شؤون مكافحة الاٍرهاب

«داعش» يتوسع فـــي إفريقيــا

يونس السيد *- 19/9/2020

منذ هزيمة «داعش» في سوريا، وخسارته لآخر معاقله على الأرض في بلدة الباغوز بريف دير الزور في مارس/آذار عام 2019، وتصفية زعيمه أبو بكر البغدادي في أواخر أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، انتهت عملياً دولته التي أعلنها في سوريا والعراق عام 2014، لتتجه أنظار العالم إلى وجهة التنظيم الإرهابي المقبلة، والتي كانت من دون شك إفريقيا؛ حيث كان يتسلل إليها حتى قبل احتدام الصراع على إنهاء وجوده في المنطقة.

كانت ليبيا وسيناء ونيجيريا ودول الساحل الإفريقي أبرز المحطات التي وضع فيها موطىء قدم قبل أن يتمدد في القارة السمراء، ويبدأ التوسع والانتشار في أكثر من منطقة استراتيجية؛ سعياً وراء قاعدة ثابتة أو حتى إقامة دويلة جديدة قرب المناطق الغنية بالنفط والغاز؛ لتمويل نفسه ذاتياً، مسفيداً من تجربته السابقة في سوريا والعراق، ما يطرح سؤالاً جدياً عما إذا كان التنظيم الإرهابي عاد ليشكل تهديداً عالمياً.

وبالعودة إلى هزيمة «داعش» التي أنهت جغرافيا «دولة الخلافة» المزعومة، فإن أحداً لم يتحدث عن انتهاء خطر «داعش» أو اعتبار أنه لم يعد يمثل تهديداً عالمياً، بما في ذلك التحالف الدولي؛ ذلك أن فلوله وخلاياه النائمة سرعان ما أعيد تنظيمها، لتبدأ نشاطها مجدداً في البادية السورية، وأجزاء واسعة من صحراء الأنبار وشمال العراق؛ لكن الأسوأ من ذلك هو عودة دول إقليمية؛ مثل: تركيا التي أسهمت من قبل برفده بعشرات آلاف المقاتلين الأجانب؛ عبر فتح حدودها لهم، وتعاونت معه في سرقة وبيع النفط السوري تحديداً، إلى توظيفه مجدداً في خدمة أهدافها ومصالحها؛ إذ لم تتردد أنقرة في إعادة تأهيل واستخدام المئات من مقاتليه في عملية ما يُسمى ب«نبع السلام» ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا، ومن ثم نقل مئات المقاتلين الإرهابيين إلى ليبيا؛ للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي، فيما كان التنظيم الإرهابي يسعى إلى تحويل ليبيا لقاعدة جديدة له؛ تعويضاً عن سوريا والعراق.

اليوم لم يقتصر وجوده على ليبيا، ولا على دول الساحل الإفريقي ونيجيريا؛ حيث أعلنت العديد من التظيمات المحلية مبايعته وتبعيتها له؛ بل بدأ يتقدم في موزامبيق الواقعة شرقي القارة، ويسيطر على مدن ومناطق غنية بالنفط والغاز في بلد فقير كان يأمل في استغلال هذه الثروة؛ لزيادة موارده المالية؛ وتحسين أوضاعه الاقتصادية. وآخر الأنباء الواردة من هناك؛ تفيد بسيطرة «داعش» على جزيرتين (ميتيندو وفاميزي) في المحيط الهندي، قبالة إقليم «كابو ديلغادو» الذي يمتلك موقعاً استراتيجياً قريباً من خطوط الملاحة الدولية في المحيط؛ حيث تشكلان نقطة عبور مهمة للشحن، وتطوير مشروع ضخم للغاز الطبيعي المسال، يعد واحداً من أكبر الاستثمارات في إفريقيا، ما يكشف عن أن أجندة «داعش» لا تزال على حالها في إرساء قاعدة استراتيجية ثابتة، تعتمد على التمويل الذاتي، وتعيد التنظيم الإرهابي إلى الواجهة؛ لتهديد الاستقرار والأمن العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى