أقلام وأراء

خيرالله خيرالله يكتب – إيران وسوريا… وكوريا الشمالية

خيرالله خيرالله ٢٨-٥-٢٠٢١م

هناك فارق بين الانتخابات الرئاسية في سوريا وتلك التي ستجري في إيران الشهر المقبل. في “الجمهورية الإسلامية” حيث فرض “المرشد” علي خامنئي مرشّحه إبراهيم رئيسي، المعروف بتشدّده، ليكون خليفة حسن روحاني، هناك في إيران محاولة لإنقاذ النظام من داخل النظام.  هل هذا ممكن؟ هذا السؤال سيطرح نفسه بحدّة في المستقبل القريب في ظلّ رهان إيراني على أن الإدارة الأميركية مصرّة على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران الموقع صيف العام 2015 في عهد باراك أوباما.

سيكون الرهان الإيراني، رهان “المرشد” أوّلا على جني ثمار العودة إلى الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة. يظلّ رهان “المرشد”، في أساسه، على رفع العقوبات الأميركية، وإن جزئيا، ووصول إيران إلى المليارات من الدولارات تستخدمها في الداخل من أجل تحسين وضع المواطن العادي الذي يعاني من تدهور الوضع الاقتصادي إلى درجة كبيرة.

إضافة إلى ذلك، عبر التمهيد لتولي إبراهيم رئيسي، وهو رجل “المرشد” رئاسة الجمهورية، تجري محاولة لإدخال تعديلات جذريّة على طبيعة النظام من أجل إنقاذه. ما خطّط له خامنئي يندرج في سياق واضح يصبّ في تمكين نجل “المرشد” ويدعى مجتبي من خلافة والده.

ليس سرّا أن “المرشد” هو كلّ شيء في نظام ولاية الفقيه الذي أسسه آية الله الخميني، وهو النظام الذي يتحكّم بإيران منذ العام 1979 حين فرض دستورا لا علاقة له بالديمقراطية، اعتمد احترام مقاييس ومواصفات معيّنة يلتزمها كلّ من يتولّى موقعا رسميا. من الواضح أنّ الخميني، الذي وضع إيران في عهدة رجال دين يؤمنون بنظرياته، في مقدّمها ولاية الفقيه، استبعد أفراد عائلته من الخلافة. كان متوقّعا أن يحل مكانه في مرحلة معيّنة حسين منتظري، خصوصا في مرحلة ما بعد انكشاف فضيحة “إيران غيت” التي تضمنت حصول إيران على أسلحة إسرائيلية في أثناء حربها مع العراق في ثمانينات القرن الماضي. لكنّ منتظري تعرّض لحملة قادها هاشمي رفسنجاني أدت إلى إزاحته مع كبار مساعديه الذين كشفوا “إيران غيت”. ساعد ذلك في حلول خامنئي في موقع الوليّ الفقيه إثر وفاة الخميني في العام 1989.

في كلّ الأحوال، تبدو إيران مقبلة على تغييرات داخلية تمسّ طبيعة النظام يريد خامنئي تفاديها عبر توريث ابنه وجعله في موقع “المرشد”. هل ينجح في ذلك؟ الأكيد أنّه سينجح نسبيا، في غياب مفاجأة كبيرة، نظرا إلى أنّه يمتلك كل السلطات في “الجمهورية الإسلامية” وهو الآمر الناهي في كلّ صغيرة وكبيرة. ما ليس أكيدا بقاء النظام الإيراني على حاله عندما يحلّ مجتبي خامنئي مكان والده الذي لم يكن يمتلك أصلا المؤهلّات الدينية التي تسمح له بخلافة الخميني. سيكون التحدي الجديد في إيران من نوع مختلف عن تلك التي تواجه النظام السوري الذي استطاع منذ ما يزيد على عشرين عاما اعتماد مبدأ التوريث. يختزل سؤال واحد التحدي الذي يواجه نظام الوليّ الفقيه: هل في استطاعة إيران أن تصبح كوريا شماليّة أخرى، أي نظام جمهوري قائم على التوريث؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى