل روتبرغ – بمسألة حق عودة اللاجئين الى يافا وحيفا. هذا هو الوضع اليوم لأن الدول العربية لم تسمح لهذه المسألة بأن تذوي. في الكتاب الذي ألفته د. عنات وولف وعيدي شورتس “حرب حق العودة”، الذي صدر في الوقت الذي جدد فيه الفلسطينيون في غزة اعمال العنف تحت عنوان “مسيرة العودة”، وجه انتقاد ليس فقط للعالم العربي بل ايضا للغرب وحتى لاسرائيل. محور الشر، حسب المؤلفين، هو الاونروا التي بدأت بالعمل بنية حسنة، لكنها ضخت وتضخ مليارات الدولارات وغذت مشكلة اللاجئين خلال سبعين سنة ولا تسمح لها بالتلاشي.
الاونروا تحولت الى خزنة للجيل الثالث والرابع من المبعدين الفلسطينيين، الذين انتقلوا من حيفا الى نابلس وتأسسوا جيدا وما زالوا يتلقون مخصصات كلاجئين. المنظمة حافظت، وتقريبا حبست اللاجئين في المخيمات في غزة. اسرائيل سلمت بالاونروا لأنها منحتها راحة مؤقتة، والحكومة والجيش ارادوا فقط الهدوء، “هدوء الآن”، وليذهب غدا الى الجحيم.
يغئال الون كان صوت وحيد ينادي في الصحراء باعتقاده أن على اسرائيل معالجة المشكلة وعدم اغماض العين. ولم يستجيبوا له. الآن الحديث يدور عن أن الولايات المتحدة وحلفائها سيتوقفون عن تمويل الاونروا، هذا توجه مناسب، لكنه يقتضي صقل وتوازن. وولف وشورتس اقترحا أن تبقى المساعدات كما هي، لكن الاونروا يتم حلها والاموال تنقل الى أيدي السلطة الفلسطينية للاحتياجات العامة. اللاجئون سيحصلون على الصنارة بدل السمكة. هذه فكرة يجدر تحريكها رغم أنه ليس هناك ضمان بأن خطوة دراماتيكية جدا ستستقبل بالترحاب في القدس.