دانييل فريدمان: ورقة حماس – من ناحيتهم، اسرائيل هي التي ردعت

بقلم : دانييل فريدمان (وزير العدل الاسبق)، يديعوت ٤-٦-٢٠١٨م
نتائج تبادل الضربات الاخيرة بين الجيش الاسرائيلي وبين حماس شوهاء للغاية من ناحية اسرائيل. ردت اسرائيل على موجة الهجمات على مواطنيها بقصف ليلي لسلسلة اهداف في القطاع. لم يصب أي من رجال حماس بأذى. كما أن الخلايا التي تطلق قذائف الهاون من حماس والجهاد الاسلامي خرجت هي الاخرى بلا أي ضر. وروى رئيس الوزراء بان حماس تلقت ضربة قاسية. مشكوك أن يكون الجمهور اقتنع بذلك. ولا بد ان حماس تعتقد خلاف ذلك.
من زاوية نظر حماس، اسرائيل هي التي ردعت. وذلك لانها خشيت من مواجهة على مستوى أوسع، كانت نتيجتها بلا شك اطلاق حماس لصواريخ على مسافات طويلة بوسعها الوصول حتى بئر السبع، اسدود، ريشون لتسيون وربما ايضا الى تل ابيب ومطار بن غوريون. معظم الصواريخ اعترضتها القبة الحديدية، ولكن يكفي سقوط بعضها على اهداف في هذه المناطق كي تلحق باسرائيل ضررا جسيما. هذا التهديد لا يزال معلقا فوق رأس اسرائيل، وحماس تعتقد أنه يكفيها أن تطلق النار دون خوف على بلدات غلاف غزة وترسل اليها الطائرات الورقية الحارقة.
ان التهديدان المحتملان المركزيان اللذان بوسعهما ان يردعا حماس عن هذه السياسة، الهدامة من ناحية اسرائيل هما التاليان: الاول، الخوف على حكمها؛ والثاني، الخوف من أن يجر اشتعال خطير تدهورا آخر في الوضع البائس لسكان غزة والذين تعد حماس كحكم مسؤولة عنهم. ولكن منذ زمن والاصوات من اسرائيل توضح لحماس بان هذين التهديدين ازيلا، وانها حرة في مواصلة افعالها دون خوف.
لقد صرح رئيس الوزراء، عندما كان في المعارضة، بانه عندما سيصبح في الحكم سيحرص على اسقاط حماس. وأطلق وزير الدفاع ليبرمان تصريحات مشابهة. لقد تبين بانه في هذه التصريحات لا يوجد ما هو حقيقي. وفضلا عن ذلك، فان الاصوات التي تطلق في اوساط محافل في الجيش الاسرائيلي، بل ومن داخل الحكومة تفيد بان اسرائيل معنية باستمرار حكم حماس، او على الاقل ان الجهات المسؤولة في اسرائيل تعتقد بان كل بديل آخر سيكون اسوأ. وهكذا ازيل العامل المركزي الذي بوسعه أن يردع حماس، الا وهو الخوف من فقدان حكمها.
اما العامل الثاني فهو مصير سكان غزة، الذي هو بالفعل سيء ومرير ومؤسف جدا. ولكن حماس تحاول، وبقدر لا بأس به من النجاح، ان ترفع عن نفسها المسؤولية عن وضعهم، وعلى الصعيد الدولي أن تدحرجها، بغير حق، الى اسرائيل. يتبين ايضا انها تحظى بالنجاح حتى في داخل اسرائيل نفسها. فمنذ زمن وتطلق في اسرائيل اصوات تؤيد تحسين وضع سكان غزة، دون اشتراط التحسين بتجريد القطاع. والادعاء هو ان التدهور في وضع السكان في غزة يعرض اسرائيل لخطر اكبر مما يعرض حماس للخطر، وتحسين شروط حياة سكان غزة سيؤدي الى أن يكون لهم ما يخسروه في حالة الاشتعال.
تفيد التجربة التاريخية بانه ليس في هذه الحجة ما هو حقيقي. فسيسر حماس أن تدحرج الى اسرائيل المسؤولية عن سكان القطاع. وبالنسبة لوضعهم – فقد كان افضل على مدى سنين غير قليلة كانوا فيها تحت حكم حماس، ومع ذلك لم يمنعها الامر من التسبب بالاشتعالات، وان كان واضحا لها بان الامر سيضر بالسكان الذين تحت حكمها. لم تمتنع حماس حتى عن خوض حملة الجرف الصامد على مدى اكثر من 50 يوما، استجدت فيها اسرائيل وقف النار، رغم الضرر الواضح الذي لحق بسكان القطاع.
ان استمرار الصراع يجب أن يتم انطلاقا من الفهم للطريقة التي ترى فيها حماس المواجهة. وحقيقة أن اسرائيل حساسة للمس بمواطنيها لا تعني ان حماس تعاني من حساسية مشابهة بالنسبة لسكانها وانها لا تخشى التضحية من أجل اهدافها. حساسية حماس هي أولا وقبل كل شيء حول حكمها. وعندما تمنحها اسرائيل الامان في هذه النقطة المركزية، فانها تفقد الورقة المركزية التي لديها.